مريم المقلة

عندما يتعامل الأهل مع الابن الأكبر ويحملونه مسؤولية أكبر من إخوته ويتجاهلون مشاعره واحتياجاته، فإنه يمكن أن ينشأ توازن غير صحي في الأسرة، ويعتقد بعضٌ أن الابن الأكبر يجب أن يكون نموذجاً لإخوته الأصغر سناً وأن يتحمل مسؤولية إرشادهم وتوجيههم في الحياة. ومع ذلك، يجب أن ندرك أن هذا النوع من التعامل يمكن أن يضع الابن الأكبر تحت ضغوط كبيرة ويتسبب في إهمال مشاعره واحتياجاته الشخصية.

ومن العواقب السلبية المحتملة لهذا النمط من التعامل هو أن يتحمل الابن الأكبر ضغطاً نفسياً كبيراً بسبب تحمل المسؤولية الزائدة وقد يشعر كذلك بالقلق والإجهاد ويعاني من ضغوط عاطفية تؤثر في صحته النفسية والعاطفية.

إضافةً إلى ذلك قد يؤدي تحميل الابن الأكبر مسؤولية كبيرة إلى انقسام العائلة وظهور التوترات والصراعات، وقد يشعر الأبناء الأصغر سناً بالغضب والحسد تجاه الابن الأكبر، وقد يؤدي ذلك إلى تدهور العلاقات الأسرية بشكل عام.

ولكن هناك تأثيرات إيجابية لتحميل الابن الأكبر المسؤولية وهي النضج والمسؤولية؛ فقد يؤدي تحميل الابن الأكبر مسؤولية أكبر إلى تنمية مهارات النضج والمسؤولية لديه. وقد يشعر الابن الأكبر أيضا بالثقة بالنفس نتيجة تلقيه الثقة والتفويض من قبل الأهل لتحمل المسؤولية. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تعزيز ثقته في قدراته وتحقيق النجاحات الشخصية والأكاديمية.

وتتطور لدى الابن الأكبر مهارات التعاطف والاهتمام بالآخرين نتيجة توجيهه ودعمه لأفراد الأسرة الأصغر سناً.

ويمكن للمسؤولية الكبيرة التي يتحملها الابن الأكبر أن تؤثر في علاقته بإخوته سواء بشكل إيجابي أو سلبي. ويعتمد ذلك على كيفية التعامل والتفاعل بين الإخوة والأهل. ومن الضروري أن تكون هناك مرونة واحترام لاحتياجات ومشاعر كل فرد من الإخوة، وتشجيع التواصل الصادق والتعاون بينهم لتقوية الروابط العائلية.

المربي يجب أن يكون حساساً لتأثير تحمل الابن الأكبر للمسؤولية الكبيرة على علاقته بإخوته وأن يعمل على توفير بيئة صحية ومتوازنة وعليه الاعتراف بالاحتياجات الفردية، ويجب أن يدرك المربي أن لكل طفل احتياجاته ومتطلباته الفردية. ويكون على دراية بالاختلافات في الشخصية والاهتمامات والقدرات بين الإخوة، وأن يتعامل معهم بطرق تلبي احتياجاتهم الفردية.

ويجب على المربي السعي لتعزيز العدل والمساواة بين الإخوة، أي ينبغي أن يكون هناك توزيع عادل للمسؤوليات والفرص بينهم، وعدم تفضيل أحدهم على الآخرين.

ولا بد من تشجيع الإخوة على التعاون والتكافل بينهم، ويمكن للمربي توفير فرص للعمل المشترك والتفاعل الإيجابي بينهم، مما يعزز الروابط العاطفية ويعمق العلاقات الأخوية. ويجب على المربي أن يكون متاحاً للاستماع الفعال والتواصل مع الإخوة، وأن يسعى لفهم مشاعرهم واحتياجاتهم.