أعلن الجيش في بوركينا فاسو الاستيلاء على السلطة بحجة ضبط الأمن في البلاد.
وفي بيان تلاه ضباط من الجيش على التلفزيون الرسمي "آر تي بي" أعلنوا حل حكومة الرئيس بول هنري سانوغو داميبا بشكل مؤقت، ولفت البيان إلى أن النقيب إبراهيم تراوري هو الرئيس الجديد للبلاد.
وأعلن الضباط تعليق العمل بالدستور وإغلاق المعابر الحدودية وحل الحكومة حتى إشعار آخر.
وتزامن هذا الاستيلاء على السلطة مع خروج مئات الداعمين لتحرك الجيش رافعين الأعلام الروسية ورافضين ما سموه "الاحتلال الفرنسي" لبلادهم.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي انقلب الكولونيل بول هنري داميبا على الرئيس روش كابوري بزعم تقاعسه عن احتواء عنف المتطرفين في البلاد.
وتعهد زعيم الانقلاب آنذاك بإعادة الأمن، ولكن الهجمات تفاقمت مما أدى إلى تراجع الروح المعنوية في صفوف القوات المسلحة، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ويمثل هذا سادس استيلاء للجيش على السلطة خلال ما يزيد قليلاً على عامين غرب إفريقيا ووسطها، وهي منطقة قطعت خطوات واسعة خلال السنوات العشر الماضية للتخلي عن سمعتها باعتبارها "حزام انقلاب".
مالي كانت البداية
خلال الأشهر الماضية أعلن المجلس العسكري في مالي، لما قال إنه رد على "الانتهاكات والخروقات" الفرنسية في بلاده، فسخه جميع الاتفاقات الدفاعية التي تربطه مع فرنسا. في خطوة أنهى بها عقوداً من نفوذ باريس داخل مستعمرتها القديمة.
وقال المتحدث باسم الحكومة المالية الكولونيل عبد الله مايغا وقتها إن الحكومة ألغت كلّ الاتفاقيات التي تحدّد إطاراً قانونياً لوجود قوّتَي برخان الفرنسية وتاكوبا الأوروبية في مالي، وكذلك اتفاقية التعاون الدفاعي المبرمة في 2014 بين مالي وفرنسا. معللاً القرار بأنّ حكومة مالي "تلمس منذ فترة تدهوراً كبيراً في التعاون العسكري مع فرنسا".
وأشار مايغا خصوصاً إلى "سلوك أحادي" لفرنسا عندما علّقت العمليات المشتركة بين القوات الفرنسية والمالية في يونيو/حزيران 2021، وإعلانها في شباط/فبراير 2022، "بلا أي تشاور مع الجانب المالي"، انسحاب قوّتَي برخان وتاكوبا من هذا البلد، و"الخروق الكثيرة" من الطائرات الفرنسية للمجال الجوي المالي رغم إغلاق السلطات المالية المجال الجوي فوق قسم كبير من أراضي البلاد.
قرار ردَّت عليه وزارة الخارجية الفرنسية، على لسان الناطق باسمها، بأن "فرنسا تعتبر هذا القرار غير مبرر"، نافية أي اتهامات بـ "الانتهاكات" وجهتها إليها السلطات المالية. ومؤكدة أن فرنسا ستواصل انسحابها العسكري "بشكل منظم" كما هو مخطط بحلول أغسطس/آب القادم.
ويعد القرار المالي رصاصة الرحمة على الوجود الفرنسي في مالي الآخذ، منذ انقلاب مايو/أيار 2021، في التدحرج نحو الخسارة التامة لنفوذه داخل البلد الإفريقي. بالمقابل، تخسر باريس تلك الأراضي لصالح موسكو، التي لعبت دوراً كبيراً في هذا المآل، ولا تزال تكثف تحركاتها على الأرض عن طريق مجموعة "فاغنر" أو سياسياً في مجلس الأمن، من أجل تثبيت وجودها بديلاً هناك.
من بارخان إلى الانسحاب
في أغسطس/ آب 2014، أطلقت القوات الفرنسية وحلفاؤها في منطقة الساحل عملية "بارخان" العسكرية في مالي. بأهداف قتالية تتضمن القضاء على الجماعات المسلحة المنتشرة هناك، وإعادة الأمن إلى البلد الإفريقي الذي يمزقه الاقتتال. ومنذ ذلك الحين، لم تحقق عملية بارخان أياً من أهدافها تلك.
وشهدت مالي بين 2020 و2021 انقلابين في أقل من عام، كان الثاني السبب في قطع حبل الود بين باماكو وباريس. إذ أدانت فرنسا المجموعة العسكرية التي استولت بفعله على السلطة، معلنة خفض قواتها المشاركة في "بارخان" إجراءً أول، في أفق سحبها نهائياً إذا لم تسلم السلطات العسكرية الحكم إلى المدنيين.
