أميرة صليبيخ


أن تشتري كتاباً سيئاً يشبه إلى حدٍّ ما التورط برفقة شخص غير مناسب! فأنت لا تعرف أبداً ما الذي ستكتشفه ما إن تقترب منه. ولذلك فأنا أحاول دائماً ألا أقع في مصيدة شراء الكتب بناء على توصيات الآخرين، أو وفق قوائم الكتب الأكثر مبيعاً أو حتى شهرة المؤلف نفسه، فالتجارب التي مررت بها والكتب التي كنت ضحيتها، كفيلة بأن أتمهّل كثيراً قبل أن أصحب أي كتاب معي إلى البيت!

في السابق كنت أتأثر بخيارات الآخرين وإصرارهم على قراءة إصدارات معينة، كما كنت أخضع لسطوة الأغلفة المبهرة وألوانها، ونوعية الورق، ونوعية الخط، وحجم الصفحات وغيرها من عوامل كانت كفيلةً بوقوعي في حالة «تنويم مغناطيسي» تجعلني أشتري أكواماً من الكتب دون التأكد من جودة محتواها.

أما الآن، فأختار كتبي بوعي وحذر. لابد أن تكون الكتب قيمة وذات مواضيع محفّزة تجعلني أفكر وأبحث كثيراً، وأن تكون مكتوبة بلغة تقطر عذوبة كأنها شِعر، حتى أكون مستمتعة بالقراءة، كطفلٍ في حديقة الملاهي! يهمني المحتوى والأسلوب على اعتبار أنهما عنصران أساسيان في تقييم للكتب. فالقراءة ليست فعلاً ذهنياً فقط، بل هي فعل يحرك الحواس كلها ويجعلها يقظة، وما لم يكن الكتاب الذي تقرؤه بهذه المواصفات فلا داعي لإكماله.

ومع الوقت وكثرة القراءة ستصبح أكثر خبرة بالكتب ودور النشر وتصميم الأغلفة ونوعية الورق وستَألَف حتى المصممين وتعرف أعمالهم، فلا يغريك بعدها أي كتاب مهما لمع غلافه وزادت طبعاته، فأنت في النهاية تشتري المحتوى وليس الغلاف.

ومن الدروس التي تعلمتها كانت أثناء زيارتي للأردن عام 2013 بغرض شراء الكتب. فهي معروفة بمكتباتها الشعبية التي تضم كنوز الإصدارات القديمة والحديثة والنادرة أيضاً بأسعار جيدة. فقررت -من بعد قراءتي لرواية «الخيميائي» آنذاك أن أشتري جميع إصدارات باولو كويلو. حيث من عادتي عندما أُعجب برواية أو كاتبٍ ما أقوم باقتناء كافة إصداراته. ثم كانت الصدمة بعد عودتي للبلاد ونزع الغلاف البلاستيكي عنها، إذ اكتشفت رداءة الترجمة ورداءة الورق ورداءة الطباعة، فما كان مني إلا أن تخلصت من المجموعة بأكملها كمن يتخلص من أظافره – غير مأسوفٍ عليها! لذا فأنا أنصح من لديه كتبٌ لا تناسبه أن يتبرع بها للقرّاء الجدد، أو لإعادة تدويرها، ولا يتركها مهملة على الأرفف ليستقر فوقها الغبار.

إن عملية شراء الكتب تتطلب من القارئ أن يحرص على إعداد قوائمه قبل الشراء وأن يأخذ وقته الكافي في البحث عنها. فما يدخل عقلك من محتوى جدير بأن يكون شيئاً نافعاً ويستحق العناء. فعقلك أغلى ما تملك. فبماذا تريد أن تحشوه؟