أمل الحربي


تظهر ظواهر مختلفة لأسباب كثيرة، منها ما يتطور وينتشر ومن ثم يختفي، وكل شيء طبيعي بالحياة له وقته وأوانه الذي يصبح فيه لامعاً ثم إذا لم يكن على أسس ثابتة قوية يختفي أو يقل سطوعه أو يصبح ضعيفاً.

ظهرت الكثير من الظواهر كظهور وسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها، ومن ثم ظهر مشاهير بها كما يطلق عليهم «مشاهير السوشيال ميديا»، وأصبحت بعض المجتمعات تقلدهم ويعتبرونهم قدوة لهم، وأيضاً أصبح يهتم المجتمع بأخبارهم ومتابعتهم بيومياتهم، والبعض أصبح أغلب وقته يتابعهم بشغف، لكنّ بعضهم لا يستمر -ممكن بسبب ما يطرحونه من محتوى بعضه لا يناسب جميع المجتمع- فلا يشد المجتمع. وأيضاً كمثال على الظواهر ظهور قصّات شعر معينة أو لباس معين وألوان معينة تصبح موضة «فاشن»، هذا ما أعنيه بالظواهر وهي بنظري شيء يظهر إلى السطح فترة من الزمن ويختفي وتحل مكانه ظاهرة أخرى جديدة أوقديمة وتعود للظهور مرة أخرى، وهناك ظواهر مفيدة للمجتمع وبعضها لا يفيد المجتمع، لكن يعود الاختيار للمجتمع وللأشخاص بطريقة اختيارهم ما يناسبهم اجتماعياً وثقافياً.

ظهرت بالآونة الأخيرة ما أسميه موضة الثقافة، حصراً تأليف الكتب بأنواعها المختلفة، وسابقا كان المؤلفون والكتاب قليلين وكان من يؤلف كتاباً هو عبقري ومثقف ويشار إليه بالبنان ويحتفى به بشكل كبير وتستمر مؤلفاته سنوات وأجيالاً عدة لجودة مؤلفاته بكل المقاييس لغوياً وثقافياً واجتماعياً، لكن ما لاحظته منذ فترة ليست بالبعيدة أنه الآن أصبح البعض يؤلف كتباً فقط لمجاراة الموضة الثقافية، كما أسميتها بوجهة نظري، وبعض الكتب تتمحور إما على موضوع معين كتدوين وكتابة ذكريات الكاتب والمؤلف وحياته وسيرته أو فقط يؤلف البعض كتاباً لمجرد الكتابة والظهور فقط واللمعان بالمجتمع، لكن أكيد هناك بالمقابل مؤلفون نستفيد ونتعلم منهم ونفخر بهم لأنهم يتطرقون لمواضيع مفيدة ومؤثرة تأثيراً إيجابياً مفيداً على المجتمع والأفراد، وكتبهم فيها معلومات قيّمة للمجتمع والأسرة.

هناك بعض مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي ممن لهم قاعدة جماهيرية واسعة وكبيرة، منهم من أصبحوا فجأة كتاباً ومؤلفي كتب. هل كانت عندهم موهبة مدفونة وظهرت عندما حصلوا على الشهرة؟ هل لم تكن لديهم الجرأة لتأليف كتب ولكن الشهرة فجرت موهبة التأليف لديهم؟ أسئلة كثيرة تدور بتفكيري، ولكن الذي لا نختلف عليه أنه مجال التأليف والكتابة جميل، فهو يجعل الإنسان أو الفرد يعبر عما بداخله ويشارك به الآخرين، لكن الأهم والمهم هو جودة الكتاب أو الرواية بكل المقاييس اللغوية والكتابية والمعلومات أو القصة وحبكتها قصصياً.

إن للتأليف أصولاً وقواعد سواء تأليف رواية أو كتاب، وألا يكون فقط ظاهرة أو لمجرد الظهور أكثر، لذلك يجب أن يضع المؤلف أمام عينيه أن ما يؤلفه سيقرؤه أفراد المجتمع بكل طباقاته وثقافاته، فيجب أن يكون واعياً لما يكتبه ويحدد ما سيكتبه من معلومات أو قصص او رواية، ويرى هل ستناسب مجتمعه؟ ويجب أن يحدد هدفه وهدف الكتاب وهل أنه سيكتب الكتاب لمجرد الشهرة فقط؟ أو لفائدة المجتمع؟ وما هوالورق المستخدم والعنوان والطباعة وجودتها؟ هذه كلها تساؤلات مهمة يجب أن يطرحها الكاتب والمؤلف على ذاته.

لا ينتهي الحديث عن هذا الموضوع لأهميته، لأن الكتابة والتأليف تصل لقلوب القراء قبل أعينهم، فهم يتفاعلون بما يقرؤونه، لذلك يجب على مؤلف الكتاب أن يكون متمرّساً على الكتابة وعارفاً ومطلعاً على أسسها وقواعدها.