تُعتبر ليلة النصف من شهر رمضان المبارك من أكثر ليالي السنة متعة، حيث يحرص الأهالي من المجتمعات العربية والخليجية على تجهيز أبنائهم لإحياء هذا الموروث الشعبي الذي تداولته الأجيال بتعدد مسمياته في مختلف الدول منذ زمن الأجداد إلى يومنا هذا، بكل ما يحمله من عادات وتقاليد تشيع في الأحياء والأزقة أجواء من الأنس والبهجة الغامرة في نفوس الأطفال خلال الشهر الكريم.
ومنذ أن استمر إحياء موروثنا الشعبي الذي نُطلق عليه في بلدنا البحرين باسم «القرقاعون»، أعواماً متتالية تعايشت معها أجيال مختلفة، إلا أنها أصبحت قيمة ثقافية يتعرّف من خلالها جيل اليوم على أبرز التقاليد التي سلكها جيل الآباء والأجداد في طفولتهم حاملين في طياتها أجمل الذكريات التي يجدّدها الأحفاد كل عام بأنماط مختلفة وحلل جديدة.
ولتكن ليلة القرقاعون فرصة سانحة لخروج الأطفال من منازلهم بعد صلاة العشاء لقضاء أوقات مسلية بطابع تقليدي عند ارتدائهم الملابس الشعبية مثل الثوب الأبيض و«القحفية» المطرزة للأولاد، فيما ترتدي البنات «الجلابية» و»البخنق»، مع حمل الطبول وأكياس القرقاعون، لتبدأ مسيرة التجوال في الشوارع والأحياء الصادحة بصوت الأهازيج وقرعات الطبول تعبيراً عن فرحة القرقاعون وحصيلة جمع محتوياته المكونة من المكسرات والحلويات من بيوت الحي.
وفي وقتنا الراهن نرى العديد من الفعاليات المنظمة في المجمعات والقاعات والفنادق وغيرها، من قِبل المؤسسات والمراكز التي تولي اهتمامها بإحياء الموروثات الشعبية، وخصوصاً في المدارس حيث لا تتوانى أي هيئة إدارية في احتضان الأنشطة المتعلقة بذات الشأن، لتعريف الطلبة بالهوية الوطنية وتراثها العريق.
ليلة القرقاعون المحتفى بها في منتصف شهر رمضان، تحمل في طياتها قيماً ومبادئ تعكس ثقافة أهل البحرين بحفاظهم على تقاليد الماضي العريق الذي يمثّل صور التلاحم الاجتماعي، بين أبناء مجتمعه وتشجيعهم على إحياء التراث ليكون مكسباً ثقافياً تتوارثه الأجيال أعواماً تلو الأخرى.