العربية.نت
فلم يمر أكثر من شهر تقريباً منذ أطاح الحرس الرئاسي في النيجر بحكومة البلاد المنتخبة ديمقراطياً، الأمر الذي أدى إلى اندلاع مواجهة متوترة بين المجلس العسكري الغاصب والمجتمع الدولي، حتى أطاح كبار الضباط في الغابون بالرئيس علي بونغو الذي يحكم البلاد منذ فترة طويلة في أعقاب انتخابات مثيرة للجدل.
عداء فرنسا.. قاسم مشترك واحد
ويعدّ هذا الانقلاب السابع في المنطقة في غضون 3 سنوات، بما في ذلك الانقلابات في مالي وبوركينا فاسو وغينيا.
كما أدت موجة الانقلابات العسكرية إلى شعور واسع النطاق بالقلق من أن شكلاً من أشكال العدوى السياسية يهدد بزعزعة استقرار منطقة كاملة من القارة الإفريقية.
وبينما هناك العديد من الاختلافات بين الانقلابات المتعددة، إلا أنها تشترك جميعها في قاسم مشترك واضح لا مفر منه، وهو انتشار المشاعر المعادية لفرنسا والتي أدت إلى رفض الوضع السياسي الراهن.
ففي قسم كبير من غرب أفريقيا، تمثل فرنسا القوة الاستعمارية القديمة، خصوصاً في بوركينا فاسو ومالي، حيث اضطرت قوات حفظ السلام الفرنسية إلى الانسحاب بعد أن أوضح المجلس العسكري أن وجودها بات غير مرغوب فيه، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست".
وفي النيجر أيضاً، التي كانت لفترة طويلة محور جهود فرنسا لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل المضطربة، كثرت الخطابات المناهضة لفرنسا، إلى أن أمر المجلس العسكري في البلاد الشرطة بطرد السفير الفرنسي، وهي خطوة قال مسؤولون في باريس، التي تعترف فقط بسلطة الرئيس محمد بازوم، إنهم لا يعتبرونها شرعية.
أما بالنسبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فلا بد أن الوضع محير بشكل خاص.
فخلال زياراته المتعددة إلى إفريقيا خلال فترة وجوده في منصبه، ألقى خطابا تلو الآخر مشيدا بقدوم علاقة جديدة مع القارة، علاقة من شأنها أن تبدد أعباء الماضي الثقيلة. وفي عام 2017، دعا ماكرون في عاصمة بوركينا فاسو إلى تجديد "الشراكات" مع المنطقة، معربا عن آماله في الاستثمار في تعليم وتطلعات شباب القارة.
وقبل نصف عام، خلال رحلة شملت التوقف في الغابون، أعلن ماكرون أن "أيام فرنسا الأفريقية قد انتهت حقا"، في إشارة ضمنية إلى تاريخ طويل من إعطاء فرنسا الأولوية لمصالحها التجارية ودعم الأنظمة البغيضة في بلادها.
ومع استمرار تصاعد التوترات بشأن ما يجب فعله بشأن المجلس العسكري في النيجر، تحدث ماكرون أمام تجمع من الدبلوماسيين الفرنسيين وأعرب عن أسفه لـ "وباء" الانقلابات الذي يعصف بالمنطقة.
وبعد أقل من 48 ساعة، وقع الانقلاب في الغابون، وبرر الانقلابيون تحركهم بأنه رد على الانتخابات المتنازع عليها التي جرت نهاية الأسبوع الماضي والتي شهدت مطالبة بونجو، الذي تتولى عائلته السلطة منذ أكثر من نصف قرن، بولاية جديدة.
المصالح أولاً
ووفقاً لتقرير فرنسي، فإن الانقلاب في الغابون أدى إلى إضعاف موقف فرنسا في موطنها الإفريقي القديم، حتى لو كان الوضع مختلفاً في هذا البلد الواقع وسط القارة، والذي حكمته عائلة بونجو لأكثر من 5 عقود، موضحا أن باريس تريد أن تصدق أن الجنود الذين يقفون وراء الانقلاب لا يشاركون الخطاب المناهض لفرنسا مع نظرائهم في النيجر، بحسب صحيفة "اللوموند".
ختاماً، يتساءل بعض المحللين عما إذا كان الأمر يستحق أن تحافظ فرنسا على بصمتها، رغم أنها لم تعد اللاعب الاقتصادي المهيمن في المنطقة، ففي الغابون مثلا، حلت الصين محلها كأكبر شريك تجاري، وهي تعمل في مجال جيوسياسي مزدحم يضم قوى عالمية مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين وتركيا. و آخرين.
ليكون بإمكان الانسحاب من أفريقيا وفق الآراء، أن يقلل من مكانة فرنسا العالمية، حتى لو أن باريس حقيقة تملك الكثير من نقاط القوة لديها أولويات أخرى من شأنها الحفاظ على مصالحها عبرها.
