وصل رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان، إلى المرحلة الأخيرة من فصول محاكمته، اليوم الجمعة، بعدما أدى توقيفه إلى اضطرابات سياسية الأسبوع الماضي.

فقد واجه نجم الكريكيت السابق تهم فساد متعددة، ضمن قرار اعتقال مثير ومفاجئ.

لتقضي المحكمة العليا في إسلام آباد اليوم بالإفراج عنه بكفالة لأسبوعين، بعد أن اعتبرت أمس توقيفه غير قانوني.

فكيف بدأت أزمة خان؟.. وكيف جاء قرار الاعتقال؟

من النجم الرياضي الأول في البلاد، إلى مطلوب للقضاء الباكستاني، هكذا انقلبت حال رئيس الوزراء السابق .

فرغم الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها، فإنها لم تشفع له أمام قرار الشرطة التي قبضت عليه.

فقد بدأ خان أولى الخطوات الفعلية في السياسة في أبريل/نيسان 1996، عندما أسس حزباً باسم "حركة الإنصاف والعدالة" (تحريك إنصاف)، وكان شعاره العدالة والإنسانية، وخاض الانتخابات العامة بعد عام من إطلاق حزبه ليهزم مع كل مرشحي حزبه، ولم يحصل على أي مقعد في البرلمان، غير أنه واصل المسيرة.

ثم دعم الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال المتقاعد برويز مشرف عام 1999، لكنه عارضه بعد فترة، بحجة أنه لم يفعل شيئاً لمكافحة الفساد.

وفي انتخابات 2002، دخل إلى البرلمان الباكستاني رسمياً بفوز حزبه بمقعد واحد كان من نصيبه، وكان أحد أبرز المعارضين للرئيس العسكري الراحل برويز مشرف والمنتقدين لسياسات باكستان الموالية للولايات المتحدة الأميركية، لذلك وُضع تحت الإقامة الجبرية إلى أن استقال من البرلمان عام 2007 مع عدد من المعارضين لبرويز مشرف بحجة أن سياساته تخالف الدستور الباكستاني.

أما في انتخابات عام 2013، فأصبح حزبه من أبرز الأحزاب السياسية الباكستانية، وكان متهماً بأن الجيش والاستخبارات يدعمانه بعد رحيل مشرف، وحصل الحزب في تلك الانتخابات على 30 مقعداً برلمانياً وأصبح ثاني أكبر حزب في البرلمان بعد حزب الرابطة الإسلامية الحاكم، الذي حصل على الأغلبية المطلقة.

وطيلة فترة حكومة شريف السابقة انشغل خان بتنظيم المسيرات والاحتجاجات والاعتصامات وكان يدعو لإسقاط الحكومة ويدعو الجيش والمؤسسة العسكرية لفعل ذلك.

أما علاقته بالجيش والقضاء، فتدهورت أيضاً، بعدما اكتسب عداوتهما لتهيمشه الأحزاب.

علما أن خان كان من المقربين للمؤسسة العسكرية، ونتيجة ذلك وصل إلى الحكم في انتخابات عام 2018. وحينها اتهمت الأحزاب الرئيسية المؤسسة العسكرية بدعمها عمران خان.

رغم ذلك، وصل إلى سدة الحكم وأصبح رئيساً للوزراء، لكن تدريجياً تدهورت العلاقة بينه وبين المؤسسة العسكرية لأسباب كثيرة، أهمها: محاولة خان تحديد ميزانية الجيش، تباينات بين رؤيته ورؤية المؤسسة العسكرية حيال بعض المواضيع الدولية، منها موضوع أفغانستان، بالإضافة لأسباب أخرى ساهمت في تدهور العلاقة بين الطرفين ما أدى إلى الإطاحة بحكومة خان عن طريق سحب الثقة منها في البرلمان في أبريل/نيسان من العام الماضي، وعلى إثر ذلك وصل "التحالف من أجل الديمقراطية" إلى الحكم وأصبح شهباز شريف رئيساً للوزراء.

وكان نشط في الأعمال الاجتماعية والإنسانية والعلمية، ومن أعماله المشهورة تأسيس مستشفى السرطان في عام 1994 باسم أمه "شوكت خانم" ويعد من أكبر المستشفيات في آسيا، وفي أبريل/نيسان من العام نفسه أسس كلية "نامال التقنية" في منطقة ميانوالي، وهي أعمال اجتماعية يقول خصومه إنها كانت تهدف لتوسعة نفوذه وتهيئة الطريق أمام دخوله عالم السياسة، غير أن تلك الأعمال وجدت قبولاً واسعاً في أوساط الشعب الباكستاني.

لكن غضبه حيال الحكومة والمؤسسة العسكرية لم يهدأ فاتهم جهاراً الجيش بالإطاحة بحكومته.

وبدأ يحرك الشعب ويطالب بانتخابات مبكرة، ما رأته الحكومة في حينه بغير صالحها وصالح البلاد بسبب تردي الوضع المعيشي والاقتصادي، كما أنه قد يرجح كفة خان مقابل الأحزاب المتحالفة في الحكومة.

أزمة اقتصادية حادة

أتى هذا الصراع السياسي فيما تواجه باكستان أزمة اقتصادية حادة.

حيث تحاول الحكومة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لإعادة تشغيل برنامج قرض بقيمة 6.5 مليار دولار قد توقف منذ نوفمبر/تشرين الثاني، في محاولة لإبقاء الاقتصاد قائماً.