وفرضت فرنسا، عن طريق حلفائها في غرب إفريقيا حصاراً اقتصادياً وسياسياً على مالي، ذلك بعد تمديد المجلس العسكري بقاءه في السلطة لخمس سنوات أخرى. وأعلنت فرنسا وحلفاؤها الغربيين في فبراير/شباط انسحاباً مشتركاً من مالي، وقال الرئيس الفرنسي إن "عسكريين أوروبيين يشاركون في تجمع القوات الخاصة تاكوبا سيعاد تموضعهم إلى جانب القوات المسلحة النيجرية في المنطقة الحدودية لمالي".
وكانت سلطات باماكو قد طالبت في وقت سابق بانسحاب فوري للقوات الفرنسية من أراضيها، عوض إعادة الانتشار المرحلية التي أعلنتها فرنسا. كما أغلقت مجالها الجوي أمام الطائرات الفرنسية، لما قالت إنها "عمليات تخريب وتجسس" تنفذها تلك القوات باستعمال طائرات مسيرة.
خسارة لحساب روسيا
مقابل هذا وسَّعت روسيا نفوذها في مالي على حساب التقهقر الفرنسي. بدأ هذا الأمر مع تعاقد المجلس العسكري الحاكم في باماكو مع متعهد الدفاع "فاغنر" المقرب من الكرملين، ونشر قواته على الأرض في عمليات عسكرية يقودها بمشاركة الجيش المالي.
عمليات عسكرية حامت حولها انتقادات عديدة لاتهامها بارتكاب انتهاكات إنسانية، إذ وثَّق تقرير لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" أن " 107 مدنيين على الأقل، بينهم تجار ورؤساء قرى وأطفال، قُتلوا في وسط وجنوب غرب مالي منذ ديسمبر/كانون الأول"، كما اتهمت قوات الأمن المالية ومرتزقة "فاغنر" بأنها على صلة بإعدام ما لا يقلّ عن 71 مدنياً.
علاوة على هذا تسعى موسكو لتعزيز تدخلها في مالي سياسياً، من باب مجلس الأمن الذي يرتقب تدارسه قرار تجديد اعتماد بعثة القبعات الزرق هناك "مينوسما"، والتي يبلغ تعدادها 15 ألف عنصر. إذ بات مصير هذه القوة مجهولاً بعد إنهاء عملية "بارخان"، لاعتمادها بشكل كبير على الإسناد من قوات التحالف الذي تقوده فرنسا.
وتحاول روسيا إعادة تفصيل عملية حفظ السلام التي تقودها تلك القوات الأممية، ويبرز هذا من دعوتها إلى اجتماع لمجلس الأمن عقب إعلان باماكو فسخ اتفاقاتها الدفاعية مع باريس يوم الثلاثاء.
وفي بيان تلاه ضباط من الجيش على التلفزيون الرسمي "آر تي بي" أعلنوا حل حكومة الرئيس بول هنري سانوغو داميبا بشكل مؤقت، ولفت البيان إلى أن النقيب إبراهيم تراوري هو الرئيس الجديد للبلاد.
وأعلن الضباط تعليق العمل بالدستور وإغلاق المعابر الحدودية وحل الحكومة حتى إشعار آخر.
وتزامن هذا الاستيلاء على السلطة مع خروج مئات الداعمين لتحرك الجيش رافعين الأعلام الروسية ورافضين ما سموه "الاحتلال الفرنسي" لبلادهم.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي انقلب الكولونيل بول هنري داميبا على الرئيس روش كابوري بزعم تقاعسه عن احتواء عنف المتطرفين في البلاد.
وتعهد زعيم الانقلاب آنذاك بإعادة الأمن، ولكن الهجمات تفاقمت مما أدى إلى تراجع الروح المعنوية في صفوف القوات المسلحة، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ويمثل هذا سادس استيلاء للجيش على السلطة خلال ما يزيد قليلاً على عامين غرب إفريقيا ووسطها، وهي منطقة قطعت خطوات واسعة خلال السنوات العشر الماضية للتخلي عن سمعتها باعتبارها "حزام انقلاب".
مالي كانت البداية
خلال الأشهر الماضية أعلن المجلس العسكري في مالي، لما قال إنه رد على "الانتهاكات والخروقات" الفرنسية في بلاده، فسخه جميع الاتفاقات الدفاعية التي تربطه مع فرنسا. في خطوة أنهى بها عقوداً من نفوذ باريس داخل مستعمرتها القديمة.
وقال المتحدث باسم الحكومة المالية الكولونيل عبد الله مايغا وقتها إن الحكومة ألغت كلّ الاتفاقيات التي تحدّد إطاراً قانونياً لوجود قوّتَي برخان الفرنسية وتاكوبا الأوروبية في مالي، وكذلك اتفاقية التعاون الدفاعي المبرمة في 2014 بين مالي وفرنسا. معللاً القرار بأنّ حكومة مالي "تلمس منذ فترة تدهوراً كبيراً في التعاون العسكري مع فرنسا".
