العربية.نت

منذ مساء أمس الأحد، تقاطرت التحليلات والتكهنات في إيران حول هوية الذين اغتالوا عقيداً في الحرس الثوري أمام منزله في قلب طهران، وبوضح النهار.

وفيما ألمح الحرس الثوري إلى "قوى الاستكبار" في إشارة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، بحسب قاموسه، إلا أنه لم يسمهما بالاسم.

لكن العديد من المراقبين شبهوا اغتيال العقيد صياد خدائي، الذي كان في سوريا، بسيناريو اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده قبل عامين، قرب طهران، بسلاح هرب إلى البلاد وركب في الداخل، قبل أن يفرغ رصاصه بسيارته وجسده.

وفي هذا السياق، اعتبر المحلل والباحث العراقي المتخصص في الشؤون الاستراتيجية والأمن الدولي، في معهد "واشنطن انستيتيوت"، فراس الياس، أن إسرائيل وضعت العقيد في فيلق القدس صياد خدائي على قائمة الاستهداف في سوريا، لضلوعه في تطوير برامج الطائرات المسيرة التي أطلق بعضها إلى إسرائيل في الفترة الماضية.

إلا أنه أشار بتغريدة على حسابه على تويتر إلى أن السلطات الإيرانية أعادته إلى طهران حفاظاً على حياته، لكن الموساد كان مصمماً على اغتياله بأي طريقة، على ما يبدو.

ولعل ما يؤكد هذه الفرضية، أن وسائل إعلام إسرائيلية اعتبرت أن هذا الاغتيال لا علاقة له بالملف النووي الإيراني، بل يأتي في إطار حرب الظل بين تل أبيب وطهران في سوريا.

كما أشارت إلى أنه تورط في عمليات استهداف إسرائيليين في الخارج.

وأكد بعضها أنه كان مساعدا مقربا من القائد السابق لفيلق القدس، قاسم سليماني، الذي اغتيل أيضا في يناير 2020 بغارة جوية أميركية قرب مطار بغداد.

إلى ذلك، أفادت بأن القتيل ارتبط بخطط "وحدة840" السرية، وهي تابعة للحرس الثوري، ومهمتها القيام بسلسلة عمليات قتل في أوروبا، بينها استهداف دبلوماسي إسرائيلي في اسطنبول، وجنرال أميركي في ألمانيا، اضافة الى صحافي فرنسي.

في حين لفتت "القناة13" التفزيونية الاسرئيلية، إلى أنه "كان مسؤولا عن نقل تكنولوجيا صاروخية متطورة ودقيقة إلى حزب الله في لبنان، فضلاً عن المسيّرات دون أن تذكر مصدر معلوماتها.

في المقابل، توعدت إيران كعادتها بالرد. وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، اليوم الاثنين، إن الثأر لدم صياد خدائي سيكون في المتناول بالتأكيد.

كما شدد على أن العقيد اغتيل على يد إرهابيين، مؤكداً أن السلطات تتابع تفاصيل الجريمة، بحسب ما نقل التلفزيون الإيراني الرسمي.

فيما أكد مسؤول إيراني بتصريحات تلفزيونية، لم يكشف عن اسمه، أن هذا الاغتيال يعتبر تجاوزاً للخطوط الحمراء، وسيحدث تغييرات جذرية في معادلة الصراع.

5 طلقات بوضح النهار

يذكر أن خدائي غرق بدمائه أمام منزله في شرق طهران، بعد أن أطلق عليه مسلَّحان يستقلان دراجة نارية 5 رصاصات، وفرا من عين المكان دون أن تتمكن الشرطة من إلقاء القبض عليهما.

فيما عثرت لاحقاً زوجته على جثة غارقة في الدماء، في سيارته البيضاء أمام المنزل.

ليعلن الحرس الثوري في بيان أن القتيل كان "أحد المدافعين عن المراقد المقدسة، مدافع حرم، وقد تعرض إلى جريمة اغتيال إرهابية نفّذها شخصان كانا على دراجة نارية في شارع مجاهدي الإسلام في شرق طهران".

وتستخدم الجهات الرسمية في إيران عبارة "مدافع حرم" للإشارة إلى أفراد الحرس الذين أدوا مهام في سوريا والعراق، فيما ينتمي هؤلاء إجمالا إلى فيلق القدس الموكل بالعمليات العسكرية الخارجية في الحرس الثوري.

ودان الحرس عملية الاغتيال التي وصفها بالإرهابية، مشيرا إلى أن من يقف خلفها هم عناصر مرتبطون بـ"الاستكبار العالمي"، وهي العبارة التي تستخدمها طهران للإشارة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل.

كما أكد فتح تحقيق لتحديد هوية "المعتدي أو المعتدين".

"أعداء طهران"

من جهته، اعتبر الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، أن " أعداء الجمهورية الإسلامية الإيرانية الألداء أظهروا مرة أخرى طبيعتهم الشريرة باغتيال أحد كوادر حرس الثورة الإسلامية المضحين"، وفق تعبيره.

كما أضاف "أن هذه الجريمة التي ارتكبتها عناصر إرهابية عميلة للاستكبار العالمي، تأتي في منتهى الأسف، في ظل دعم وصمت الدول التي تدعي محاربة الإرهاب".

صور القتيل

وكانت صور القتيل انتشرت على مواقع التواصل أمس، بعد أن نشرتها وكالات محلية رسمية، وأظهرت خدائي خلف المقود في سيارته مضرجا بالدماء وقد انحنى رأسه إلى الأسفل، فيما بدا زجاج النافذة البعيدة عن السائق محطما.

يذكر أن هذا الهجوم الذي يستهدف شخصية إيرانية على أراضي إيران يعد الأبرز منذ نوفمبر 2020، حين قتل العالم النووي محسن فخري زاده بإطلاق نار استهدف موكبه قرب العاصمة، في عملية اتّهمت طهران إسرائيل بتنفيذها.