إرم نيوز
لا تزال السلطات القضائية الفرنسية تتوخى الحذر حيال هجوم باريس الذي أودى بحياة 3 أشخاص وأصاب 4 آخرين جميعهم من الجالية الكردية، ما أثار جدلًا واسعًا، لا سيما في ظل تجنب باريس وصف الهجوم بـ"الإرهابي".
وأعلن مكتب الادعاء الفرنسي أن الهجوم نفذه رجل عمره 69 عامًا، حيث أطلق النار في شارع "دانغيين" في الدائرة العاشرة وسط باريس.
وتتواصل الاحتجاجات المنددة ليس فقط بالاعتداء، وإنما بـ"تعمد" السلطات الفرنسية عدم وصف الهجوم بـ "الإرهابي" كما كانت تفعل كلما كان منفذ الاعتداء يعتنق الديانة الإسلامية، بحسب وسائل إعلام فرنسية.
"مكتب المدعي العام لمكافحة الإرهاب في باريس لم يتطرق لكشف الحقائق المتعلقة بالهجوم حتى الآن"
صحيفة "لوفيغارو"
وذكر الإعلام الفرنسي أن المشتبه به في تنفيذ الهجوم الذي استهدف المركز الثقافي الكردي وسط باريس، قد يكون قام بذلك لـ"غايات عنصرية"، غير أن السلطات لا تزال تتعامل بحذر شديد وترفض إطلاق صفة "إرهابي" على الهجوم.
وأفادت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية أنه "في حين أن ممثلي الجالية الكردية في فرنسا يعتبرون أن الهجوم يحمل طابعًا إرهابيًا، تستمر المحكمة الفرنسية لمكافحة الإرهاب في متابعة تطورات الأوضاع قبل إطلاق وصف رسمي لحادثة الاعتداء".
وأضافت الصحيفة: "كما أن مكتب المدعي العام لمكافحة الإرهاب في باريس لم يتطرق لكشف الحقائق المتعلقة بالهجوم حتى الآن".
"مكتب المدعي العام أثار جدلًا واسعًا وموجة غضب متزايدة، بسبب التأخر في توصيف طبيعة هجوم الجمعة الماضي"
صحيفة "لوفيغارو"
وتابعت الصحيفة أن "نشطاء وجهوا انتقادات لاذعة عبر منصات التواصل الاجتماعي للسلطات الفرنسية".
ونقلت الصحيفة تساؤلات مغردين عبر تويتر، قائلين: "ما الذي ينقص وصف هذا الهجوم بأنه إرهاب؟ طبعًا لأن عبارة الله أكبر كانت تنقص الهجوم.. أليس كذلك؟".
وتكشف ردود الفعل والتعليقات التي اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي الغموض الذي يحيط بالتوصيف القانوني والدقيق للحادثة ولمنفذ الهجوم الذي لم تكشف الجهات القضائية إلا عمره وجنسيته الفرنسية، فيما تشير مصادر مختلفة إلى أنه متورط سابقًا في محاولات قتل.
وبحسب تقرير "لوفيغارو"، فإنه "حتى الآن، تذكر السلطات، شأنها شأن وسائل الإعلام، أن هناك هجومًا تم في أعقابه إطلاق نار أو إطلاق نار قاتل أو مقتل ثلاثة أشخاص في هجوم ذي طابع عنصري، لكنها لم تتجرأ على ذكر عبارة إرهابي، مما أثار غضب العديد من ممثلي الجالية الكردية في فرنسا".
وقالت الصحيفة: "في فرنسا، اعتادت وسائل الإعلام عدم استخدام كلمة هجوم إرهابي طالما أن مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب لم يتبن الحقائق بشكل نهائي، علمًا أنه كثيرًا ما يكشف بشكل عاجل دوافع مثل تلك الهجمات ويمنحها الوصف القانوني، لا سيما عند الهجمات التي تُرتكب عمدًا في ما يتعلق بمؤسسة فردية أو جماعية بهدف الإخلال الجسيم بالنظام العام من خلال التخويف أو الإرهاب".
وأردفت: "لكن مكتب المدعي العام أثار جدلًا واسعًا وموجة غضب متزايدة، بسبب التأخر في توصيف طبيعة هجوم الجمعة الماضي".
وأشارت "لو فيغارو" إلى أن "محكمة مكافحة الإرهاب قالت إنها تواصل تقييمها في هذه المرحلة".
ونقلت الصحيفة الفرنسية عن مصدر من مكتب المدعي العام، قوله: "في الوقت الحالي، لم يسلط التحقيق الذي تجريه النيابة العامة في باريس، الضوء على عضوية المشتبه به في جماعة إرهابية حتى يحدد طبيعة الهجوم".
"منفذ هجوم باريس سبق أن أدين بارتكاب أعمال عنف، كما أنّه متهم بتنفيذ هجوم عنصري"
من جانبها، أكدت المدعية العامة في باريس لوري بيكواو، في بيان، أنه "لا شيء يسمح في هذه المرحلة باعتماد أي انتماء لهذا الرجل إلى حركة أيديولوجية متطرفة".
ويرى ممثلو الجالية الكردية في فرنسا أن إطلاق النار هذا "سياسي وذو طبيعة إرهابية" بشكل واضح.
ويقول أجيت بولات، المتحدث باسم المجلس الديمقراطي الكردستاني في فرنسا، إن "عدم وصف المحكمة الوطنية الفرنسية لمكافحة الإرهاب الاعتداء بأنه إرهابي، في هذه المرحلة، هو وضع محبط ومثير للسخط بالنسبة لنا".
من هو منفذ الهجوم؟
ذكر موقع "أوروبا 1" الفرنسي، أن منفذ الهجوم هو فرنسي ينحدر من أصول قوقازية ويبلغ من العمر 69 عامًا، وهو سائق قطار متقاعد.
ونقل الموقع عن مصادر أمنية فرنسية قولها إن "منفذ هجوم باريس سبق أن أدين بارتكاب أعمال عنف، كما أنّه متهم بتنفيذ هجوم عنصري".
كما نقل التقرير ذاته عن المدّعية العامّة قولها إن "مطلق النار سبق أن ارتكب أعمال عنف في العام 2016 بواسطة أسلحة وحُكم عليه بسببها في حزيران/ يونيو الماضي بالسجن لمدة 12 شهرًا، لكنّه طعن في الحُكم".
الموقع ذاته نقل عن مصدر في الشرطة تأكيده أن "المتّهم سبق أن قام أيضًا يوم 8 ديسمبر الماضي، بطعن مهاجرين اثنين على الأقل بسلاح أبيض في مخيّم للاجئين في باريس وألحق أضرارًا بعدد من الخيام في مخيم (بارك دو بيرسي) بالعاصمة الفرنسية".
وأوضحت المدعية العامة أن "المتهم أودع السجن الاحتياطي، آنذاك، قبل أن يتم الإفراج عنه لاحقًا في 12 ديسمبر من العام الماضي مع وضعه تحت المراقبة القضائية".