نور السيد - باحثة في الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات


من الجميل أن نعيش في هذه الحقبة من الزمن ونواكب كل هذه التطورات بسبب ثورة الذكاء الاصطناعي، فاليوم نرى سيارات قادرة على التحرك بدون سائق، أدوات ذكاء اصطناعي قادرة على محاكاة قدرة الإنسان في الانخراط في محادثة والنجاح في امتحانات عالمية وتخصصيه مما أثار مخاوف الأفراد على وظائفهم و إنتاجهم ولكن يبقى السؤال هل الذكاء الاصطناعي يفهم العالم؟

من قصص الفلسفة التي تحاكي واقع الذكاء الاصطناعي والتي نشرها جون سيرل في 1980 هي قصة الرجل المتحدث باللغة الإنجليزية في غرفة في الصين، كل شيء حوله باللغة الصينية يتمكن من فهم منشور باللغة الصينية من خلال كتاب قواعد التلاعب بالرموز، هو لا يتقن اللغة الصينية ولكنه تمكن من فهم مضمون المنشور من خلال تحويل ما لا يفهم لشيء هو قادر على فهمه.

كذلك الذكاء الاصطناعي يقوم بدراسة البيانات المدخلة إليه والبحث عن أنماط في هذه البيانات فيحولها إلى إحصائية وبذلك يستطيع فهم المهمة الموكلة إليه، مثلا Chat GPT وهو أداة ذكاء اصطناعي قادرة على صنع محادثة مع الإنسان والتطرق في محادثات عميقة ليست قادرة فعلياً على فهم ما يطلبه ولا حتى قادرة على فهم ما تجيب به بل هي مدربة على مجموعة من البيانات النصية الضخمة استطاعت تحديد أنماط للكلمات من حيث الترتيب والمعنى والموضوع وحتى المشاعر المرتبطة بهذه الجمل والكثير من الأنماط وتحويلها إلى احصائيات مترابطة تساعده على الفهم.

من خلال هذه الأنماط يبني الذكاء الاصطناعي عالماً من الإحصائيات و الأنماط يساعده في تكوين حلول مبتكرة فهو لا يكرر ولكن من خلال ترابط هذه الإحصائيات يستطيع ابتكار حلول جديدة ويستطيع ملاحظة ما قد يغفل عنه الإنسان.

عند التدقيق نجد أن أدوات الذكاء الاصطناعي لا تستطيع فهم ما تفعله في بعض الأحيان من خلال الإجابة بإجابات غير واقعية أو غير منطقية فقط لأنها وجدت ترابطاً بين الإحصائيات عندها، ومثال على ذلك عندما نشرت مايكروسوفت روبوت الشات الخاص بها في «تويتر» الذي يتعلم من المحادثة مع الناس تفاجأت بأنه ينشر منشورات عنصرية ويثير الفتنة نتيجة لتعلمه ذلك من البيانات المدخلة من قبل الناس مما أدى إلى توقيفه، وهذا دليل كبير أن الذكاء الاصطناعي لا يفهم ولكنه يبني ويربط الإحصائيات من البيانات المدخلة اليه فيبدو وكأنه يفهم، ولكن للعلماء بعض المحاولات الجادة لتجاوز هذا الاعتماد ولا نعلم قد يتم ذلك قريباً.