أ. بسمة عبدالله عندما أتأمل في أحوال الطلاب أرى أن الحماس والنشاط في بداية العام يصل إلى أعلى درجاته ويبدأ الطلاب أيامهم الأولى عازمين مُصّرين على المضي قدماً والتفوق في الدراسة، كالفارس المغوار يمتطي صهوة جواده منطلقاً بأقصى سرعته في حلبة السباق باذلاً قصارى جهده للفوز على أقرانه ونيل البطولة، ولكن مع مرور الأيام يخفت ذلك الحماس ويقل النشاط وتضعف العزيمة ويتسرب الإهمال وعدم الاهتمام إلى النفوس حتى يصل إلى أدنى درجاته مما يؤدي إلى العزوف عن الدرس والجري وراء الملهيات والمغريات التي تشغل الفكر وتوهن الجسد وتُمرض الروح وما أكثرها في وقتنا الحالي.لماذا يخفت بريق حماسنا وتثبط عزيمتنا بهذه السرعة؟ بسبب ضعف الإرادة وضعفها ناتج عن النسيان، والنسيان ممكن أن يكون بشكل مقصود بمعنى التغافل وعدم الاكتراث للشيء (التناسي) وممكن أن يكون غير متعمد، وضعف الإرادة من أهم أسباب الفشل والتخلف ليس في الدراسة فقط وإنما في الحياة بشكل عام وليس للطالب فقط وإنما يشمل الكبار والراشدين أيضاً. يقول سبحانه وتعالى في محكم كتابه «ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسِي ولم نجد له عزماً»، «سورة طه: 155»، أي لقد وصينا آدم وأمرناه، وعهدنا إليه عهداً ليقوم به، فالتزمه، وأذعن له وانقاد، وعزم على القيام به، ومع ذلك نسي ما أمر به، وانتقضت عزيمته، فجرى عليه ما جرى، فصار عبرة لذريته، وصارت طبائعهم مثل طبيعته، نسي آدم فنسيت ذريته، وخطئ فخطئوا، ولم يثبت على العزم المؤكد، وهم كذلك.كيف نقوي إرادتنا؟ الإرادة هي أساس كل نجاح وبدونها لا نستطيع أن نمضي قدماً لتحقيق الأهداف وهي ثلاثة أنواع الحب، والخوف، والرجاء فمتى وجد أحدهما وجدت الإرادة ومتى تخلفت جميعها تخلفت الإرادة، فإذا أردنا قوة الإرادة وعلو الهمة فإن هذا يحصل بتقوية هذه الجوانب النفسية الثلاثة لكل ما يراد تنفيذه وتحقيقه. فالمريض لن يتناول الدواء حتى لو أكره عليه بينما لو وجدت القناعة والرغبة تجده يبذل جهده لتحصيله وبالتالي تناوله وهكذا هو تحصيل العلم، ضع الهدف أمام عينيك واعمل بشكل متواصل ودؤوب، دون خوف أو ملل وكن صبوراً وشغوفاً بما تعمل.وأختم مقالي بمقولة لنابليون بونابرت عندما قيل له يوماً إن جبال الأرض شاهقة تمنع تقدمك فقال: «يجب أن تزول من الأرض». الإرادة تصنع المعجزات هكذا نربي الأجيال والمجتمع على الإصرار والتغلب على الصعاب والنهوض مجدداً كل ما واجهنا السقوط والانحدار، فلا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس.