بعد إلقاء الضوء على الطفرة الفنية للمبدعين من الشباب البحريني نطرح سؤال مهم هل الموهبة كافية أم يجب أن يصاحبها الدراسة الأكاديمية"؟

وفي هذا الصدد قال الأستاذ المشاركة بالجامعة الأهلية الدكتور كاظم مؤنس وهو رئيس مهرجان أوال المسرحي الدولي الثاني عشر والملم بكافة أنواع الفنون ككاتب سيناريو ومخرج ومحكم ورئيس لجنة حكام وأكاديمي إن الدراسة الأكاديمية هامة من أجل صقل المواهب الشابة في مجالي التصوير والإخراج خصوصاً أننا في عصر المعرفة، والمعرفة قوة، فهي الحاكم في عصرنا الذي أصبح فيه العلم هو ثقافة المستقبل وراس مال الدول الكبرى، من هنا تأتى أهمية الدراسات الأكاديمية، والجامعات هي مراكز تنويرية ومعرفية توفر العلم والمعرفة، ففيها يجد الشباب أنفسهم وعن طريقها تتحقق أحلامهم ومستقبلهم، فخريجو الجامعة الشباب الواعي المتزود بالمعرفة هو خير ضمان لمستقبل البلدان. فالجامعة المكان الذي تصهر فيه شخصية الطالب على المستوى النفسي والاجتماعي والعلمي، فتزيد من ثقته بنفسه من خلال الأدوار المختلفة التي تنمي فيه المواهب والقدرات المعرفية والشخصية التي يمارسها أثناء وجوده بميدان الجامعة.

أضاف: "أحب عملي الأكاديمي جداً، وأقدمه على بقية التخصصات التي أمارسها، لأني أجد نفسي في عالم لا يقبل السكون عالم متحول يفيض بالمعلومات، وأنا معه في حراك وتفاعل يومي، وتلك أهم ميزة في العمل الأكاديمي، وأسعى بجد وسعادة حين أنقل هذه الخبرات إلى طلبتي ليروا بأنفسهم كل جديد وحديث وفريد في حقول تخصصهم، فأكون كناقل شحنة المعارف موجهاً ومشرفاً أشارك الطلبة مغامراتهم المثيرة في اكتساب المعرفة وتوظيفها، وسرعان ما أرى ثمارهم في سوق العمل".

في سوق العمل البعض يصنع فرصته

وحول المواهب الشابة التي لم تأخذ حقها على المستوى المهني قال الدكتور كاظم إن الحياة ليست سهلة وعلى المرء أن يعي ذلك في وقت مبكر جدا، ليستعد لكل الاحتمالات بعد أن ينتهي من الدراسة ويتجه لسوق العمل، البعض يصنع فرصته، والبعض قد لا تتوفر له الفرصة، وبين هذا وذاك يبرز إصرار الطالب وقوة تحمله على تجاوز كل التحديات التي تعترض طريقه، واليوم أجد ولله الحمد جميع الطلبة الذين تميزوا أيام دراستهم قد تميزوا في وظائفهم المختلفة ومنهم من نجح في تأسيس شركاته الخاصة وصنع لأسمه علامة فارقة في سوق العمل.

المملكة تبذل جهود للارتقاء بالفنون

وأكد أن ثمة جهودا كبيرة تبذل من أجل الارتقاء بالفنون عموماً في البحرين، فتشهد العديد من الفعاليات والنشطة الفنية والثقافية، فهناك مهرجانات متميزة من أبرزها على سبيل المثال لا الحصر مهرجان أوال الدولي للفنون المسرحية وهناك معارض وأنشطة فنية وثقافية، تحظى باهتمام كبير، مما يدفع للقول بأن وسائل النهوض بمسيرة الدراما آخذة بالنمو والتطور والازدهار، ولابد أن ينعكس ذلك بالضرورة على المواهب التي وجدت طريقها إلى صناعة الدراما سواء على خشبة المسرح أو على شاشة التلفاز، هناك العديد من الأسماء الشابة والوجوه الجديدة التي ما زالت ترفد الحقل الدرامي بالجديد على الدوام، ولا يفوتنا أن نذكر هنا بأن تراكم الإنتاج وتوسعه وزيادته يعد من أهم البرامج التي تحتضن المواهب وتنمي قدراتها، ومضاعفة الإنتاج الفني وتعدد مجالات الخبرة يقتضي وضع خطط للإنتاج الدرامي ليكون قابلاً لاستيعاب المزيد لإذكاء روح المنافسة، فزيادة الفعاليات والأنشطة ذات الصلة بالمسرح أو بالإنتاج الدرامي للتلفزيون هي بحد ذاتها نوع من البرامج الخاصة برعاية الموهوبين كونها توفر فرصاً أكثر.

وأشار إلى أن إقامة المهرجانات مثل مهرجان أوال تعد تظاهرات كبيرة ذات آثار واضحة على الساحة العربية والدولية، فهي فرصة لتبادل الخبرات وتطوير المنجز المسرحي الوطني فضلاً عن كونها نافذة يطل منها الفنان البحريني على آخر ما يقدمه الفن المسرحي من حولنا، كما توفر فرصة لوضع نفسك على سلم التقييمات فتحدد مكانتك وما وصلت إليه ومالذي ينبغي أن تفعله لتبقى حاضراً في الساحة، ناهيك عما توفره من فرص للتعارف مع فنانين من ثقافات مختلفة، لذلك نقول هي مختبر لصناعة المنجز بمواصفات عالمية، ومن هنا تتأتى أهمية مهرجان أوال الدولي للفنون المسرحية، خصوصاً وأنه يوجد أكثر من ست عشرة مهرجاناً في عواصم عربية مختلفة، وهذه برأيي ظاهرة صحية ستفرز بالضرورة مسرحاً نوعياً، كما تستطيع أن تخلق جمهوراً مسرحياً من طراز خاص، وفيما يخص المخرجين البحرينيين ففي الحقيقة لا أحد يستطيع أن يحجب الشمس بغربال فلهم حضورهم في الساحة العربية ولهم أعمالهم المتميزة وتاريخهم الطويل حافل بالمنجزات، فهم أسماء لامعة في حقل المسرح العربي.

العمل الفني بنية متكاملة

وبسؤاله عن أهم عنصر في العمل الدرامي "السيناريو، الإخراج، التصوير، التمثيل" قال في الفنون عموماً يحتاج العمل الفني إلى بنية ذات كيان صلب ورصين، يتكون من بنيات ووحدات متصلة، ومنفصلة تترابط في علاقات متبادلة التأثير تطلق كيان فني ذي شكل ومضمون، تؤسسه أنساق وكتل وعناصر بصرية وصوتية تعمل في إطار منظومة موحدة، وكلها وفق رؤية فلسفية وفنية محددة يقودها المخرج بالدرجة الأولى، لكن أي خلل يحدث في أي من الوحدات السابقة الذكر قد يؤدي إلى انهيار العمل بأكمله.