ليس مستغرباً أن يعلن المفكر الفلسطيني د. عزمي بشارة «على الشعوب العربية دعم القضية الفلسطينية ثقافياً»، الأمر الذي يؤكد ضرورة النظر إلى بدائل إستراتيجية تعيد تعريف الحقوق الفلسطينية لتنقلها من الإطار القومي أو الديني الضيق إلى الإطار الدولي أو الكوني، وهذا طبيعي، لكسب تأييد أكبر عدد من الدول حول العالم، الأمر الذي يزيد من القدرات التفاوضية للفلسطينيين.
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أكبر وأعقد صراع من مخلفات الزمن الكولونيالي الغربي للشرق الأوسط، وكنتيجة مباشرة لوضعية العالم لما بعد الحرب العالمية الثانية، وهذا المقال لا يسلط الضوء على الجانب الأخلاقي للحضارة الغربية؛ لأنه مبحث مستقل ممكن تناوله بالتفصيل في المقالات القادمة لأهميته في مقاربة التصورات الغربية عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ذلك لأن أي محاولة لحل أو التوسط في حل نزاع بهذا الحجم يتطلب إلماماً كاملاً بجوانبه التاريخية والثقافية والدينية والجغرافية والقانونية.
إذا بدأنا بالجوانب القانونية للصراع فسنجد أهم وأول تحرك دولي كان من خلال ما سمي «بقرار تقسيم فلسطين-181» هو الاسم الذي أطلق على قرار الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة رقم 181 والذي أُصدر بتاريخ 29 نوفمبر 1947، ليس المقام هنا للبكاء على الأطلال أو جلد الذات والتحسر على الهزيمة تلو الهزيمة التي مني بها العرب أمام إسرائيل؛ لأن بعد ذلك تقاتل العرب فيما بينهم بسبب هذا الموضوع، وجميعنا نتذكر أيلول الأسود في الأردن 1970، والحرب الأهلية اللبنانية 1975، التي كان الوضع الفلسطيني السبب الرئيسي في اندلاعها، أو لنقل من الأسباب الرئيسية، كل هذا الضجيج العربي كان سبباً في تشتت المرجعية الفلسطينية، بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركتي حماس والجهاد الإسلامي. والفلسطيني مطحون بين شقي رحى المصالح الغربية من جهة والمصالح العربية من جهة أخرى لذلك من اللائق أدبياً تقبل الفلسطيني كما هو والتماس العذر ودعوتهم لتوحيد الصفوف فيما بين جميع الفصائل، أو أقلها توحيد مرجعية التفاوض.
كما بدأ الإطار القانوني يتشكل ارتكازاً على القرار 181، إلا أن هزيمة العرب في 1967 واحتلال إسرائيل أراضي عربية جديدة منها هضبة الجولان وسيناء لتتجاوز الحدود المنصوص عليها حتى في قرار التقسيم 181 الذي لم يقبله العرب، بذلك تمكنت إسرائيل من فرض حالة الأمر الواقع، وما تزال إسرائيل تستخدم ورقة الأمر الواقع في جميع مفاوضاتها المباشرة أو غير المباشرة مع الفلسطينيين. تبدو المشكلة الحقيقية التي تواجه الجانب الفلسطيني للمطلّع على محاضر المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، بدءاً من مؤتمر مدريد، 30-10-1991، وإعلان مبادئ اتفاق «أوسلو» والذي كانت الانطلاقة فيه على أساس القرارين 242 و338، وهما قراران: الأول لوقف إطلاق النار بعد حرب ما عرف بحرب عيد الغفران، والقرار الأهم 242 المتعلق بضرورة انسحاب الإسرائيليين من الأراضي التي احتلتها في 1967.
في عالم اليوم الحروب تخاض بالتفوق التكنولوجي والعلمي، وبالنسبة للقضية الفلسطينية بالقدرات التفاوضية والدبلوماسية والإقناع، ذلك أن دراسة الأزمة بشكل أعمق تتطلب كثيراً من الموارد وسعياً دولياً مؤسسياً، وفي هذا السياق تأتي أهمية الاتفاقية المبرمة بين مملكة البحرين وإسرائيل. وهناك الكثير على الأرض مكن تحقيقه للفلسطينيين للجوانب الإنسانية والأساسية كمصادر المياه والكهرباء والتخلص من النفايات وغيرها من ضرورات الحياة، فإن كانت البحرين سبباً في التخفيف عن الشعب الفلسطيني أعباء حياته اليومية سيكون ذلك مكسباً لنا جميعاً، ونحو دبلوماسية واعية ترفض أن يتم استخدامها كعنصر ضغط على أي من الأطراف، تلك لغة المفاوضات وتلك لغة العصر.
