قبل 10 سنوات، وبينما كان العالم لايزال يحتفل بقدوم عام 2012 فُجعنا بموت أمي بشكل مفاجئ دون مقدمات. في ذلك الصباح بالذات أعدت لنا الإفطار وألحّت على كل واحد منا أن يتناول بعضاً منه. كانت سعيدة أكثر من المعتاد ربما لأنها كانت تعلم بأنها سترحل بعد ساعات.
عند التاسعة والربع اتصل أخي الأصغر ليخبرني بأنها لا تتنفس نتيجة أزمة الربو التي تعاني منها، لم أستوعب ما حدث، كنت أقود السيارة متجهة لمقر الدورة التدريبية، حسبت الدقائق في عقلي بسرعة، مرت ربع ساعة ولم تتنفس، الإنسان الطبيعي لا يستطيع الصمود أكثر من هذا الوقت، استوعبت بفزع أن روحها فاضت. لم تعد من أم هنا!
كانت المعضلة الكبرى في الرجوع إلى البيت، كنت أرتجف لم أستطع قيادة السيارة. بقيت في مكاني فترة من الوقت لحين وصول إحدى الصديقات لأخذي.
وصلت المنزل. كان مشهداً مهيباً. سيارة الإسعاف والشرطة وعدد كبير من أبناء الحي يطوقّون المنزل. هل حقاً ما يحدث؟ كان الإجابة واضحة في وجه أبي والجيران وإخوتي.
كنت أكرر على مسامعي هذه الجملة: «أمي ماتت» وكأني أريد أن يسمعني أحد ويكذّب هذا الخبر، ولكن عندما رأيت جثمانها مغطى بالشرشف أدركت الأمر.
الإفاقة من الصدمة الأولى وتقبلها هي أصعب ما في الموضوع، وعن نفسي اتبعت بعض الخطوات التي أفادتني وأراحتني كثيراً في تجاوز أزمة وفاة أمي وربما تفيدكم أيضاً وهي كالتالي:
الإكثار من ذكر الله في كل حين حتى يربط الله على قلبك وتحتسب أجر الذكر لك وللمتوفى. ثم قمت بإخراج جميع صورها ووضعتها أمامي حتى أتذكرها ولا أنهار عندما تظهر لي إحدى الصور فجأة.
بدأت في القراءة عن عالم الأموات وحياة البرزخ وكيف هي رحمة الله بمن في القبور وقد خفف هذا الأمر عليّ لأني أيقنت أن رحمة الله أوسع من كل حزن. تحررت من حزني بالكتابة حيث كنت أفرغ جميع مشاعري على الورق وقد كان الأمر مريحاً بشكل كبير. كان مهماً بالنسبة لي الحديث عنها وعن سيرتها ومواقفها عند جميع من أعرفهم حتى أُبقيها حية في الذاكرة، كما ساعدتني القراءة بشكل كبير، وقد كتبت ذات مرة « اقرأ حتى تُلهي عقلك عن مصائب قلبك» ومع الوقت وبفضل الله ورحمته تخففت من الحزن.
جميعنا نحمل أحزاناً في داخلنا بلاشك.. ولكن علينا معرفة كيفية التعامل معها حتى لا تقتلنا ذات لحظة.
أميرة صليبيخ