لم يكن الاهتمام بذوي الإعاقة البصرية صدفة حتى تخدمهم التقنية لذوي الإعاقة البصرية شأن كبير في مجتمعاتهم المختلفة عبر التاريخ، فكان منهم القاصون ونقلة الأخبار بين القبائل ومختلف الأمصار، ومنهم الشعراء وحفظة القرآن ورواة الحديث.فبالعلم تقدموا من خلال صبرهم على المصاعب التي تعتري مسيرة حياتهم التي ينبغي لها أن ترتقي بهم إلى مصاف أقرانهم من غير ذي الإعاقة، فكان سلاحهم ربانياً ميزهم عن غيرهم بقدرتهم الفائقة على الحفظ والتذكر، ليتمكنوا من التعايش مع متغيرات المجتمع المتسارعة فجعلو من ابتسامتهم وروح الدعابة والفكاهة مكان للتواصل العام وذلك لكسب كافة أطياف مجتمعاتهم ليتمكنوا من إيصال رسالتهم بأنهم كغيرهم ولكن يحتاجون لما يعينهم في مناحي حياتهم، فقالوا نحن موجودون.فما كان لهذا النداء، إلا أن يجاب من خلال القارئون والباحثون وكافة التقنيون ورجال القانون الذين أطروا وجعلوا من ذوي الإعاقة عون لهم بشكل يساهم في تنشئة الحيا من خلال الاتفاقيات الدولية التي ساهمت بحفظ حقوقهم وتحديد التزاماتهم.وفي مجتمعنا، يبرز دور ذوي الإعاقة البصرية من الشرفات العليى، بمساعدة التقنية الحديثة من خلال وفرة السطور الإلكترونية البارزة بطريقة برايل، حيث تمكنوا من قراءة محتوى شاشات الحواسيب، ثم البرامج القارئة للشاشة وهي التي تميزت بانخفاض سعرها الذي أدى إلى كثرة تداولها وحب ذوي الإعاقة البصرية بالتدرب عليها ليلحقوا بركب من سبقهم ليتساوى مع غيرهم في مجالي العلم ومجال من التحق بسوق العمل، وهنا يبرز سؤال، هل تخلى ذو الإعاقة البصرية عن ما كانوا عليه من إمكانية الحفظ وروح الدعابة؟ فيأتيك المثل الشعبي سابقا بجوابه، «أبو طبيع ما يجوز عن طبعه».فلا زال الحفظ والتذكر سمتين يستطيع ذوي الإعاقة البصرية يستعين بهما ليتذكر أماكن الأزرار والمصطلحات الحاسوبية ليتمكن من تعليمها لغيره من أقرانه من ذات الإعاقة ليشكل له قاعدة حقيقية تقوم على تحقيق المنفعة العامة لكافة أفراد الوطن ليتمكن من تغيير وجهة النظر العامة عن كل ذي إعاقة بصرية، وأما على صعيد الهواتف الذكية فكان الواقع أسبق باهتمامه بحاجة ذوي الإعاقة فقد وفر الصانع الجهاز وضمنه البرنامج القارئ للشاشة ليتناسب مع حاجة كل كفيف، وساهمت تلك النقلة بتمكين المكفوفين بالمشاركة الحقيقية في سبر أغوار وسائل التواصل الاجتماعية والتعرف على أكبر عدد من الناس والثقافات المختلفة، كما ساهمت تلك البرامج في تيسير سبل الاتصال بين كافة الأشخاص المكفوفين من أنحاء العالم ليتبادلوا الأفكار والخبرات فيما بينهم.ولم يقتصر دور التقنية المساعدة على هذا الحد، بل ساهم في تعدد أنواع الدراسات الجامعية في مختلف تخصصاتها، حيث كانت تقتصر على المواد اللغوية كالتاريخ والعلوم الدينية واللغات والحقوق إن أمكن، حيث دخل كل من تخصص الإعلام بأنواعه وإدارة الأعمال ونظم البرمجة وغيرها من التخصصات لتضع المكفوفين في أولوية من يمكن توظيفهم في أماكن متعددة وغير متوقعة.وهنا يتبين لنا فضل الله على البشرية بأن جعلهم متكاملين فمن هو من غير ذي إعاقة فمصدر تلقيه للعلوم من حوله يتركز في حاسة النظر غالباً، أم ذوي الإعاقة البصرية فمصدر تلقي علمهم يتركز بين حاستي اللمس والسمع فما كان للتقنيين إلى أن يدركو ذلك ويجعلوا مما كان مستحيل إلى واقع نعيشه اليوم ويواكبه الأجيال.* فني أول بقسم اللغة الإنجليزية وآدابها بكلية الآداب مشرف مختبر فيزيو برايل