عندما تلامس النعم الجليلة النفوس واﻷجساد كرماً وتفضلاً من لدن المولى جل جلاله، يزهر موسم اﻹبداع والتفوق لمن طالته تلك النعم التي يسبغها الله سبحانه وتعالى على خلقه دون تمييز.

الهبة اﻹلهية ثروات شاخصة لا تحابي أصناف البشر بأعراقهم وأعمارهم وﻻ تفرق بين سوي وضعيف وﻻ غني وفقير، فالجميع ينعم بها من دون مقابل، كما للشخص السوي أن يستهلك ما يخصه الله من مواهب في موضعها السليم، ويسعى لنمائها حتى تصبح هوية تميزه عن اﻵخرين، وقد يسير على نهج السعي ذاته أشخاص من ذوي الهمم باعتبارهم وسماً بارزاً للعزيمة والتحدي.

ذلك ما لفتني إعجاباً، حينما كنت منخرطة في عملي الصحفي التطوعي المؤقت بجريدة اﻷيام، حيث قمت بإعداد تقرير صحافي عن أبرز الملهمين من ذوي الهمم ممن يمثلون صور اﻹرادة والموهبة خير تمثيل، ومن بينهم الشاب (ع.م) وهو أحد طلبة مركز الحد لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة من فئة اﻹعاقة الذهنية، والقابل للتعلم وهو أيضاً رسام مبدع، ينتج بفرشاته العديد من اللوحات الفنية والرسوم الرائعة والمتمثلة في الوجوه والمناظر الطبيعية كالأشجار والزهور والبحار.

ويفضل الشاب رسم أشكال دائرية يبرز منها عملاً فنياً مميزاً بمعية الفرشاة واﻷلوان المائية والزيتية، مراعياً الدقة في رسم الخطوط والمنحنيات وتوظيفها بشكل سليم، وذلك جعله مميزاً عن سائر زملائه بقوة اﻹرادة واﻹصرار على الطرق المبتكرة في الرسم وتلقي دروس إضافية في كيفية التلوين بمختلف اﻷلوان مما جعله يخضع للعديد من الدورات والورش التدريبية لتطوير مهاراته في الرسم، والانتقال من مرحلة إلى أخرى في اكتساب المعرفة وعدم الاقتصار على مرحلة واحدة.

فرشاة (ع.م) جسدت صور اﻹصرار والتحدي وقهر المستحيل في لوحات فنية مبدعة عرضت في المعرض الفني الذي أقيم في ليفربول بالمملكة المتحدة، وسنحت له أيضاً بالمشاركة في مسابقة الرسم الخليجية في دولة الكويت، ليفوز بالمركز الثاني على مستوى دول الخليج العربي، كما تم تكريمه من قبل وزير التربية والتعليم الدكتور ماجد بن على النعيمي للطلبة الموهوبين من ذوي الاحتياجات الخاصة في صرح الميثاق.

ويحظى الشاب وغيره من زملائه الطلبة بتوفير البيئة الملائمة لتبني مواهبهم في الرسم وغيرها، عبر الخدمات التعليمية والرعاية التأهيلية من قبل إدارة المركز، التي عبدت الطريق لتخطي العقبات وتذليل وقهر التحديات، وصقل مواهب الطلبة والدفع بها إلى اﻷفضل.

البحرين تزخر بإنجازات أبنائها المبدعين الذي رسموا البحرين على خارطة التميز في جميع المحافل، مما جعلها تحتل مكانة رائدة على المستوى التعليمي والتدريب واكتساب المهارات.

جميل أن ينعم اﻹنسان بهبات تكون المحرك الفاعل لتميزه وتقدمه في مجال ما، ليبرز إنتاجه الواسع في خدمة مجتمعه ورفعة وطنه.

إيمان عبد العزيز