إيهاب علي - عضو جمعية السكري البحرينية - رئيس فريق الشباب
لطالما عشقت مجال الطيران منذ الطفولة. لست أدري إن كنت عاشقاً للتحدي؟ أم أنني مجرد هاوٍ للسفر واكتشاف أرض الله الواسعة. ولكن كانت مشيئة الله فوق إرادتي فالتحقت بكلية الهندسة الميكانيكية عوضاً عن كلية هندسة الطيران التي لطالما حلمت بها.
وبعد أن أصبحت على بعد خطوات من إنهاء مشواري الجامعي، استيقظت ذات يوم على سرير في أحد المستشفيات الحكومية.
لم أتيقن حينها إن كان ما أعيشه كابوساً أم حقيقة، لكن سرعان ما تأكدت من أنه ليس بحلمٍ حين وخزت الممرضة طرف إصبعي لفحص مستوى السكر. وفي أول ساعات نهار ذلك اليوم تم تشخيصي بالإصابة بالنوع الأول من داء السكري. لم تكن المشكلة حينها في ألمٍ ألمّ بي، لكن من قلق من مستقبل مبهم.
لقد كنت في ريعان شبابي وقتئذ، وعلى بعد شهور من إنهاء مشواري الجامعي. تساءلت هل آن الأوان أن أضع حداً لأحلامي وخططي المهنية والاجتماعية لهذا الداء؟ لم أكن أعلم حتى تلك اللحظة عن أي تفاصيل عن داء السكري لا بأنواعه ولا بكيفية التعايش معه. لربما كان جهلي بهذه المعلومات هو منبع قلقي، وكانت تلك اللحظة الحاسمة منعطفاً لبداية جديدة. فإما أن أقبل التحدي كما أسلفت في حياتي المهنية وأتقبل السكري بنمط حياة جديد يليق به، أو أخضع له منهزماً.
لذلك، قبلت التحدي. لم تكن خطوة سهلة بتاتاً، فلم يسبق لأحد من عائلتي أو أصدقائي إصابته بالسكري. كان الطاقم الطبي هم دليلي الوحيد آنذاك في بداية رحلتي مع السكري وقد نصحني بعضهم بالاطلاع والتثقيف المستمر عن الداء، فللطبيب دور كبير في مساعدة مريضه، لكن كما قيل «الإنسان طبيب نفسه»، ولذلك أمضيت ساعات في البحث عن أنواع السكري وطرق التعامل معه وكيفية المحافظة على مستوى صحي للسكري، إضافة إلى تواصلي مع العديد من مصابي السكري للتعرف على تجربتهم.
لم تكن هذه الفترة نقطة تحول في نمط حياتي الصحي فقط، إنما كانت نقطة انتهاء حياتي الأكاديمية ساعياً إلى مستقبلي المهني. ارتابني قلق شديد بأن يتم رفضي بسبب السكري، لكن شاء الله أن يوفقني بانضمامي للمجال الذي حلمت أن أعمل فيه. لم يكن السكري مصدر ضعف قط، بل بخلاف ذلك، تسلقت جبالاً وشاركت في سباقات للجري إضافة إلى عشرات الكيلومترات التي قطعتها بدراجتي وغيرها من الأنشطة البدنية لأثبت لنفسي قبل أن أثبت للعالم أن السكري لم ولن يكون أبداً مصدر ضعف أو عائق لاجتاز أي تحدٍ في حياتي.
وهأنذا، أحتفل اليوم بمرور 8 سنوات على إصابتي بالسكري، وأنا قائد لفريق في المجال الذي لطالما عشقته. ختاماً، ليست من المعوقات أبداً الإصابة بداءٍ أو حتى بالمرور بأي تحدٍ، إنما من الخطأ الخضوع لهذه التحديات والعجز عن مواجهتها والاستسلام لها.