رأت مجلة "ناشيونال إنترست" أن هناك العديد من العقبات السياسية والعسكرية والاقتصادية، التي تمنع ألمانيا من امتلاك أسلحة نووية.
المجلة الأمريكية أشارت في تقرير حديث لها إلى أن القيود السياسية الدولية والمحلية المفروضة على ألمانيا عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية لا تزال قائمة؛ وذلك نظرا لكونها أحد الموقعين على معاهدة حظر الانتشار النووي.
ويضيف أن قرار ألمانيا بالانسحاب من تلك المعاهدة سيدمر بشكل رئيسي التضامن الغربي، وينذر بحدوث سباق نووي جديد.
ويرى معظم الباحثين في السياسة الألمانية، أن ألمانيا شعرت بعد عام 1945 بأمان أكبر عندما وضعت سياساتها الخارجية والأمنية على نحو مباشر ضمن هيكل أمني غربي أوسع؛ فالجيش الألماني، على سبيل المثال، جزء لا يتجزأ من الهيكل العسكري لحلف الناتو - وهو شرط أساسي لإعادة تسليح ألمانيا الغربية والانضمام إلى الحلف عام 1955.
ألمانيا تحت رحمة واشنطن
كما تخضع قوات ألمانيا التقليدية لسيطرة القائد الأعلى لحلف الناتو، والذي دائمًا ما يكون قائدا عسكريا أمريكيا بارزا؛ لذلك سيتعين على برلين إما وضع أسلحتها النووية تحت سيطرة الولايات المتحدة/الناتو، أو الخروج من الحلف نفسه، وهو ما يتوقع أن يقوض البنية الأمنية لأوروبا أكثر من الحرب الروسية في أوكرانيا.
وعلى الصعيد المحلي، لم تتغير نظرة المجتمع الألماني تجاه الأسلحة النووية بالقدر الذي يراه البعض، ففي عام 2021، ناقشت أحزاب الحكومة الائتلافية الألمانية الحالية سبل الانسحاب من المشاركة النووية لحلف الناتو، وأراد بعض قادة التحالف الضغط على الولايات المتحدة لإزالة الأسلحة النووية الأمريكية القليلة المتبقية في ألمانيا وفقا لمطالب الرأي العام الألماني. لكن العملية الروسية في أوكرانيا أسهمت في تحول الرأي العام إلى حد بعيد لصالح الاحتفاظ بالأسلحة الأمريكية.
يضاف إلى ذلك التحديات التقنية والاقتصادية والعسكرية، لإنشاء وصيانة برنامج نووي ألماني ناجح.
خيارات برلين
تمتلك ألمانيا العديد من الخيارات لإنتاج مواد انشطارية يمكن استخدامها في الرؤوس الحربية، وكلها ممكنة من الناحية الفنية، فبإمكان برلين الاحتفاظ بمفاعلاتها النووية المدنية، واستخدامها لإنتاج البلوتونيوم.
لكن سيتطلب هذا المسار قدرات كبيرة لإعادة معالجة البلوتونيوم، وهي مهمة تقع ضمن قدرة الدولة، وسيكون استخدام المفاعلات التجارية الخيار الأقل تكلفة والأسرع بالنسبة لبرلين، وعوضا عن ذلك، يمكن لألمانيا أيضا بناء مفاعلات مخصصة لإنتاج البلوتونيوم بتكلفة مليارات الدولارات.
بيد أن هذا المسار الأكثر تكلفة سيؤدي إلى فك الارتباط بين البرامج التجارية والعسكرية، وقد يصبح هدفا للتدابير التقنية المضادة -بما في ذلك التخريب السيبراني- والعسكرية.
وبدلاً من ذلك، يمكن لبرلين أن تختار الأسلحة التي تعتمد على اليورانيوم -وهي تحتفظ بمخزون مستخدم من هذه المادة- في صنع الأسلحة من خلال التخصيب بالطرد المركزي، لكن بناء مجموعات من أجهزة الطرد المركزي مشروع صناعي كبير وطويل ومكلف، لكنه ممكن تقنيا بالنسبة لبرلين.
ووفقا للتقرير فإن تحويل البلوتونيوم 239 أو اليورانيوم 235 المستخدم في صنع الأسلحة إلى رؤوس حربية ليس بالأمر الهين، إلا أن التحدي الأكبر لبرلين قد ينشأ عندما تحاول تحويل مخزون الرؤوس الحربية النووية إلى أسلحة هجومية نووية؛ حينها سوف تتكلف جهود البحث والتطوير والإنتاج ودمج القوة عدة مليارات من اليورو، وستستغرق سنوات إن لم يكن عقدًا أو أكثر.