شيخة الرويعي - *وسيط قانوني معتمد*إلغاء حبس المدين ضمانة لاستقرار الأسرة، من وجهة نظري بالطبع سيضمن استقرار الأسرة، فالمدين قد يكون أباً أو زوجاً أو ابناً أو أخاً أو أماً أو زوجة، وقد تكون أسباب استدانتهم عدة، ولاسيما السبب الرئيس هو قسوة الحياة ومتطلباتها الكثيرة. وفي ظل الوضع الراهن والتردي الاقتصادي بسبب الجائحة التي تعايشنا معها ما يقارب العامين فقد تسببت في تعثر وعدم قدرة الكثيرين على سداد ديونهم.إن التعديل الذي سيطرأ على قانون التنفيذ، وهو إلغاء حبس المدين، أصبح حديث الساعة وثار كثيراً في الأوساط القانونية بين مؤيد ومعارض. فالمعارضون يؤولون رأيهم على أن حبس المدين يجعله مجبراً على الدفع ولا يتهاون في ذلك، وإن لم يفعل هو سيفعل أهله، وفي هذا ضمانة لحق الدائن، وإلغاء حبسه يسبب خللاً في العجلة القانونية، وفي حين أن المؤيدين يُرجحون أن الغاية هي أموال المدين وليس المدين نفسه ومادام لم تثبت عليه أي عملية نصب واحتيال وأنه مقر بثقل ذمته المالية بذلك الدين، فالاكتفاء بتتبع أمواله يفي بالغرض ولا جدوى من حبسه حيث إنه في حينها لن يستطيع توفير الأموال للدائن وهو محبوس.وعليه رجح الكثير من القانونيين أنه لابد من التفريق بين المدينين وتقسيمهم إلى ثلاثة أقسام، فهناك المدين المتعثر وهو الذي تكون أمواله لدى مدينين آخرين ولم يسددوا له وتعثر في السداد وهذا لا جدوى من حبسه، بل يُمهل حتى يستطيع تحسين أوضاعه ليتمكن من سداد ديونه.وهناك المدين غير القادر، أي لا يملك أموالاً ولا يستطيع السداد، وهذا أيضاً لا طائل من حبسه، فلو ظل طليقاً قد يعثر على عمل أو سلفة أو مساعدة حتى يستطيع السداد، وأخيراً هناك المدين الممتنع وهو الذي لن تجد فلساً واحداً في حسابه، فجميع أمواله باسم أشخاص آخرين، وهذا المدين يستحق الحبس فلو حُبس ستخرج الأموال سريعاً لخروجه، ولذلك أن تكون لقاضي محكمة التنفيذ سلطة تقديرية في تقرير مصير المدين بحسب ما يتم تقديمه من مستندات وأدلة لتظل جميع الحقوق محفوظة وبالتالي نحفظ استقرار الأسرة.والمشرّع البحريني لم يغفل عن ذلك حيث حدد المرسوم بقانون الخاص بتعديل التنفيذ في المواد المدنية والتجارية على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبالغرامة التي لا تقل عن 500 دينار ولا تتجاوز 100 ألف دينار كل من أخفى أو هرّب عمداً كل أمواله أو بعضها أو أنقص في تقدير قيمتها عمداً، بقصد الامتناع عن التنفيذ، كذلك من أفصح عمداً عن وجود دائن وهمي أو تعمّد المغالاة في تقدير ديونه، بقصد الامتناع عن التنفيذ، كذلك في حال عقد مع أحد دائنيه اتفاقاً يكسبه مزايا خاصة إضراراً بالمنفذ له مع علم المنفذ ضده بذلك، أو تعمّد عرقلة إجراءات التنفيذ، وقدم إلى المحكمة أو أثناء الإجراءات بيانات أو سجلات أو مستندات كاذبة أو مضللة مع علمه بذلك، أو امتنع عن الإفصاح عما لديه من أموال.