الحرة

باتت ألبانيا، الدولة العضو في حلف الناتو، مسرحا لهجمات سيبرانية متكررة مصدرها إيران بسبب إيوائها لجماعة منشقة عن النظام، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

وقبل فترة وجيزة من أعياد الميلاد نهاية العام الماضي، صدم عملاء أحد أكبر بنوك البلاد بعد أن وصلتهم رسالة نصية قصيرة على هواتفهم مفادها: "تم حظر حسابك. رصيد حسابك صفر. شكرا لك".

وتشير الرسائل، التي اتضح أنها مزيفة، إلى فتح جبهة جديدة معطلة فيما حددته السلطات الألبانية والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) على أنه هجوم إلكتروني هائل نظمته إيران على أحد أضعف أعضاء التحالف العسكري، بحسب الصحيفة.

وقال رئيس الوزراء الألباني، إدي راما، في مقابلة بالعاصمة تيرانا، "إنه اعتداء على سيادة دولة من قبل دولة أخرى"، واصفا الهجمات بأنها "مماثلة تماما للعدوان العسكري التقليدي ولكن من خلال وسائل أخرى".

ووضعت الهجمات السيبرانية، ألبانيا، الدولة البلقانية التي يقل عدد سكانها عن ثلاثة ملايين نسمة، في عاصفة من عدم اليقين وأغرقتها في معارك جيوسياسية كبيرة تشمل إيران وإسرائيل والولايات المتحدة.

وفي سبتمبر، أعلنت تيرانا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران متهمة إيران بتنفيذ هجمات إلكترونية كبيرة ضدها.

وآنذاك، تلقت السفارة الإيرانية لدى ألبانيا إخطارا رسميا يطلب من جميع الموظفين الدبلوماسيين والتقنيين والإداريين والأمنيين مغادرة الدولة في غضون 24 ساعة.

وذكرت "نيويورك تايمز" أن هذه الهجمات السيبرانية المتكررة سببها إيواء ألبانيا لجماعة مجهادي خلق المنشقة عن النظام الإيراني.

وتلعب السياسة المستقطبة بين طهران وواشنطن دورا أيضا، حيث كان الصقور الجمهوريون البارزون يدعمون مجهادي خلق بقوة.

واستعانت الحكومة الألبانية في تحقيقاتها بعملاق التكنولوجيا الأميركي، مايكروسوفت، التي عزت الهجوم "بثقة عالية" إلى "الجهات الفاعلة التي ترعاها الحكومة الإيرانية".

وحددت مايكروسوفت أن جماعة مجاهدي خلق هم المستهدفون من الهجمات.

وأضاف التقرير أن الحملة ضد ألبانيا كانت على الأرجح "انتقاما للهجمات الإلكترونية التي ترى إيران أن إسرائيل نفذتها"، بالإضافة إلى وجود مجاهدي خلق في البلاد.

ودعمت منظمة مجاهدي خلق بادئ الأمر الثورة التي قادها، روح الله الخميني، في العام 1979 وأطاحت نظام الشاه، لكنها سرعان ما عارضت نهجه وسعت إلى الإطاحة بنظامه.

وتنظم الحركة باستمرار مؤتمرات في المجمع الذي شيدته قرب تيرانا ويؤوي نحو ثلاثة آلاف عضو من المعارضين الإيرانيين المنفيين.

وتحظى الجماعة بتأييد أعضاء محافظين في الحزب الجمهوري الأميركي، بينهم نائب الرئيس السابق، مايك بنس، الذي زار المعارضين الإيرانيين في المجمع الجديد.

تسريب بيانات سرية

ولم يؤدِ الهجوم السيبراني على ألبانيا إلى تعطيل عمل الحكومة فقط وسعى إلى تقويض الثقة في المؤسسات المالية - وهو تهديد خطير في بلد انزلق إلى حرب أهلية عام 1997 بعد انهيار صناديق الاستثمار الاحتيالية - لكنه تضمن أيضا تسريب كم هائل من المعلومات السرية.

في المقابل، اقتصر رد حلف الناتو على التعهد بـ "دعم ألبانيا في تعزيز قدراتها الدفاعية الإلكترونية" وإدانة "الأنشطة الإلكترونية الخبيثة المصممة لزعزعة استقرار وإلحاق الضرر بأمن حليف وتعطيل الحياة اليومية للمواطنين".

وبدأ الهجوم على ألبانيا عام 2021 عندما اخترق قراصنة حاسوبا حكوميا غير محمي ثم توسعوا من ذلك الجهاز إلى الشبكات التي تستخدمها المخابرات الألبانية والشرطة وحرس الحدود والوكالات الرسمية الأخرى.

وظل المتسللون متواجدون هناك لعدة أشهر دون علم السلطات، وقاموا بتنزيل كميات هائلة من البيانات ثم كسروا حاجز السرية الصيف الماضي عندما بدأوا في حذف الملفات من الخوادم، مما أدى إلى شل العديد من الخدمات الحكومية.

بعد ذلك، بدأوا في تسريب معلومات محددة كثير منها سري على قناة بتطبيق تلغرام تسمى "هوملاند جاستس" (Homeland Justice).

وتتضمن البيانات المسربة أسماء وعناوين أكثر من ألف مخبر شرطة سري وسجل البريد الإلكتروني لرئيس جهاز المخابرات ورئيس سابق ورئيس سابق للشرطة، والمعلومات المصرفية لأكثر من 30 ألف شخص.

ولا يزال قراصنة إيرانيون مشتبه بهم يتربصون بشبكات ألبانيا حتى نهاية شهر يناير على الأقل، وفقا لجينتيان بروغني، وهو خبير الأمن السيبراني في تيرانا.

وأشار إلى أن القراصنة نشروا على الإنترنت وثيقة هوية حكومية صدرت في 29 يناير.

وقال بروغني في مقابلة الشهر الماضي: "قيل لنا إن المتسللين لم يعودوا داخل النظام، لكن يمكننا أن نرى أنهم ما زالوا هناك"، مضيفا: "هذه فوضى كبيرة وأكثر خطورة مما يعتقده أي شخص".