الحرة

ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية أن ظاهرة اختطاف فتيات صغيرات دون العاشرة من العمر واغتصابهن وحتى قتلهن لا تزال منتشرة في تنزانيا رغم الجهود التي تبذلها الدولة لمكافحة الشعوذة والسحر الأسود في البلاد.

ويقدم الباحثون على الذهب في تلك البلاد الغنية بالمعدن الأصفر على خطف صغيرات بغية اغتصابهن أو التضحية بهن وتقديم دمائهن إلى مشعوذين لكي يحصلوا على تعويذات تجلب لهم "الحظ السعيد والثروة".

وقال أحد الباحثين عن الذهب للصحيفة مستخدما اسما مستعارا "روبرت" ويقيم في مدينة تشونيا غرب تنزانيا، إنه تعرف على تلك الممارسات الوحشية منذ سنوات عدة، ناسبا إليها الفضل في جلب الثروة له.

وأوضح روبرت البالغ من العمر، 22 عاما، أنه اعتاد الذهاب كل عام إلى مناطق نائية للبحث عن "فتيات الشوارع"، مشيرا إلى أن خطف طفلة قبل بضعة اشهر.

وأضاف: "لقد أصبحت ثريا بفضل (تلك التعويذات).. وأرجو أن لا يعرف أن الناس بتلك الممارسات لأنني لا أريد له أن يضحوا أغنياء".

وقال القاضي المقيم في تشونيا، جيمس مانوس، إن المحكمة أصدرت أكثر من 20 حكماً بالسجن المؤبد بتهمة اغتصاب طفلة في العام الماضي، لكنه شدد على أن تلك"الجرائم لم تتوقف".

من جانبه قال بركاه (اسم مستعار) ويملك شركة توظف أكثر من مائة شخص في مجال البحث عن الذهب إن العنف الجنسي ضد الأطفال "ارتكبه جميع عمال مناجم الذهب تقريبًا في تشونيا لأنهم يعتقدون أنه يمكن إعطاء دم البكر للمشعوذين للحصول على الحظ الجيد".

وأوضح بركاه البالغ من العمر 29 عاما أن بعض عماله قد اعترفوا له بـ"شراء فتيات ضعيفات"، وأنهم أقدموا على اغتصابهن وقتلهن كجزء من طقوس السحر الأسود.

وأضاف: "الناس لا يخجلون من هذه الأنشطة.. أنه أمر شائع جدًا في مدن تعدين الذهب".

وعندما سُئل عما إذا كان قد أبلغ الشرطة بالجرائم، أجاب بالنفي، ولكنه أصر على أنه لم يشارك قط في أي طقوس شعوذة أو عنف ضد الأطفال.

"حلم الثراء"

ويوجد في تلك الدولة الواقعة في شرق إفريقيا عشر شركات أجنبية لديها رخص قانونية للتعدين في الذهب، لكن هناك مليون شخص يعملون في نفس المجال بشكل غير حرفي أو قانوني، ومن بينهم أطفال يعملون في مناوبات تصل إلى 24 ساعة، ويغوصون حتى الركب في مياه موحلة بحثا عن الذهب الخام.

وفي مبيا، وهي منطقة في جنوب غرب تنزانيا، تحدث شهود عيان من القرى القريبة من المناجم عن استهداف الكثير من تلميذات المدارس والفتيات العذراوات لتقديم دمائهن إلى مشعوذي السحر الأسود.

وكانت الحكومة قد حظرت ما يعرفون بـ "الأطباء السحرة" في العام 2015 لأنهم شجعوا على قتل وتشويه الأشخاص المصابين بالبهاق، بيد أن أولئك المشعوذين لا يزالون قادرين على إغراء عمال المناجم بالحصول على الثروة والحظ السعيد.

وقالت متحدثة باسم منظمة "فرقة العمل" المعنية بالعنف الجنساني في مبيا، التي يوجد بها عشرات من مواقع التعدين غير الرسمية: "الأطباء السحرة اختفوا عن الأنظار عندما حظرتهم الحكومة، بيد أنهم لا يزالون موجودين ويدعون إلى العنف في مناطقنا مستغلين أحلام الناس في الثراء".

وأكدت "فرقة العمل" أنها تلقت عشرات التقارير عن الاغتصاب ومحاولة القتل والوفيات المرتبطة بالسحر لفتيات تقل أعمارهن عن عشر سنوات في بلدات التعدين، ورغم ذلك لا يتم الإبلاغ عن العديد من الاعتداءات الجنسية بسبب المحرمات الثقافية والدينية.

وأوضح رئيس المنظمة، بيتر نتورا، أنهم تلقوا أيضًا تقارير عن عمال المناجم الذين تأثروا بــ"الأطباء السحرة" الذين يدعون أيضا إلى جلب دماء النساء المسنات والأرامل (الطاهرات) أي "اللاتي لا يمارسن الجنس"

ويبلغ احتياطي الذهب في تنزانيا أكثر من 36 مليون أوقية، أي حوالي 1020 طنًا، وتتجه معظم صادراتها إلى جنوب أفريقيا والهند وبعض دول الخليج العربي وسويسرا، حيث يقدر أن 20 طنا سنويا ينتجها عمال المناجم غير الرسميين، ويتم تصدير معظمها بشكل غير قانوني.

ووجدت دراسة استقصائية في العام 2010، وقام بها مركز بيو للأبحاث، وهو مركز أبحاث أميركي، أن 93 في المائة من التنزانيين يؤمنون بالسحر.