الشرق الأوسط
قضت محكمة سويدية، اليوم (الخميس)، بالسجن المؤبد على مسؤول قانوني إيراني سابق أدانته بالمشاركة في عمليات إعدام جماعي وتعذيب سجناء سياسيين في الثمانينيات.
واستنتج القضاة الذين تلوا الحكم في مؤتمر صحافي نقل عبر دائرة الفيديو، بأن دفاع حميد نوري الذي استند إلى عدم وجوده في سجن غوهردشت أثناء الإعدامات التي وجهت إليه التهم بالتورط فيها، غير مقبولة.
وأشار القاضي إلى أن دفاع نوري بحصول لغط حول اسمه، ما أدى إلى توجيه الاتهام، أيضاً غير مقبول. وتحدث عن أدلة قوية تقدم بها الادعاء السويدي، من بينها شهادات 60 شخصاً من معتقلين ناجين من الإعدامات وأهالي الضحايا.
وحكمت المحكمة كذلك على نوري بدفع تعويضات لأهالي الضحايا بسبب الأزمة النفسية التي تسبب بها عدم معرفتهم بمكان دفن جثث ذويهم الذين قتلوا في الإعدامات.
وواجه نوري، الذي اعتقل في مطار ستوكهولم عام 2019، اتهامات بارتكاب جرائم حرب تشمل إعداماً جماعياً وتعذيب سجناء سياسيين في سجن غوهردشت في كرج بإيران في صيف 1988 بناء على فتوى صادرة من المرشد الإيراني الأول (الخميني).
وقدرت منظمة العفو الدولية عدد الذين تم إعدامهم بناء على أوامر حكومية بنحو 5 آلاف. وقالت في تقرير عام 2018 إن «العدد الحقيقي يمكن أن يكون أعلى». ولم تعترف إيران بجرائم القتل.
ونوري، الذي ينفي الاتهامات الموجهة له، هو الوحيد حتى الآن الذي يواجه محاكمة بسبب التطهير الذي استهدف أعضاء من جماعة مجاهدي خلق الإيرانية، الذين كانوا يقاتلون في أجزاء من إيران، إلى جانب معارضين سياسيين آخرين.
وكانت منظمة مجاهدي خلق جزءاً من الفصائل التي شاركت بثورة 1979 قبل أن تعلن انشقاقها بعد تبني «ولاية الفقيه» كأساس في المؤسسة الحاكمة.
وسلطت المحاكمة اهتماماً على الرئيس الإيراني المتشدد إبراهيم رئيسي، الذي يخضع لعقوبات أميركية بسبب ماضٍ يشمل ما تقول واشنطن ونشطاء إنه تورطه كواحد من أربعة قضاة أشرفوا على جرائم القتل في عام 1988.
ولدى سؤاله عن هذه المزاعم، قال رئيسي للصحافيين بعد انتخابه في عام 2021 إنه دافع عن الأمن القومي وحقوق الإنسان.
وتوترت العلاقات بين ستوكهولم وطهران. ووصف إيران المحاكمة بأنها «غير قانونية». واستدعت السفير السويدي مطلع مايو (أيار) الماضي بعدما طلب المدعي العام في ستوكهولم المؤبد لنوري.
وقال ناصر كنعاني المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية في مؤتمر صحافي أمس الأربعاء «على السويد أن تهيئ السبل للإفراج عن نوري في أسرع وقت ممكن» بحسب «رويترز».
وبموجب القانون السويدي، يمكن للمحاكم محاكمة المواطنين السويديين ومواطني الدول الأخرى على الجرائم المرتكبة ضد القانون الدولي في الخارج.
وحشدت جماعة مجاهدي خلق اليوم أنصارها خارج محكمة ستوكهولم، قبل ساعات من النطق بالحكم على نوري.
وانتهت في 4 مايو الماضي، بعد تسعة أشهر على انطلاقها في السويد وانتقلت لفترة وجيزة إلى ألبانيا للاستماع إلى بعض الشهادات في نهاية عام 2021.
تحظى محكمة نوري بأهمية بالغة، كونها أول محكمة لمسؤول إيراني بتهمة الإعدامات التي هزت البلاد في 1988، وعادت للواجهة في أغسطس (آب) 2016. بعدما سرب مكتب حسين علي منتظري، نائب الخميني الذي عزل من منصبه لاحقاً، تسجيلاً صوتياً من اجتماعه مع المسؤولين الأربعة فيما تعرف بـ«لجنة الموت» في أغسطس 1988، ومن بين رجال الدين الأربعة، نائب المدعي العام في طهران حينذاك، الرئيس الحالي رئيسي، الذي يعد من أبرز المرشحين لخلافة المرشد الحالي علي خامنئي.
ويحذر منتظري من تبعات الإعدامات قائلاً إنهم ارتكبوا «أكبر الجرائم في تاريخ الثورة الإيرانية» وإن «الخميني سيذكر في التاريخ بوصفه شخصاً دموياً وسفاكاً وفتاكاً».
وفي نهاية الأسبوع الماضي، دافع حسين علي نيري حاكم الشرع في إعدامات 1988، الذي ترأس «لجنة الموت»، لأول مرة عن تلك الإعدامات. وقال في شهادة نشرت على موقع «مركز وثائق الثورة الإسلامية» إن «الظروف الحرجة للبلاد» دفعت الخميني إلى اتخاذ قرار الإعدامات.
وقال: «لولا القرار، لكان الوضع مختلفاً تماماً، ربما لم يبق النظام أبداً»، متهماً جماعة مجاهدي خلق بالوقوف وراء الاغتيالات التي حدث في الثمانينات، وقال: «في ظل تلك الأوضاع كان من غير الممكن إدارة البلد باللين واللطف».