رئيفة عبدالعزيز
أصبح التّحكم والسيطرة من الأمراض المُعدية والمنتشرة في مجتمعاتنا، ولأسباب كثيرة منها: توارُث الأمراض النّفسيّة الجينيّة أو الأمراض النفسيّة بسبب الظروف المعيشيّة التي خلقت في أغلب النّاس ذلك الفجّ العميق من النّواقص والتي لا يُشبعها سوى ممارسة التحكُم والسّيطرة على بعضهم البعض، وهكذا تتوارث تلك العمليّة وتستمر مع تغيّر الأجيال والأزمان وما زالت، حتى أنّها أضحت من الأمور الطبيعيّة والمُتعايش معها بضعفٍ وبلا حولٍ ولا قوّة.
إنّ مجتمعاتنا متفوّقة ومتميّزة جداً في تخريج أفراد ضعفاءِ الشّخصيّة وعديمي المسؤوليّة وجاهلين لِحقوقهم وحدودهم الشّخصيّة الإجتماعيّة في العلاقات، مما يُسهّل على الآخرين التّحكُم بهم، وذلك بسبب إستراتيجيّة التربية الرّديئة المُتّبعة من قِبل المجتمع المبنيّة على الخوف واستصغار قدرات الفرد وتحبيطه مما يؤدّي إلى بناء معتقدات داخليّة تُشعرهُ بالنّقص وقلّة الثّقة بالنّفس، ومن هنا تتكوّن شّخصيّتة الشّغوفة بالسّيطرة والتّحكم حتى يشعر بقيمته، فيبدأ بدوره هو أيضاً على نفس الطريق، وقلّة الوعي في هذهِ الأمور إضافةً للخوف الدّاخلي هو ما يجعل تلك الشّخصيات تتكاثر وتستمر.
فلا بأس في ذلك، فلكُلّ مجتمع حسناتهُ وسيّئاته، ولكنّ الطّامة عندما نرى فرداً وقد بلغ من العمرِ مبلغهُ ولا يزالُ هُناك من يتحكّم به ويُسيطر عليه !!!! سواء من الأهل أو الوالدين أو الأصدقاء وإلخ.
وبسبب اعتماده على غيره في بعض أموره ومسؤوليّاته الخاصّة ممّا يجعلهُ دائماً تحت سيطرة غيره من الذين تفضّلوا عليه وقدّموا لهُ الكثير، وهذا ما يُصعّب عليه أمر التّحرر منهم.
إنّ الإنسان الواعي والمدرك جيّداً لحقوقه الحياتيّه وما لهُ وما عليهِ من مسؤوليّات..
لن يسمح أبداً بإلقاء مسؤوليته على غيره وهذا ما سيعينه على وضع حدودهُ الشخصيّة وبالتّالي عدم سّماحهُ لأحد بالتّحكم في حياته، لأنّهُ إنسان قد تحرّر من حاجته للآخرين، ولأنّهُ إنسان مسؤول عن حياته الخاصّة في كل جوانبها، فهو قد وصل لهذه النّتيجة بعد أن قرّر أن يُصبح هو قائداً لِحياته وليس تابعاً لمجتمعه، بعد أن آمن بنفسه وبقدراته وبأنهُ قد خُلق إنساناً حُراً وسيبقى كذلك ما دام يتنفّس، «فكن مسؤولاً تكُن حُراً».