رؤى الحايكي
بعد حوالي عامين على بداية الجائحة، بدأت الحياة تعود لمجراها الطبيعي ولكن الملاحظ بأن سلوكنا وطباعنا وطريقة تفكيرنا لم تعد كسابق عهدها. لقد تأثرنا جميعنا سلباً وإيجاباً بدرجة أو بأخرى، وعلى الرغم من توقنا أن نعيش الحياة بجمالها وتحدياتها من غير قيود إلا أننا أصبحنا حذرين من كل شيء حولنا سواء بوعي منا أو من غير وعي. في المقابل أستطيع أن أقول بأن الغالبية العظمى من الناس مرنة وتستطيع أن توجد معادلات جديدة للتأقلم ولكن هناك فئة تأثرت كثيراً عندما انعزلت اجتماعياً في فترة الجائحة وابتعدت عن الحياة و تقوقعت على نفسها. الحقيقة بأن التجربة كانت صادمة ولم يتمكن كثيرون من التعامل معها في البداية ولكننا وبنسب مختلفة تجاوزناها.
لقد تعلمنا من الجائحة كيفية التعامل مع الشعور بفقدان السيطرة، السيطرة على روتين حياتنا ومعرفة أدوارنا وأدوار من حولنا بوضوح. فهل خرجنا من التجربة بمرونة أكثر أم أننا نتوق الآن للسيطرة أكثر وأكثر على ما سلبتنا إياه الجائحة من سيطرة؟ أن هناك من يقاوم التغيير والمرونة والتطور ولا يريد أن يستوعب بأن الجائحة أعطت ولا تزال تضيف أبعاداً أخرى لدور الإنسان وحجم سيطرته على حياته. لاحظنا كيف طورت الجائحة أساليب حياة لم تكن تخطر على البال، فوجدنا العمل من المنزل والدراسة من المنزل وتبادل الأحاديث والتحية مقتصراً على وسائل التواصل الإلكترونية والبعد عن التفاعل الشخصي المباشر. وعلى الرغم من عودة الحياة لطبيعتها إلا أن هناك من لا يزال يفضل الابتعاد عن التجمعات العائلية والفعاليات المختلفة ليس حرصاً على صحته وصحة من حوله ولكنها ذريعة يستخدمها لأنه لم يعد الشخص ذاته. لقد أصبح يقدر وقته وخصوصيته وتعلم من التجربة ما جعله ينتقي ويختار فالبعد الفيزيائي والوجداني الذي منحتنا إياه الجائحة كان فرصة لتقييم حياتنا وفهم نواقصها، فرصة لبدء حياة جديدة بعيدة عن اللامعنى. فمثلاً هناك من لايزال يفضل العمل من المنزل لكي يبتعد عن أجواء العمل السلبية وعدم القدرة على التركيز في أوساط اجتماعية متطلبه لاتقيس نسبة العطاء والإنتاجية بل تقيس نسبة النفاق والتملق. لقد غيرتنا الجائحة كثيراً وعلى الرغم من العودة للحياة الطبيعية إلا أن الراحة في البعد والخصوصية التي أوجدتها الجائحة نالت تقديراً مضاعفاً عند البعض منا لدرجة الشعور بالحنين لتلك الأيام. الحنين للبعد عن الناس والصخب، البعد عن النفاق والاستغلال الاجتماعي، البعد عن ضياع الوقت والجهد، البعد عن الزيف والخيال والتمثيل.
{{ article.visit_count }}
بعد حوالي عامين على بداية الجائحة، بدأت الحياة تعود لمجراها الطبيعي ولكن الملاحظ بأن سلوكنا وطباعنا وطريقة تفكيرنا لم تعد كسابق عهدها. لقد تأثرنا جميعنا سلباً وإيجاباً بدرجة أو بأخرى، وعلى الرغم من توقنا أن نعيش الحياة بجمالها وتحدياتها من غير قيود إلا أننا أصبحنا حذرين من كل شيء حولنا سواء بوعي منا أو من غير وعي. في المقابل أستطيع أن أقول بأن الغالبية العظمى من الناس مرنة وتستطيع أن توجد معادلات جديدة للتأقلم ولكن هناك فئة تأثرت كثيراً عندما انعزلت اجتماعياً في فترة الجائحة وابتعدت عن الحياة و تقوقعت على نفسها. الحقيقة بأن التجربة كانت صادمة ولم يتمكن كثيرون من التعامل معها في البداية ولكننا وبنسب مختلفة تجاوزناها.
لقد تعلمنا من الجائحة كيفية التعامل مع الشعور بفقدان السيطرة، السيطرة على روتين حياتنا ومعرفة أدوارنا وأدوار من حولنا بوضوح. فهل خرجنا من التجربة بمرونة أكثر أم أننا نتوق الآن للسيطرة أكثر وأكثر على ما سلبتنا إياه الجائحة من سيطرة؟ أن هناك من يقاوم التغيير والمرونة والتطور ولا يريد أن يستوعب بأن الجائحة أعطت ولا تزال تضيف أبعاداً أخرى لدور الإنسان وحجم سيطرته على حياته. لاحظنا كيف طورت الجائحة أساليب حياة لم تكن تخطر على البال، فوجدنا العمل من المنزل والدراسة من المنزل وتبادل الأحاديث والتحية مقتصراً على وسائل التواصل الإلكترونية والبعد عن التفاعل الشخصي المباشر. وعلى الرغم من عودة الحياة لطبيعتها إلا أن هناك من لا يزال يفضل الابتعاد عن التجمعات العائلية والفعاليات المختلفة ليس حرصاً على صحته وصحة من حوله ولكنها ذريعة يستخدمها لأنه لم يعد الشخص ذاته. لقد أصبح يقدر وقته وخصوصيته وتعلم من التجربة ما جعله ينتقي ويختار فالبعد الفيزيائي والوجداني الذي منحتنا إياه الجائحة كان فرصة لتقييم حياتنا وفهم نواقصها، فرصة لبدء حياة جديدة بعيدة عن اللامعنى. فمثلاً هناك من لايزال يفضل العمل من المنزل لكي يبتعد عن أجواء العمل السلبية وعدم القدرة على التركيز في أوساط اجتماعية متطلبه لاتقيس نسبة العطاء والإنتاجية بل تقيس نسبة النفاق والتملق. لقد غيرتنا الجائحة كثيراً وعلى الرغم من العودة للحياة الطبيعية إلا أن الراحة في البعد والخصوصية التي أوجدتها الجائحة نالت تقديراً مضاعفاً عند البعض منا لدرجة الشعور بالحنين لتلك الأيام. الحنين للبعد عن الناس والصخب، البعد عن النفاق والاستغلال الاجتماعي، البعد عن ضياع الوقت والجهد، البعد عن الزيف والخيال والتمثيل.