عدوى كليبسيلا الرئوية هي واحدة من تريليونات البكتيريا الموجودة داخل ميكروبيوم أمعاء الشخص وبرازه، إذا أنتقل هذا النوع من البكتيريا إلى أي مناطق أخرى من الجسم، فإنه يمكن أن يسبب عددًا من الحالات، بما في ذلك الألتهاب الرئوي والتهاب السحايا والتهابات المسالك البولية (UTIs) والتهابات الجروح والدم، ويعتبر الأشخاص في المستشفيات أو أماكن الرعاية الصحية الأخرى هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بتلك العدوى الرئوية. 

دراسة جامعة ولاية فلوريدا 

الآن، أفاد باحثون من جامعة ولاية فلوريدا في دراسة جديدة نُشرت مؤخرًا في مجلة 'الأمراض المعدية' أنه قد يكون هناك أيضًا صلة بين كليبسيلا الرئوية التي تدخل الدماغ وتطور نوع من الخرف المعروف باسم مرض 'الزهايمر'. 

الزهايمر وكليبسيلا الرئوية

في هذه الدراسة، أستخدم الباحثون نموذج فأر مصاب بمرض الزهايمر مصابًا ببكتيريا كليبسيلا الرئوية، وخلال الدراسة، وجد العلماء أنه عندما تعرضت الفئران للمضادات الحيوية، استنزف تنوع بكتيريا الأمعاء، مما تسبب في خلل في الميكروبيوم. 

وقد سمح هذا بعد ذلك لعدوى الكليبسيلا الرئوية بالهجرة من القناة الهضمية إلى مجرى الدم عن طريق المرور عبر بطانة القناة الهضمية، ومن هناك، إنتقلت البكتيريا إلى الدماغ، مسببة التهابًا عصبيًا وضعفًا في الإدراك العصبي، وكلاهما من أعراض مرض الزهايمر المعروفة. 

أمراض التنكس العصبي

يقول الباحثون إن هذه النتائج تؤكد على المخاطر المحتملة التي قد تسببها العدوى المكتسبة من المستشفيات مثل الكليبسيلا الرئوية فى  تطور أمراض التنكس العصبي. 

الدور الذي يلعبه محور الأمعاء والدماغ في مرض الزهايمر

يقول ديفيد ميريل، طبيب نفساني للمسنين ومدير مركز صحة الدماغ التابع لمعهد علم الأعصاب في المحيط الهادئ في سانتا مونيكا، كاليفورنيا، حول هذه الدراسة، انها نموذجية ومثيرة للأهتمام توضح لنا الآلية الكامنة وراء الأتصال بين الأمعاء والدماغ. 

وأوضح أن 'العلاج بالمضادات الحيوية لأمراض الأمعاء يمكن أن يؤدي إلى عواقب غير مقصودة تزيد من خطر الإصابة بأمراض التنكس العصبي في المستقبل'، مضيفاً: 'إن فهم سلسلة الأحداث التي تؤدي إلى أمراض التنكس العصبي قد يسمح لنا بتغيير نهج العلاج تجاه الألتهابات البكتيرية المرضية في الأمعاء.' 

وتابع: “قد يكون من الممكن منع تطور مرض الزهايمر عن طريق علاج مشاكل الأمعاء بشكل مختلف، سيكون رائعًا أن نرى تدخلات تمت تجربتها على هذه النماذج الحيوانية نفسها ثم يتم ترجمتها إلى استخدام لدى المرضى.” 

ما هي الصورة التي ترسمها الأنواع المختلفة من الأدلة على تطور مرض الزهايمر؟

يقول أشكان فرهادي، طبيب أمراض الجهاز الهضمي المعتمد في مركز ميموريال كير أورانج كوست الطبي في فاونتن فالي، كاليفورنيا، حول هذه الدراسة: 'أنه على الرغم من أن عنوان الدراسة كان مثيرا للاهتمام، وكانت هناك جوانب مثيرة للاهتمام وإيجابية، إلا أن مضمون الدراسة لم يكن شاملا كما كان يمكن أن يكون'. 

واقترح قائلاً: 'إن المؤلفون يزعمون أن بكتيريا الأمعاء يمكن أن تنتقل من هنا إلى هناك، في حين أظهروا فقط وجود بكتيريا واحدة محتملة في الأمعاء في مجموعة من المضادات الحيوية دخلت مجرى الدم، وهو أمر جيد، وكنا نعرف ذلك'. وأوضح فرهادي أنه عندما يتعرض المريض للمضادات الحيوية، يمكن أن يصاب بالعدوى لأن حاجز الأمعاء يتعطل. 

'لقد أظهروا أيضًا أنه عندما يصاب الدم بالعدوى، أعتقدنا أن حاجز الدم في الدماغ كان سيحمي غزو البكتيريا إلى الدماغ، ولكن هذا لم يكن صحيحًا أيضًا، حيث تجاوزت هذه البكتيريا هذا الحاجز أيضًا و وتابع: 'دخلت إلى الدماغ'. 

هل تنطبق هذه النتائج على البشر؟ 

يقول كليفورد سيجيل، طبيب الأعصاب في مركز بروفيدنس سانت جون الصحي في سانتا مونيكا، كاليفورنيا، حول هذا البحث الجديد، يعتقد أنه من الغريب أن دراسة تحدد العدوى المنقولة بالدم والتي تنتقل إلى الدماغ وتسبب الأرتباك، لا تستخدم كلمات إلتهاب السحايا أو التهاب الدماغ أو الهذيان.

وأوضح: 'في أي وقت يصاب شخص ما بعدوى في دماغه، يسمى خارج دماغه التهاب السحايا وداخل دماغه يسمى التهاب الدماغ، وجميع إلتهابات الدماغ تسبب الأرتباك، وفي معظم الأحيان يكون هذا الارتباك قابلاً للشفاء، ويسمى الهذيان'.  

وأضاف: “أنا مندهش من أن هذا المقال بأكمله يتحدث عن إصابة الأشخاص بعدوى في الدماغ والارتباك، لكنه لا يحتوي على كلمة التهاب السحايا أو الهذيان”. 

دراسة على الفئران

وحذر قائلاً: 'كانت هذه دراسة على الفئران، ومن الصعب إستقراء أي نوع من الأستنتاجات السلوكية البشرية بناءً على الدراسات السلوكية على الفئران، سيتعين عليك إجراء دراسات متكررة بين شيء بحجم الفأرة وشيء بحجم الإنسان.' 

وتابع: 'فكرة أن العدوى ستسبب الخرف غير مقبولة، العدوى تسبب الهذيان، والهذيان هي الكلمة التي نستخدمها عندما يصاب الأشخاص بالعدوى ويتم الخلط بينهم وبين العدوى، ولا تعترف هذه المقالة بأن لدينا بالفعل فهمًا لكيفية تسبب العدوى في حدوث ارتباك عابر'.