* مستشار قانوني
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أكبر وأعقد صراع من مخلفات الزمن الكولونيالي الغربي للشرق الأوسط، وكنتيجة مباشرة لوضعية العالم لما بعد الحرب العالمية الثانية، وهذا المقال لا يسلط الضوء على الجانب الأخلاقي للحضارة الغربية؛ لأنه مبحث مستقل ممكن تناوله بالتفصيل في المقالات القادمة لأهميته في مقاربة التصورات الغربية عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ذلك لأن أي محاولة لحل أو التوسط في حل نزاع بهذا الحجم يتطلب إلماماً كاملاً بجوانبه التاريخية والثقافية والدينية والجغرافية والقانونية.
إذا بدأنا بالجوانب القانونية للصراع فسنجد أهم وأول تحرك دولي كان من خلال ما سمي «بقرار تقسيم فلسطين-181» هو الاسم الذي أطلق على قرار الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة رقم 181 والذي أُصدر بتاريخ 29 نوفمبر 1947، ليس المقام هنا للبكاء على الأطلال أو جلد الذات والتحسر على الهزيمة تلو الهزيمة التي مني بها العرب أمام إسرائيل؛ لأن بعد ذلك تقاتل العرب فيما بينهم بسبب هذا الموضوع، وجميعنا نتذكر أيلول الأسود في الأردن 1970، والحرب الأهلية اللبنانية 1975، التي كان الوضع الفلسطيني السبب الرئيسي في اندلاعها، أو لنقل من الأسباب الرئيسية، كل هذا الضجيج العربي كان سبباً في تشتت المرجعية الفلسطينية، بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركتي حماس والجهاد الإسلامي. والفلسطيني مطحون بين شقي رحى المصالح الغربية من جهة والمصالح العربية من جهة أخرى لذلك من اللائق أدبياً تقبل الفلسطيني كما هو والتماس العذر ودعوتهم لتوحيد الصفوف فيما بين جميع الفصائل، أو أقلها توحيد مرجعية التفاوض.
كما بدأ الإطار القانوني يتشكل ارتكازاً على القرار 181، إلا أن هزيمة العرب في 1967 واحتلال إسرائيل أراضي عربية جديدة منها هضبة الجولان وسيناء لتتجاوز الحدود المنصوص عليها حتى في قرار التقسيم 181 الذي لم يقبله العرب، بذلك تمكنت إسرائيل من فرض حالة الأمر الواقع، وما تزال إسرائيل تستخدم ورقة الأمر الواقع في جميع مفاوضاتها المباشرة أو غير المباشرة مع الفلسطينيين. تبدو المشكلة الحقيقية التي تواجه الجانب الفلسطيني للمطلّع على محاضر المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، بدءاً من مؤتمر مدريد، 30-10-1991، وإعلان مبادئ اتفاق «أوسلو» والذي كانت الانطلاقة فيه على أساس القرارين 242 و338، وهما قراران: الأول لوقف إطلاق النار بعد حرب ما عرف بحرب عيد الغفران، والقرار الأهم 242 المتعلق بضرورة انسحاب الإسرائيليين من الأراضي التي احتلتها في 1967.
في عالم اليوم الحروب تخاض بالتفوق التكنولوجي والعلمي، وبالنسبة للقضية الفلسطينية بالقدرات التفاوضية والدبلوماسية والإقناع، ذلك أن دراسة الأزمة بشكل أعمق تتطلب كثيراً من الموارد وسعياً دولياً مؤسسياً، وفي هذا السياق تأتي أهمية الاتفاقية المبرمة بين مملكة البحرين وإسرائيل. وهناك الكثير على الأرض مكن تحقيقه للفلسطينيين للجوانب الإنسانية والأساسية كمصادر المياه والكهرباء والتخلص من النفايات وغيرها من ضرورات الحياة، فإن كانت البحرين سبباً في التخفيف عن الشعب الفلسطيني أعباء حياته اليومية سيكون ذلك مكسباً لنا جميعاً، ونحو دبلوماسية واعية ترفض أن يتم استخدامها كعنصر ضغط على أي من الأطراف، تلك لغة المفاوضات وتلك لغة العصر.
* مستشار قانوني