لا أؤمن أبداً بأننا خلقنا فقط من أجل أن ينتهي بنا الحال عالقين في وظيفة تقتص من عمرنا ونفسيتنا من أجل راتب سرعان ما يتبخر قبل أن نعده مرتين!
يقول الحديث الشريف: «اعمل، فكلٌ ميسر لما خلق له» وهذا يقودني للسؤال الوجودي العظيم: لماذا أنا من بين ملايين النطف خلقت؟ لماذا تم اختياري للنزول إلى الأرض؟ لعمارة الأرض؟ لنعبد الله؟
تتلخص حياتنا في الكدح منذ لحظة الولادة. نكدح لنتعلم الحبو ثم المشي ثم النطق ثم التعلم في المدرسة فالجامعة والوظيفة، وللبعض الزواج والتربية ثم نتقاعد ونموت! وكأننا وُلدنا لنموت! حياة بائسة لا نعرف كيف نستمتع بها. نلهث خلف المسميات والمناصب ونقاتل بشراسة لإنجاز المهام، مستهلكين أعصابنا وطاقتنا وجهدنا وقلوبنا، سعياً وراء المكانة التي قد لا نصل إليها!
أيام باهتة مكررة نحاول فيها سد ثغرات قلوبنا ببعض البهجة المسروقة من هنا وهناك عبر التسوق ربما أو السفر أو الهروب إلى منصات التواصل الاجتماعي لنعيش حياة لا تشبه حياتنا أبداً. نُزجي الأيام تباعاً، ونمررها على عجل دون تفكير حتى يأتي ما بعدها!
هل هذه قصتك أنت أيضا؟ نعم.. هذه قصة الآلاف.. إلا من رحم الله.
إذا كنت واحداً منهم فعلي أن أخبرك أن حياتك ينقصها الشغف وأن الله خلق فيك ميزة عليك أن تجدها وتستثمرها جيداً بعيداً عن الوظيفة. وبحسب الحديث النبوي: «أطيب الكسب عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور» أفكر دائماً فيما وراء هذا الحديث الذي لم يذكره المصطفى عبثاً. موهبتك هي التجارة التي عليك أن تعمل على تطويرها؛ فالوظيفة تشكل جزءاً بسيطاً من رزقك المكتوب.
هل أنت متحدث جيد؟ ربما خلقك الله لتكون مدرباً أو مذيعاً أو صاحب شركة تسويق مثلاً.. هل تحب الرياضة ربما خلقك لتكون بطلاً رياضياً أو مدرباً مثلاً. هل تحب الفن؟ ربما عليك أن تكون رساماً تبيع لوحاتك في مختلف المعارض وتجد مصدر دخل آخر مختلفاً عن راتبك الشهري.
أعد التفكير.. لماذا أوجدك الله؟ اسأل نفسك هذه الأسئلة: ما هو أكثر شيء تبدع فيه وتشعر بالشغف نحوه وتفقد الشعور بالوقت عندما تمارسه؟ وهل يمكن أن يكون مصدر دخل ثان؟ هل أنت مستعد لتطويره والمتاجرة به؟
هذه نقطة البداية، أن تبحث في داخل أعماقك عن الإجابة؛ فأنت تحمل بداخلك كل الإجابات.
أنت ثروة تمشي على قدمين. فقط عليك أن تعرف من أنت حقاً ولماذا خُلقت!
أميرة صليبيخ