وأشار مايغا خصوصاً إلى "سلوك أحادي" لفرنسا عندما علّقت العمليات المشتركة بين القوات الفرنسية والمالية في يونيو/حزيران 2021، وإعلانها في شباط/فبراير 2022، "بلا أي تشاور مع الجانب المالي"، انسحاب قوّتَي برخان وتاكوبا من هذا البلد، و"الخروق الكثيرة" من الطائرات الفرنسية للمجال الجوي المالي رغم إغلاق السلطات المالية المجال الجوي فوق قسم كبير من أراضي البلاد.
قرار ردَّت عليه وزارة الخارجية الفرنسية، على لسان الناطق باسمها، بأن "فرنسا تعتبر هذا القرار غير مبرر"، نافية أي اتهامات بـ "الانتهاكات" وجهتها إليها السلطات المالية. ومؤكدة أن فرنسا ستواصل انسحابها العسكري "بشكل منظم" كما هو مخطط بحلول أغسطس/آب القادم.
ويعد القرار المالي رصاصة الرحمة على الوجود الفرنسي في مالي الآخذ، منذ انقلاب مايو/أيار 2021، في التدحرج نحو الخسارة التامة لنفوذه داخل البلد الإفريقي. بالمقابل، تخسر باريس تلك الأراضي لصالح موسكو، التي لعبت دوراً كبيراً في هذا المآل، ولا تزال تكثف تحركاتها على الأرض عن طريق مجموعة "فاغنر" أو سياسياً في مجلس الأمن، من أجل تثبيت وجودها بديلاً هناك.
من بارخان إلى الانسحاب
في أغسطس/ آب 2014، أطلقت القوات الفرنسية وحلفاؤها في منطقة الساحل عملية "بارخان" العسكرية في مالي. بأهداف قتالية تتضمن القضاء على الجماعات المسلحة المنتشرة هناك، وإعادة الأمن إلى البلد الإفريقي الذي يمزقه الاقتتال. ومنذ ذلك الحين، لم تحقق عملية بارخان أياً من أهدافها تلك.
وشهدت مالي بين 2020 و2021 انقلابين في أقل من عام، كان الثاني السبب في قطع حبل الود بين باماكو وباريس. إذ أدانت فرنسا المجموعة العسكرية التي استولت بفعله على السلطة، معلنة خفض قواتها المشاركة في "بارخان" إجراءً أول، في أفق سحبها نهائياً إذا لم تسلم السلطات العسكرية الحكم إلى المدنيين.
وفرضت فرنسا، عن طريق حلفائها في غرب إفريقيا حصاراً اقتصادياً وسياسياً على مالي، ذلك بعد تمديد المجلس العسكري بقاءه في السلطة لخمس سنوات أخرى. وأعلنت فرنسا وحلفاؤها الغربيين في فبراير/شباط انسحاباً مشتركاً من مالي، وقال الرئيس الفرنسي إن "عسكريين أوروبيين يشاركون في تجمع القوات الخاصة تاكوبا سيعاد تموضعهم إلى جانب القوات المسلحة النيجرية في المنطقة الحدودية لمالي".
وكانت سلطات باماكو قد طالبت في وقت سابق بانسحاب فوري للقوات الفرنسية من أراضيها، عوض إعادة الانتشار المرحلية التي أعلنتها فرنسا. كما أغلقت مجالها الجوي أمام الطائرات الفرنسية، لما قالت إنها "عمليات تخريب وتجسس" تنفذها تلك القوات باستعمال طائرات مسيرة.
خسارة لحساب روسيا
مقابل هذا وسَّعت روسيا نفوذها في مالي على حساب التقهقر الفرنسي. بدأ هذا الأمر مع تعاقد المجلس العسكري الحاكم في باماكو مع متعهد الدفاع "فاغنر" المقرب من الكرملين، ونشر قواته على الأرض في عمليات عسكرية يقودها بمشاركة الجيش المالي.
عمليات عسكرية حامت حولها انتقادات عديدة لاتهامها بارتكاب انتهاكات إنسانية، إذ وثَّق تقرير لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" أن " 107 مدنيين على الأقل، بينهم تجار ورؤساء قرى وأطفال، قُتلوا في وسط وجنوب غرب مالي منذ ديسمبر/كانون الأول"، كما اتهمت قوات الأمن المالية ومرتزقة "فاغنر" بأنها على صلة بإعدام ما لا يقلّ عن 71 مدنياً.
علاوة على هذا تسعى موسكو لتعزيز تدخلها في مالي سياسياً، من باب مجلس الأمن الذي يرتقب تدارسه قرار تجديد اعتماد بعثة القبعات الزرق هناك "مينوسما"، والتي يبلغ تعدادها 15 ألف عنصر. إذ بات مصير هذه القوة مجهولاً بعد إنهاء عملية "بارخان"، لاعتمادها بشكل كبير على الإسناد من قوات التحالف الذي تقوده فرنسا.
وتحاول روسيا إعادة تفصيل عملية حفظ السلام التي تقودها تلك القوات الأممية، ويبرز هذا من دعوتها إلى اجتماع لمجلس الأمن عقب إعلان باماكو فسخ اتفاقاتها الدفاعية مع باريس يوم الثلاثاء.