سماهر سيف اليزل
تأهيل المطلقين لرفع مستوى التوافق جراء ارتفاع حالات الانفصال

كشفت أخصائيتا علم النفس والاجتماع أ.دلال العطاوي من البحرين و أ.فاطمة الرويّح من دولة الكويت للوطن عن إطلاقهما برنامج "البنون" كأول برنامج خليجي يختص بتأهيل المطلقين وأبنائهم، جراء التزايد الكبير بحالات الطلاق في دول الخليج العربي.

وقالت الأخصائيتان إن "الإحصائيات المنشورة مؤخراً في الصحف الخليجية تشير إلى تزايد في أعداد حالات الطلاق بين عامي 2022-2023في دول الخليج، مع تعدد وتنوع الأسباب باختلاف كل دولة".

وأشارتا إلى أن "هذه الإحصائيات وتزايد حالات الطلاق كانت سبباً في إطلاق برنامج "البنون" الذي يعتبر أول برنامج خليجي يختص بتأهيل المطلقين وأبنائهم، في ظل احتياج مجتمعي خليجي لإعادة تأهيل الأزواج والزوجات المطلقين باعتبارهم أسراً أحادية الوالدية، إضافة إلى تعريفهم بأبرز الأساليب التربوية التي يجب اتباعها في التعامل مع أبنائهم".

وأكدتا ضرورة "رفع مستوى التوافق النفسي عند كل من الرجل والمرأة بعد الطلاق لتجنب المشكلات الذي تحدث إثر الانفصال؛ وخاصة المتعلقة بحضانة الطفل ونفقته وأوقات زيارته وغيرها من المشكلات الذي يمر بها المطلقون".

ووفقاً للأخصائية النفسية والاجتماعية أ. دلال العطاوي فإن "برنامج "بنون" يهدف إلى إيصال المجتمع الخليجي إلى ثقافة الطلاق الحضاري وتقديم الدعم والمساعدة اللازمة للأفراد في تجاوز التحديات النفسية والاجتماعية المرتبطة بالانفصال والطلاق، وبناء حياة مستقرة وصحية لهم ولأطفالهم مع العمل على تحقيق التأقلم الإيجابي مع الوضع الجديد".

وقالت إن البرنامج "يهدف إلى تعزيز التواصل العائلي الصحي وتوفير الدعم في بناء علاقات اجتماعية إيجابية ومستدامة للمطلقين وأطفالهم، إضافة لزيادة الوعي والتفهم المجتمعي بقضايا الانفصال والطلاق، ونشر ثقافة الطلاق الحضاري من خلال تعزيز الحوار والتعاون. حيث يقدم هذا البرنامج العديد من الورش والإرشادات لجميع المطلقين وأطفالهم والمتهمين في هذا الجانب تحديداً".

وأوضحت أن "الانفصال قد يكون هو الطَّريق الوحيد لإنهاء العلاقة الزوجيَّة السَّلبيَّة، وقد يكون حبل النَّجاة الأخير للأُسرة بأكملها وإنقاذها من حِدَّة الخلافات، ويعتبره بعض الأزواج الحدَّ الفاصل من رحلة المشكلات الأُسريَّة، ولكن وعلى الرَّغم من إنقاذ الطَّلاق بعض الأُسر من الهلاك، إلَّا أنَّه يُعدُّ خسارةً كبرى بالنِّسبة للأطفال نتيجة العواقب التي يعيشونها على الصَّعيد النَّفسي والاجتماعي والسُّلوكي من طلاق الأبوين".

وأكدت العطاوي "صعوبة هذه المرحلة نفسيّاً على الأطفال، وخاصَّةً الفترة المتعلِّقة بالمحاكم والإجراءات التي تُحدِّد مصيرهم الحياتي، فانفصال الأبوين بالنِّسبة للأطفال يُعدُّ قضيَّةً أعمق وأكبر وأهمَّ من جلسة يتم تحديد فيها المُكلَّف باحتضان الطِّفل ورعايته".

وتابعت أنه "عند البدء في إجراءات الطَّلاق واحتداد المشكلات بين الأبوين، كثيراً من الأحيان يتم وضع الطِّفل في منتصف العاصفة وإقحامه في مشكلات ليس له بها صلة للوصول إلى مصالح شخصيَّةٍ متعلِّقةٍ بالحضانة".
من جانبها، قالت الأخصائية النفسية والاجتماعية أ. فاطمة الرويّح إن "مرحلة الصراع النَّفسي عند الطفل تبدأ منذ اللحظة التي يرى فيها والديه يتخذان قرار الانفصال ومن ثم يدخل في رحلة المُعاناة مع خلافات أبوية بعد الطلاق، مما يتطلب من الطفل أن يتخذ قراراً حاسماً ومصيريّاً مجهول المعالم والنتائج في الاختيار بين والديه".

وأضافت أن "القرار يكون أكبر من سنِّ الطفل و إدراكه وتفكيره وتقديره، وعليه سيعيش الطفل فترةً صعبةً بكلِّ المقاييس والموازين، عنوانها الصراع النفسي، ومضمونها التَّأثر بما يحدث، ويتبعها إحساس بالخوف من تخلِّي أبويه عنه وفقدانه لهم، وهاجس العيش وحيداً بعد غياب أحدهما، ولا شك بأنَّه سيراوده إحساس بالضياع والتشتت بينهما، وغير قادرٍ على استشعار الأمن والاستقرار الأُسريِّ".

وأكدت الرويّح أنه "يجب على الآباء أن يبتعدوا عن السلوكيات المتسمة بتحريض الطفل أثناء مرحلة الاختيار، وينبغي على الآباء أَّلَّا يطلبوا من الطِّفل أخذ موقفٍ متحيِّزٍ أو محاولة تشويه سمعة طرفٍ على آخر؛ لكسب حضانة الطفل، فهذا بحدِّ ذاته يُعدُّ جريمةً نفسيَّةً على الطِّفل سيجني ثمرتها السيئة من قام بها من الوالدين، لما يشكِّله هذا التَّصرُّف التربويُّ السَّلبيُّ من آثارٍ مُدمِّرةٍ لشخصيَّة الطِّفل مستقبلاً".

وخلصت إلى القول إنه "على الحاضن للطِّفل أن يراعي الله في تعامله مع أبنائه، ولا يَعُدَّهم دُمى مملوكة، أو يستخدمهم كأداةٍ لتنفيذ انتقامه من شريكه السَّابق، بل يجب أن يعمل على الوصول إلى ثقافة الطلاق الحضاري في حياته وتعامله مع أبنائه من خلال تهيئتهم نفسيّاً بعد الانفصال وتوفير لهم كُلَّ وسائل الإشباع العاطفيِّ والاستقرار النَّفسيِّ والسَّكنيِّ، إضافة إلى أهميَّة الاتفاق مع الشَّريك السَّابق حول الأسلوب التَّربويِّ المُتبع من قِبَلِهما كوالدين، والتزام كُلٍّ منهما بواجباته ومسؤولياته الأبوية تجاه الأبناء والعمل على غرس الاطمئنان في الطفل والحرص على أن يفهم ويتفهم بأن طلاق الأبوين لن يؤثر على حياته وعلى رؤيته لهما والتأكيد على أهمية توفير حياة أسرية سليمة دون وضع الطفل في قلب النزاعات بين الوالدين الطليقين".