رئيفة عبدالعزيز




حالة من الاستنكار والرّفض والغضب والتي تسبب خلافاتٍ عائلية بسبب أنّ بعض الأفراد الكِبار في بعض العائلات يشعرون بأنّهم مسؤولون عن الأفراد الأصغر منهم سناً في عائلتهم، ويرون أنّ على الصّغار استشارتهُم وطاعتهم في أمورهم الشّخصيّة والخاصّة، ويظنون أنّ عُمر الإنسان هو ما يحدّد عقلهُ وحكمته، متّخذين المثل الشّعبي مبدأً في حياتهم «أكبر منك بِيوم أفهم منك بِسنة»، فلذلك صرّحوا لأنفسهم بالتّدخل في خصوصيّات الصِّغار بصفتهم أنّهم الأكبر والأفهم لمصلحتهم، ونسوا قول الله سبحانهُ «يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ»، سورة البقرة «آية: ٢٦٩»، في الآية الكريمة لم يُحدد سبحانهُ عمراً مُعيّناً لأهل النُّهى والعقول بل إنّ الحكمة عطيّةً إلهيّةً من الله يهِبها لعبادهِ الذين يستحقونها من أولي الألباب، وإن كانوا صغاراً في السّن، ولِكُلّ قاعدةٍ استثناء:

فأنا لستُ ضِدّ الكِبار في أن يُكلِّفوا أنفسهُم مسؤولية التدخل في شؤون غيرهم في حال أنّ ذلك الشخص هو إنسان غير مسؤول عن نفسه ومعتمد عليهم في حياته سواء من النّاحية المادّيّة أو الاجتماعية وغيرها من الأمور الحياتيّة، وبالتّالي عندما يُقرّر أو يتصرّف أي تصرّف خاطئ في حياته سوف يُسبب لهُم العناء والمشّقّة لأنّهُم مُتحمّلونَ لِمسؤوليّته.

أمّا إن كان شخصاً مسؤولاً عن نفسه ويتّخذ قراراته وفقاً لما يراهُ مناسباً له ولم يعتمد عليهم في أيّ شيء ولم يُحمّلهم مسؤوليتهُ قط، فهذا يعني أنّهُ إنسان مُستقِل بشكل كامل في حياته ولا يحتاج لمن يتحكّم به أو أن يفرض رأيهُ عليه، فقط لأنّهُ الأصغرُ نّسبةً لترتيبه في العائلة، أو لِظنّهم أنّهُ لا يعرف مصلحته.

المجتمع يحترم الكبار في العوائل ولا يُنكر حكمتهُم في كثير من الأمور، ولكن على الكبار التّمييز بين الإنسان المسؤول والمستقل بنفسهِ والإنسان غير المسؤول الذي دائماً ما يحتاج لِدعمهم ورعايتهم له؛ فصغار المجتمع يُحبّون كبارهم ويحترمونهم ولكنّهم يحتاجون احترام الكبار لحقوقهم وخصوصيّاتهم أيضاً، فكم رأينا كباراً بعقولٍ صغيرةٍ، وكم رأينا صغاراً بعقولٍ حكيمةٍ، فالعقول لا تُقاس بعُمْر الإنسان أبداً.