الاحتراق النفسي هو حالة نفسية وجسدية تتسبب في شعور الفرد بالإرهاق الشديد، وفقدان الدافع، والابتعاد عن الأنشطة التي كانت تثير اهتمامه في السابق، وغالبًا ما يحدث هذا الاضطراب نتيجة التوتر المزمن في العمل أو الحياة الشخصية، إذ تتراكم الضغوط حتى تصبح عبئًا لا يمكن تحمله، ويعد الاحتراق النفسي من القضايا الصحية التي تؤثر بشكل عميق على الأداء الشخصي والعلاقات الاجتماعية، وقد يتسبب في مشكلات صحية طويلة الأمد إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح، وفي هذا التقرير سنستعرض أسباب الاحتراق النفسي، وأعراضه، وطرق تشخيصه، وكيفية العلاج منه.
أسباب الاحتراق النفسي
تتعدد أسباب الاحتراق النفسي ولكن العامل المشترك بين جميعها هو التوتر المستمر والمزمن الذي يضع ضغطًا على الشخص، وأحد الأسباب الرئيسية هو العمل المفرط والضغوط المهنية التي لا تنتهي إذ يشعر الفرد أن متطلبات العمل تفوق طاقته ولا يوجد وقت كافٍ للراحة أو للاهتمام بالجانب الشخصي، والأشخاص الذين يعملون في وظائف ذات مسؤوليات عالية أو في بيئات سريعة ومتطلبة هم الأكثر عرضة للإصابة بالاحتراق النفسي.
من الأسباب الأخرى التي تساهم في الاحتراق النفسي هي القضايا العائلية أو الاجتماعية مثل الشعور بالإحباط بسبب صعوبات في الحياة الشخصية أو بسبب مواجهة تحديات كبيرة في العلاقات، وأيضًا القلق المستمر بشأن المستقبل، والتعرض للأزمات المالية، وفقدان الدعم الاجتماعي يمكن أن تكون من العوامل التي تؤدي إلى هذا الاضطراب، وبالإضافة إلى ذلك بعض الأشخاص قد يعانون من احتراق نفسي بسبب عدم وجود توازن بين العمل والحياة الشخصية، مما يجعلهم يشعرون بالإرهاق وعدم القدرة على التعامل مع المسؤوليات المختلفة.
أعراض الاحتراق النفسي
تتراوح أعراض الاحتراق النفسي بين الجسدية والنفسية وتظهر بشكل تدريجي مع مرور الوقت، وأحد الأعراض الأكثر شيوعًا هو الشعور بالإرهاق الجسدي والعاطفي المستمر حتى بعد الحصول على قسط كافٍ من النوم، وقد يشعر الفرد بعدم القدرة على التفاعل مع المهام اليومية بشكل طبيعي، مما يؤدي إلى تراجع الأداء الشخصي والمهني.
من الأعراض النفسية الشائعة أيضًا الشعور بالعجز أو الفقدان الكامل للدافع، إذ يبدأ الشخص في فقدان الرغبة في ممارسة الأنشطة التي كانت تمنحه السعادة والراحة النفسية، كما قد يعاني الأشخاص المصابون بالاحتراق النفسي من القلق المستمر، والاكتئاب، والشعور بالانعزال عن الآخرين، وأما الأعراض الجسدية فقد تشمل الصداع المزمن، آلام الظهر أو الرقبة، واضطرابات في النوم.
تشخيص الاحتراق النفسي
يتم تشخيص الاحتراق النفسي عادة من خلال تقييم الأعراض والتاريخ الطبي والنفسي للمريض، ونظرًا لأن الاحتراق النفسي يمكن أن يتشابه مع حالات أخرى مثل الاكتئاب أو القلق فإنه من الضروري أن يقوم مختص بالصحة النفسية بإجراء تقييم شامل، ويشمل ذلك مناقشة الضغوط التي يتعرض لها الشخص في العمل أو الحياة الشخصية، وفحص مستوى الدافع والطاقة النفسية والجسدية.
في بعض الحالات، قد يتطلب التشخيص إجراء اختبارات نفسية لتحديد ما إذا كانت الأعراض ناتجة عن احتراق نفسي أو بسبب اضطرابات نفسية أخرى، كما ينصح بإجراء فحوصات طبية لاستبعاد أي مشاكل صحية جسدية قد تساهم في هذه الأعراض.
علاج الاحتراق النفسي
الاحتراق النفسي هو حالة قابلة للعلاج ولكن يتطلب علاجها معالجة الأسباب الجذرية التي تؤدي إلى الضغط النفسي المزمن، ويبدأ العلاج عادةً بتقليل التوتر عن طريق تغيير نمط الحياة وزيادة الاهتمام بالصحة العقلية والجسدية، ومن الخطوات المهمة في العلاج هو تحديد مصدر الضغط وتحديد ما إذا كان من الممكن تقليل المتطلبات أو إعادة تنظيمها بحيث تصبح أكثر قابلية للإدارة.
واحدة من الأساليب الفعالة في العلاج هي العلاج النفسي وخاصة العلاج السلوكي المعرفي الذي يساعد الأفراد على تحديد الأنماط السلبية في التفكير والسلوك واستبدالها بأساليب أكثر صحة، كما يمكن أن يساعد الدعم الاجتماعي، سواء كان من العائلة أو الأصدقاء أو من خلال مجموعات الدعم في تقليل شعور العزلة وتوفير الشعور بالراحة النفسية.
من جانب آخر ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل اليوغا، والتأمل، والتنفس العميق، يمكن أن تساهم بشكل كبير في تقليل مستويات التوتر، وعلاوة على ذلك من المهم أخذ فترات راحة منتظمة، والنوم الجيد، وممارسة الرياضة بانتظام للحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية.