أيمن شكل
خلص محامون إلى أن الأخطاء الطبية تحتاج لمزيد من التحقيقات الفنية للوصول إلى حكم منصف لا يظلم المريض أو الطبيب، ولا يكفي رأي الطبيب الشرعي للوصول إلى حقيقة الأمر، بل يجب تعزيزه بآراء للجان طبية متخصصة ومحايدة، وأوضحوا أن بعض اللجان التي تتولى التحقيق من جهة الهيئة الوطنية لتنظيم المهن الصحية، تضم غير مختصين بالواقعة محل التحقيق، وبما يمكن أن يضيع مستقبل الأطباء ويعزز من إحجام الأطباء على العمل بأريحية.

وأكد المحامي والشوري السابق فريد غازي على الحاجة للوصول إلى الحقيقة في قضايا الخطأ الطبي بشكل منصف للأطراف، خاصة وأن بعض اللجان الطبية التي تحقق في أخطاء طبية معينة تضم غير مختصين بالواقعة، وهو ما لا يخدم العدالة والإنصاف للأطراف، لافتاً إلى أن بعض الأخطاء تكون بديهية ولا تحتاج سوى لتقدير القاضي، وخاصة في القصد الجنائي من ارتكاب الخطأ، وقال إن بعض الأخطاء تحدث لكنها لن تؤدي إلا للنتيجة النهائية وهي وفاة المريض، بسبب أمراض أخرى مرتبطة بوفاته، فضلاً عن حدوث مضاعفات أثناء إجراء الجراحات وقد تحتاج لأدوية عاجلة غير متوفرة في المستشفى الذي تجرى فيه الجراحة، وهو ما يعتبر تقصيراً ومسؤولية المستشفى وليس الطبيب.

ورأى غازي أنه لا حاجة لتعديل التشريعات في مسألة الخطأ الطبي، لكون المسألة مهنية أكثر من قانونية لكنه أكد على أن المشكلة تكمن في تطبيق مواد القانون وتكييفها على الواقعة، وقال: "نتحدث عن حياة إنسان ومستقبل طبيب يمارس مهنة إنسانية في المقام الأول".

من جانبه، نوه المحامي نبيل القصاب إلى القاعدة القانونية التي تفيد بأن الطبيب ملزم ببذل العناية دون تحقيق النتيجة مثله مثل المحامي الذي يترافع دفاعا عن موكله، لكنه لا يضمن النتائج النهائية لحكم المحكمة، وقال إن الطبيب لا يمكن أن يضمن إنقاذ حياة المريض في بعض الحالات، ولا يتحمل مسؤولية المضاعفات التي تصل إليها حالته، أو وفاته بسبب المرض.

لكن القصاب ألمح إلى أن هذه القاعدة لا تنطبق على جراحات التجميل حيث يكون الطبيب ملزماً بتحقيق النتائج التي وعد بتحقيقها وبحسب الاتفاق على الشكل النهائي المرغوب، وقال إن عمليات التجميل شهدت ارتفاعاً في أعداد الأطباء العاملين فيها، وازدياد الطلب عليها من قبل كثيرين، وهو ما كشف عن حدوث إهمال أو تقصير، وقال: "إحدى الدعاوى التي باشرتها لأخصائي علاج طبيعي مارس أسلوب علاج خاطئ واستخدم أدوات بطريقة غير صحيحة ما تسبب بكدمات في جسم المريضة".

وأضاف القصاب: "لم تصل الواقعة للمحاكم حيث توصل الأطراف لتعويض بعد أن تم توجيه إنذار للأخصائي، يحمله المسؤولية المدنية، فقام بالتواصل مع المريضة واتفق الطرفان على التسوية المرضية".

من جانب آخر، وجهت المحامية هدى المهزع أصابع الاتهام إلى اللجان الطبية التي تقوم بالتحقيق في وقائع الأخطاء الطبية، وقالت إن "نهرا" توجه الاتهامات للأطباء دون إجراء تحقيق منصف وعادل، فبعد أن أدانت لجنة طبية أحد موكليها، صدر بعد فترة تعديل للقرار والاكتفاء بلفت النظر، وهو ما يعني خطأ اللجنة التي حققت في الواقعة.

كما سردت واقعة لقضية خطأ طبي خاص بمريضة توفي جنينها لولادته في أسابيع مبكرة، وأدين فيها طبيب بالحبس سنتين، وتم تخفيض العقوبة لسنة واحدة، ثم استبدالها بعقوبة بديلة، وقالت إن لجنة التحقيق التي باشرت الواقعة، ترأسها طبيب عظام، وتساءلت: هل يمكن الاعتماد على قرار لجنة لا تضم اختصاصي أمراض نساء وولادة؟

وتنص المادة (27) من المرسوم بقانون رقم (7) لسنة 1989 بشأن مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان على الآتي:

لا يكون الطبيب مسؤولاً عن الحـالة التي وصل إليها المريض، إذا تبين أنه بذل العنايــة اللازمــة، ولجأ إلى جميع الوسائل التي يستطيعها من كان في مثل ظروفه لتشخيص المرض وعلاج المريض، ولكنه يكون مسؤولاً في الأحوال التالية:

أ - إذا ارتكب خطأ أدى إلى الإضــرار بالمـــريض نتيجـــة الجهل بأمور فنية أو عملية يفترض في كل طبيب الإلمام بها.

ب - إذا لحق ضرر بالمريض نتيجة لإهمال الطبيب أو تقصيره في العناية به.

ج - إذا أجرى على مرضاه تجارب أو أبحاثاً علمية غير معتمدة من قبل وزارة الصحة، وترتب على ذلك الإضرار بهم.

وتختص اللجنة المنصوص عليها بالمادة (5) من هذا القانون والتي تشكل بقرار من وزير الصحة بتقرير حدوث الأخطاء المشار إليها.

وخصصت الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية على موقعها قسماً للشكاوى يقوم بالتحقيق ودراسة الشكاوى والتكليفات القضائية المتعلقة بالأخطاء الطبية والمساءلة التأديبية عن الأخطاء الطبية والمخالفات الخاصة بأخلاقيات وقانون ممارسة المهن الصحية في المملكة.

كما تقوم الوحدة أيضاً بدراسة الحوادث التي يتم إبلاغ الهيئة عنها من قبل مرافق الرعاية الصحية ومقدميها، ويتم التعامل مع جميع الشكاوى بأقصى قدر من السرية والمساواة في الاعتبار ووفقاً لقواعد وأنظمة الهيئة، وتعطى الأولوية للشكاوى التي تدعي حدوث خطأ أو إهمال ينطوي على الوفاة أو ضرر جسيم وتلك التي تشكل تهديداً مباشراً على الصحة أو السلامة العامة.