{{ article.visit_count }}
فلم يمر أكثر من شهر تقريباً منذ أطاح الحرس الرئاسي في النيجر بحكومة البلاد المنتخبة ديمقراطياً، الأمر الذي أدى إلى اندلاع مواجهة متوترة بين المجلس العسكري الغاصب والمجتمع الدولي، حتى أطاح كبار الضباط في الغابون بالرئيس علي بونغو الذي يحكم البلاد منذ فترة طويلة في أعقاب انتخابات مثيرة للجدل.
عداء فرنسا.. قاسم مشترك واحد
ويعدّ هذا الانقلاب السابع في المنطقة في غضون 3 سنوات، بما في ذلك الانقلابات في مالي وبوركينا فاسو وغينيا.
كما أدت موجة الانقلابات العسكرية إلى شعور واسع النطاق بالقلق من أن شكلاً من أشكال العدوى السياسية يهدد بزعزعة استقرار منطقة كاملة من القارة الإفريقية.
وبينما هناك العديد من الاختلافات بين الانقلابات المتعددة، إلا أنها تشترك جميعها في قاسم مشترك واضح لا مفر منه، وهو انتشار المشاعر المعادية لفرنسا والتي أدت إلى رفض الوضع السياسي الراهن.
ففي قسم كبير من غرب أفريقيا، تمثل فرنسا القوة الاستعمارية القديمة، خصوصاً في بوركينا فاسو ومالي، حيث اضطرت قوات حفظ السلام الفرنسية إلى الانسحاب بعد أن أوضح المجلس العسكري أن وجودها بات غير مرغوب فيه، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست".
وفي النيجر أيضاً، التي كانت لفترة طويلة محور جهود فرنسا لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل المضطربة، كثرت الخطابات المناهضة لفرنسا، إلى أن أمر المجلس العسكري في البلاد الشرطة بطرد السفير الفرنسي، وهي خطوة قال مسؤولون في باريس، التي تعترف فقط بسلطة الرئيس محمد بازوم، إنهم لا يعتبرونها شرعية.
أما بالنسبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فلا بد أن الوضع محير بشكل خاص.
فخلال زياراته المتعددة إلى إفريقيا خلال فترة وجوده في منصبه، ألقى خطابا تلو الآخر مشيدا بقدوم علاقة جديدة مع القارة، علاقة من شأنها أن تبدد أعباء الماضي الثقيلة. وفي عام 2017، دعا ماكرون في عاصمة بوركينا فاسو إلى تجديد "الشراكات" مع المنطقة، معربا عن آماله في الاستثمار في تعليم وتطلعات شباب القارة.
وقبل نصف عام، خلال رحلة شملت التوقف في الغابون، أعلن ماكرون أن "أيام فرنسا الأفريقية قد انتهت حقا"، في إشارة ضمنية إلى تاريخ طويل من إعطاء فرنسا الأولوية لمصالحها التجارية ودعم الأنظمة البغيضة في بلادها.
ومع استمرار تصاعد التوترات بشأن ما يجب فعله بشأن المجلس العسكري في النيجر، تحدث ماكرون أمام تجمع من الدبلوماسيين الفرنسيين وأعرب عن أسفه لـ "وباء" الانقلابات الذي يعصف بالمنطقة.
وبعد أقل من 48 ساعة، وقع الانقلاب في الغابون، وبرر الانقلابيون تحركهم بأنه رد على الانتخابات المتنازع عليها التي جرت نهاية الأسبوع الماضي والتي شهدت مطالبة بونجو، الذي تتولى عائلته السلطة منذ أكثر من نصف قرن، بولاية جديدة.
المصالح أولاً
ووفقاً لتقرير فرنسي، فإن الانقلاب في الغابون أدى إلى إضعاف موقف فرنسا في موطنها الإفريقي القديم، حتى لو كان الوضع مختلفاً في هذا البلد الواقع وسط القارة، والذي حكمته عائلة بونجو لأكثر من 5 عقود، موضحا أن باريس تريد أن تصدق أن الجنود الذين يقفون وراء الانقلاب لا يشاركون الخطاب المناهض لفرنسا مع نظرائهم في النيجر، بحسب صحيفة "اللوموند".
ختاماً، يتساءل بعض المحللين عما إذا كان الأمر يستحق أن تحافظ فرنسا على بصمتها، رغم أنها لم تعد اللاعب الاقتصادي المهيمن في المنطقة، ففي الغابون مثلا، حلت الصين محلها كأكبر شريك تجاري، وهي تعمل في مجال جيوسياسي مزدحم يضم قوى عالمية مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين وتركيا. و آخرين.
ليكون بإمكان الانسحاب من أفريقيا وفق الآراء، أن يقلل من مكانة فرنسا العالمية، حتى لو أن باريس حقيقة تملك الكثير من نقاط القوة لديها أولويات أخرى من شأنها الحفاظ على مصالحها عبرها.