بعد مضي أشهر مسرعة في كل سنة، تترقب كل نفس حلول المساء وانتصاف ليله بتلهف واشتياق، حتى تدق الساعة 12 صباحاً استقبال تاريخ جديد، ذلك الذي نودع فيه عمراً مضى من حياتنا، ترحيباً بقدوم عمر جديد، وهو اليوم الذي أشرقت فيه شمس يوم من اﻷيام إيذاناً بسماع أول صرخة لنا في الحياة، أدمعت عيون والدينا وذوينا فرحة بقدومنا لهذه الدنيا.

ففي هذا اليوم من كل عام تعترينا الفرحة التي تدير عجلة الذاكرة إلى الوراء، لنسترجع فيها مواقف طفولية طريفة بين صور اﻷلبومات، وانتقاﻻت عمرية بين محطات حياتنا، في لحظات مسورة باﻷنس والمرح على صوت النغمات الموسيقية الهادئة وسط حضور اﻷهل واﻷصدقاء، وتلقي أجمل عبارات التهاني السارة للقلب، وزوايا ممتلئة بباقات الورود والهدايا، وطاولة محملة بأصناف الحلويات والكعكة المضيئة بالشموع.

وما أن نطفئ شمعة الميلاد فنتساءل في ذهننا ماذا يخبئه لنا عمرنا الجديد؟ حتى نجدف لاكتشاف ما هو آتٍ في بحار اﻷيام، كما تتدفق اﻷمنيات والطموحات واحدة تلو الأخرى في قلوبنا، آملين أن نرى سناءها في الواقع يوماً، وما يجول في فكرنا سوى أن نعيد رسم اﻷهداف التي طالما لم تحقق في عمرنا السالف، لننهض من جديد أمام تحديات الحياة بغية الوصول إلى ما نريد.

فليكن يوم الميلاد حافلاً بالمسرات العائلية وأيضاً بالتغييرات الذاتية والفكرية في صناعة واتخاذ القرارات المحفزة للإنتاج والطاقات الإبداعية باعتبارها نقطة لبداية مستقبل أفضل، فكلما تقدمنا عمراً تقدمنا نضجاً.

ورغم تعدد الطموحات واﻵمال المتجددة مع تجدد اﻷعمار إﻻ أن القلوب ستظل متوحدة ومن بينها قلبي الممتن في يوم ميلادي هذا لخالقنا عز وجل على ما بلغنا به من أعمار جديدة متنعمين بها بسلامة وعافية رغم ما مررنا به من أحداث حياتية سالفة بحلوها ومرها، وحزنها وفرحها، نجاحها وخيبتها مجددين الثناء والحمد له جل وعلا على كل ما قسمه لنا في هذه الحياة، آملين منه سبحانه أن يوفقنا ويجعل قادمنا أجمل مما مضى.