تلعب صحة الغدة الدرقية دورًا محوريًا في تنظيم وظائف الجسم المختلفة، بما في ذلك الصحة العقلية.
والغدة الدرقية، هي عضو صغير على شكل فراشة، تقع في الرقبة، ومسؤولة عن إنتاج هرمونات (T3 وT4) التي تؤثر على عملية التمثيل الغذائي، ومستويات الطاقة ووظيفة الدماغ.
وأي خلل في مستويات هرمون الغدة الدرقية سواء بقصوره وزيادته يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الصحة العقلية.
كيف تؤثر مشاكل الغدة الدرقية على الصحة العقلية؟
في حالة القصور تنتج الغدة الدرقية هرمونات غير كافية، وغالبًا ما يعاني المرضى إثر ذلك من أعراض، مثل: التعب، وانخفاض الحالة المزاجية، وصعوبة التركيز، والتي يشار إليها عادة باسم "ضباب الدماغ".
ويعد الاكتئاب النتيجة الموثقة جيدًا لقصور الغدة الدرقية، مدفوعًا بانخفاض مستويات السيروتونين، وتباطؤ معدل الأيض، وقد يشعر البعض بالانسحاب، ويعانون من نقص الحافز، ومشاكل في الذاكرة.
فرط نشاط الغدة الدرقية والصحة العقلية
وعلى العكس من ذلك، فإن فرط نشاط الغدة الدرقية تظهر نتيجته على شكل قلق، والأرق، وأحيانا نوبات الهلع.
وغالبًا ما تؤدي الحالة الأيضية المرتفعة إلى صعوبات في التنظيم العاطفي.
وفي الحالات الشديدة، يمكن أن يسهم فرط نشاط الغدة الدرقية في حالات مثل الهوس أو الذهان، مما يزيد من تعقيد الصحة العقلية.
خلل الغدة الدرقية والاضطرابات النفسية
وتسلط الأبحاث الضوء على وجود علاقة ثنائية الاتجاه بين اضطرابات الغدة الدرقية والحالات النفسية.
وعلى سبيل المثال، قد يزيد قصور الغدة الدرقية غير المعالج من خطر الإصابة باضطرابات الاكتئاب، في حين يرتبط فرط نشاط الغدة الدرقية غير المعالج باضطرابات طيف القلق.
بالإضافة إلى ذلك، فإن خلل الغدة الدرقية تحت الإكلينيكي، حيث تكون مستويات الهرمونات غير طبيعية إلى حد ما ولكنها ليست واضحة سريريًا، لا زال من الممكن أن يؤثر على الحالة المزاجية والوظائف المعرفية.
كيف يتم التشخيص والعلاج؟
التشخيص الصحيح هو المفتاح لإدارة مخاوف الصحة العقلية المتعلقة بالغدة الدرقية، وتعتبر اختبارات الدم التي تقيس مستويات TSH (الهرمون المنبه للغدة الدرقية) ومستويات T3 و T4 ضرورية.
وبمجرد التشخيص، يتضمن العلاج عادة استبدال هرمون الغدة الدرقية لعلاج قصورها، أو أدوية مضادة للغدة الدرقية لفرط نشاطها.
وفي كثير من الحالات، تتحسن أعراض الصحة العقلية بشكل ملحوظ بعد استقرار مستويات الغدة الدرقية.
الرعاية الشاملة
وتتطلب الصحة العقلية في اضطرابات الغدة الدرقية اتباع نهج متعدد التخصصات. إلى جانب العلاج الطبي، فقد يستفيد المرضى من الاستشارة، وتقنيات إدارة التوتر وتعديلات نمط الحياة، مثل: اتباع نظام غذائي متوازن، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
ويعد الوعي بالصلة بين صحة الغدة الدرقية والصحة العقلية أمرًا بالغ الأهمية للتشخيص والتدخل المبكر.
إدراك العلاقة المعقدة بين الغدة الدرقية والصحة العقلية يسمح بإدارة أفضل للصحة الجسدية والعاطفية.
ويجب على المرضى الذين يعانون من تغيرات مزاجية مستمرة، أن يأخذوا في الاعتبار فحص الغدة الدرقية كجزء من تقييمهم.