محمد إسحاق
اجتهد في المذاكرة، وأنهى دراسته الجامعية بنجاح، واستطاع الحصول على وظيفة بعد جُهد وعناء، وابتدأ حياته المهنية وقرر شراء سيارة جديدة تتناسب مع مظهره واستبدال سيارته القديمة.
تنقّلَ بين المعارض، وعاين مختلف السيارات وقرّرَ شراء سيارة رياضية فارهة بالأقساط، وقد تجاوز القسط الشهري للسيارة الجديدة نصف راتبه الذي لا يتعدى 600 دينار.
وقع اختياره على سيارة لا يشتريها إلا المقتدرون وأصحاب الأموال، واشتراها لأنه يريد أن يتباهى أمام أقرانه «ويكشخ بها» ولم يتصوّر أن هذه السيارة ستكون سبباً في تدهور حياته.
واكتشف بعد مدة أن القسط الشهري الكبير ومصاريف السيارة الجديدة أكلت الأخضر واليابس من الراتب ولم يتبقَّ الكثير لمصاريفه اليومية فضلاً عن بقية المشاريع المهمة كالزواج والادخار، واضطر للتوجه إلى الجمعيات الخيرية لطلب المعونة والمساعدة!!
والقصص الشبيهة لهذه كثيرة في مجتمعاتنا، وكلنا لدينا أمنيات وأمور نرغب في اقتنائها والحصول عليها، ولكن عندما لا نمتلك القدرة والاستطاعة فلماذا نُهلك أنفسنا ونتحمّل ما لا نستطيع لإرضاء الناس والظهور بخلاف واقعنا دون تأمل للعواقب!!
وفي الحياة الكثير من الأمور التي ينبغي على الإنسان التأمل فيها، فليس كل ما تتمناه يصلح أن تسعى له في الوقت الحالي، حتى لو كانت السيارة التي تحلم بها فبالإمكان العمل والتخطيط لشرائها مستقبلاً.
وما هي قيمة أن يُلاحق الإنسان رغباته على حساب شقائه وفقره؟ والمحاكم والسجون مليئة بأناس لم يستطيعوا كبح جماح أنفسهم وإيقاف نزواتهم للشراء والإنفاق والاستمتاع بملذات الحياة المباحة وهم عاجزون عن تحمل نفقاتها.
فإما أن تكتفي باللحاف الذي لديك وتغطي به رجليك في الوقت الحالي، أو تعمل لتشتري لنفسك لحافاً أكبر وأجمل مستقبلاً.
فهل مازلت ترغب في شراء سيارة الأحلام؟