الاكتئاب حالة نفسية معقدة تتجاوز مجرد الشعور بالحزن العابر، أو التقلبات المزاجية التي يمر بها الإنسان في حياته اليومية، فبينما يرتبط الحزن بموقف معين ويختفي مع مرور الوقت يستمر الاكتئاب لفترة طويلة، ويؤثر على جوانب الحياة المختلفة، مما يجعله يتطلب اهتمامًا خاصًا للتعامل معه بالشكل الصحيح
الفرق بين الحزن والاكتئاب الحقيقي
الشعور بالحزن أمر طبيعي يحدث نتيجة فقدان شخص عزيز، الفشل في تحقيق هدف معين أو مواجهة ضغوط الحياة، لكن الحزن العادي يكون مؤقتًا ويتلاشى مع الوقت، بينما الاكتئاب يستمر لشهور دون أن يكون هناك سبب واضح في بعض الأحيان.
ويجد الشخص نفسه غارقًا في مشاعر اليأس وانعدام القيمة حتى وإن لم يكن هناك حدث سلبي مباشر يفسر ذلك، كما يفقد المصاب بالاكتئاب القدرة على الاستمتاع بالأشياء التي كانت تجلب له السعادة في السابق فلا يعود للأنشطة الممتعة تأثير إيجابي على مزاجه كما كان الحال من قبل
تأثير الاكتئاب على الطاقة والنشاط اليومي
الشخص المصاب بالاكتئاب يعاني من إرهاق دائم يجعله غير قادر على أداء أبسط المهام اليومية، حتى الأمور الروتينية مثل النهوض من السرير أو إعداد وجبة طعام تصبح تحديًا، النوم يتأثر أيضًا، فقد يعاني المريض من أرق مستمر يجعله غير قادر على النوم لساعات كافية، أو على العكس قد ينام لساعات طويلة دون الشعور بالراحة، ويؤثر ذلك على مستوى طاقته وتركيزه، مما يجعله غير قادر على اتخاذ القرارات أو التفكير بوضوح
التغيرات في الشهية والوزن
التغيرات في الشهية تظهر بشكل واضح لدى المصابين بالاكتئاب، فالبعض يفقد شهيته تمامًا وينخفض وزنه بشكل ملحوظ، بينما يلجأ آخرون إلى تناول الطعام بشراهة كوسيلة للهروب من المشاعر السلبية، مما يؤدي إلى زيادة الوزن، وفي الحالتين يكون هذا التغيير مرتبطًا بالحالة المزاجية المضطربة وليس بالحاجة الجسدية للطعام
الشعور بالذنب وانعدام القيمة
الإحساس بالذنب وانعدام القيمة من أكثر المشاعر التي ترافق الاكتئاب، حيث يشعر المريض أنه غير كافٍ أو أن وجوده غير مهم، وقد يلوم نفسه على أمور تافهة أو يبالغ في تأنيب ذاته على أخطاء قديمة، هذه المشاعر تجعله أكثر عرضة للعزلة الاجتماعية حيث يبدأ في تجنب الآخرين ويشعر أنه غير قادر على التفاعل معهم بشكل طبيعي، وفي بعض الحالات الشديدة قد تتطور هذه الأفكار إلى رغبة في إيذاء النفس أو حتى التفكير في الانتحار، وهو ما يستدعي التدخل الفوري لحماية المريض ومساعدته على تجاوز هذه المرحلة
الاكتئاب كجزء من اضطرابات أخرى
من المهم أن ندرك أن الاكتئاب قد يكون جزءًا من اضطرابات أخرى مثل اضطراب القلق أو اضطراب ثنائي القطب، وقد يصاحبه أعراض أخرى مثل نوبات الهلع، التقلبات المزاجية الحادة أو الأفكار الوسواسية لذلك من الضروري استشارة مختص نفسي للحصول على التشخيص الصحيح والتأكد من أن الأعراض ليست نتيجة لحالة أخرى تحتاج إلى نهج علاجي مختلف