على الرغم من مقاومة رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الضغوط الجبارة التي مارسها وزراء كبار لدفعه إلى التنحي، أمس، إلا أن كرة التمرد داخل حكومته وحزبه بدأت تكبر وبقوة، ما قد يشي بتنحيه خلال الساعات القادمة عن زعامة حزب المحافظين.
فبعد تقديم 46 وزيراً استقالاتهم خلال الـ 48 ساعة الماضية، انضم إليهم، اليوم الخميس، 8 آخرون، من بينهم وزير الدولة لشؤون أيرلندا الشمالية براندون لويس، فضلاً عن وزيرة في "الخزانة" هيلين واتلي، ووزير الدولة لشؤون الأمن والحدود داميان هيندز.
كما قدم وزير الدولة لشؤون المعاشات استقالته اليوم أيضا، إلى جانب جيمس كارتليج مساعد وزير العدل، وكريس فيليب مساعد وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والإعلام.
ولحقتهم وزيرة التربية ميشال دونيلان التي عينت قبل يومين فقط!
فيما طالب وزير المالية الجديد ناظم الزهاوي، رئيس الوزراء بالاستقالة، بعد أقل من 48 ساعة من تعيينه أيضا في الحكومة، محذراً من أن الأزمة ستزداد سوءا.
الحكومة تترنح
ما أثار التساؤلات مجدداً وبقوة حول مصير الحكومة المترنحة، وإمكانية قبول جونسون بالاستقالة خلال الساعات المقبلة، وفق مخرج مشرف.
لكن حتى الآن لا يبدو شيء أكيداً، فالحكومة لا تزال "صامدة" رغم الفضائح المتتالية التي هزتها بعنف، ورغم التمرد المفتوح للعديد من نواب حزب المحافظين الحاكم، فضلاً عن توجه بعض الوزراء إلى داوننع ستريت أمس ليخبروا جونسون بأن عليه الرحيل.
خروج يحفظ له كرامته
بل إن أحد الزائرين شجعه على خروج يحفظ له كرامته، كأن يحدد بنفسه جدولا زمنيا بدلاً من مواجهة تصويت على حجب الثقة.
فيما أكد العديد من المشرعين أن السؤال بات الآن "متى وليس ما إذا كان عليه التنحي"، بحسب ما نقلت رويترز.
أما في جلسة البرلمان التي عقدت أمس للرد على الأسئلة، فكافح العديد من أعضاء حزب جونسون لكتم ضحكاتهم عندما سخر آخرون منه.
كما حاول وزراء في حكومته إخفاء ابتساماتهم حين سخر منها زعيم حزب العمال المعارض.
وتعرض ساكن داوننع ستريت لانتقادات شديدة مما تسمى لجنة الاتصال، حيث استجوبه كبار السياسيين بشأن سلوكه السابق، ودوافعه وبعض الفضائح التي شكلت جزءا كبيرا من فترة ولايته، وهزت أركان حكومته، حتى بدأت بالتداعي!
تحرش واغتصاب وأفلام إباحية
فقد انتقد العشرات نزاهة جونسون علناً بعد أن اضطر للاعتذار على تعيين مشرع في دور يتعلق بانضباط الحزب، متغاضياً عن أن هذا السياسي كان محور شكاوى تتعلق بسوء سلوك جنسي.
كما ضربت فضيحة الحفلات بقوة رأس الحكومة البريطانية، حيث تكشفت عدة حفلات أقامها في مكتبه ومقر إقامته في انتهاك صارخ لقوانين الإغلاق الصارمة المتعلقة بكوفيد-19 التي فرضت على مدى أشهر طويلة في البلاد سابقا.
كذلك تعرض حزبه لفضائح جنسية عدة، من تحرش أحد النواب المحافظين بقاصر، مرورا بمشاهدة آخر لأفلام إباحية خلال جلسات تشريعية، وصولاً حتى إلى الاغتصاب!
لكن على الرغم من كل تلك الفضائح والدعوات المتزايدة لاستقالته، أكد جيمس دودريدج، وهو نائب عن حزب المحافظين ومساعد مقرب لجونسون، أن الزعيم البريطاني "مستعد للقتال" .
عكس ما يشتهيه
إلا أن الرياح قد تجري عكس ما يشتهيه جونسون، إذ سيواجه إن لم يستقل اليوم، تصويتاً على الثقة من المشرعين في حزبه،خلال الأيام المقبلة، إذا اتفقوا على تغيير قواعد الحزب التي تسمح فقط بتحرك واحد كهذا في العام.
نهج قتالي وفوضوي
يشار إلى أن الرجل الخمسيني كان وصل إلى السلطة قبل نحو ثلاث سنوات، ووعد بتحقيق انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وإنقاذها من المشاحنات المريرة التي أعقبت الاستفتاء على خروجها من التكتل عام 2016.
ومنذ ذلك الحين، دعم بعض المحافظين بحماس الصحافي السابق ورئيس بلدية لندن بينما أيده آخرون، رغم وجود بعض التحفظات، لأنه كان قادرا على استمالة قطاعات من الناخبين الذين كانوا يرفضون حزبهم عادة. ثم تأكد ذلك لاحقاً في انتخابات ديسمبر كانون الأول 2019.
لكن نهج إدارته القتالي والفوضوي في الحكم في كثير من الأحيان وسلسلة من الفضائح استنفدت رضا العديد من نوابه، دفعت العديد من المؤيدين للتخلي عنه. فقد أظهرت أحدث استطلاعات الرأي أنه لم يعد يحظى بشعبية لدى عامة الشعب.