حنان الخلفان


قرأتُ في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي قصة جميلة وبها عبرةٌ تحكي: أن هناك غزالة حاملاً، لما اقترب موعد ولادتها ذهبت لمكانٍ بعيد في أطراف الغابة قرب النهر، وفجأة وهي تلد بدأت السماء ترعد وتبرق مما تسبب بحريق كبير في الغابة، نظرت إلى شمالها فرأت صياداً يحاول اصطيادها بالسهم، ونظرت عن يمينها وإذا بأسدٍ جائع اقترب ليفترسها، فالغزالة هنا إما أن تموت من الأسد أو من الصياد وإما أن تحترق في الغابة وإما أن تغرق في النهر، فالمخاطر تحيط بها من كل جانب وليس لها مفر أو خلاص.

ماذا ستفعل؟ هل تحزن وتكتئب؟ هل تستطيع الركض وهي ضعيفة أصلاً؟ أم تستسلم للنهاية؟ فقررت الغزالة أن تفعل الشيء الذي رأتهُ مناسباً وهو أنها ركزت في ولادتها، فما الذي حصل؟ البرق أعمى الصياد فخرج السهم الذي كان موجهاً باتجاه الغزالة وأصاب الأسد الجائع فمات فوراً، الأمطار نزلت بغزارة فأطفأت حريق الغابة، وولدت الغزالة الرايقة بسلام.

في حياتنا الواقعية لحظات شبيهة لذلك الحدث، فقد تكون محاصراً من الاتجاهات جميعها بظروف لا تحصى، ركز في ما تستطيع فعله، واترك الأمر على الذي يرتب حياة العباد، فالابتلاءات الثقيلة والتجارب العصيبة والمواقف المحزنة هي التي تصنع منك شخصاً قوياً، لديه القدرة على تحديد مواطن الضعف ومواطن القوة بشخصيتك، تأمل دائماً إلى تطوير نفسك والعلو بذاتك، قادراً على مراعاة مشاعرك في لحظات الضعف والقوة، تهيئك لفرص جديدة ومستويات عليا لم تكن لتصل إليها لولا تلك الآلام، فما قد تمر به حالياً هو عقبات لمستقبل مبهر ومشرق بإذنه.

فمشيئة الله سبحانه وتعالى تعُلو مستويات عقولنا المتواضعة ونسبة إدراكنا البسيط، وتفوق حدود آمالنا الضئيلة، فإن كنت في عنايته أبهرك بلطفه ورحمته، وتنقاد إليك الأمور المسخرة انقياداً عجيباً فقط لأنك في عز ضعفك فوضت أمرك وأيقنت في داخلك أن ما كان من الله هو كل الخير ومنتهاه.

فعوّد نفسك على أن تلتمس لطف الله في جميع أمورك الدنيوية، حتى في الأحداث والمواقف الغامضة وردد دائماً: لعله خيرةُ من رب الخير.