العربية
يبدو أن إسرائيل تخوض هذه الأيام، معركة أخرى إلى جانب حربها ضد حركة حماس، حيث تحاول إقناع العالم والولايات المتحدة بشكل رئيسي، بأن ضرباتها "عادلة".
أخطاء قتلت "مصداقيتها"!
فقد أدت الأخطاء في المعلومات التي كانت تعلن عنها تل أبيب إلى تساؤلات حول مصداقيتها، خصوصا بعدما نشرت عدة مرات تفاصيل غير دقيقة، ما جعلها أحيانا موضع سخرية عبر الإنترنت، وفق شبكة "Nbcnews".
وأوضح التقرير أن آلة العلاقات العامة الإسرائيلية بذلت جهداً مفرطاً في الأسابيع الأخيرة للتأكيد على أن قصفها لغزة كان ضرورياً وتم تنفيذه بطريقة تهدف إلى تقليل الضحايا بين المدنيين.
ولذلك سمحت للصحافيين الأجانب بالتواجد مع جنودها في غزة، وحافظت على إيقاع ثابت من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، وجعلت الممثلين الإسرائيليين متاحين للظهور على شاشات التلفزيون باستمرار للتبرير.
أكثرها في الرنتيسي والشفاء!
لكن في تواصلها الأخير مع حلفائها العالميين، بثت إسرائيل عدة معلومات غير دقيقة على ما يبدو، خصوصا في ملف "مستشفى الرنتيسي"، حين ادعت أن "ورقة بيضاء" علقت على أحد الجدران في أحد أقبية المستشفى على سبيل المثال كان جدولا زمنيا لمقاتلي حماس الذين احتجزوا الأسرى.
كما زعمت أن استخدام الستائر دليل على تصوير مقاطع فيديو لمحتجزين إسرائيليين في المستشفى.
إلا أن هذا الكلام لم يمر مرور الكرام، بل استدعى رد فعل واسع النطاق شكك بالأدلة، وأضعف الموقف الإسرائيلي، خصوصا أن تل أبيب لم تستطع أن تظهر أي دليل ملموس على وجود مقر لحركة حماس، وهو المزعم الذي لطالما بررت به انتهاكاتها للصرح الطبي منذ بدء الحرب.
بدوره، رأى إتش إيه هيلير، وهو زميل مشارك كبير في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، وهي مؤسسة بحثية في واشنطن العاصمة، أن المفارقة تكمن في أنهم قد يجدون شيئا ما لكن لن يصدقهم أحد، فقد أطلقوا في هذه المرحلة النار على مصداقيتهم.
كذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي سابقا أنه عثر في مستشفى الشفاء على فتحة نفق ومركبة تحتوي على أسلحة ومخابئ أخرى للبنادق والذخيرة. وفي مكان قريب قالت إسرائيل إن جنودها عثروا على جثتي يهوديت فايس، وهي أسيرة مدنية، ونوعا مارسيانو، وهي جندية تبلغ من العمر 19 عاما، واللتين اختطفتهما حماس في 7 أكتوبر، لكن الجهود المبذولة لإثبات قضيتهما لم تفلح.
ردًا على ذلك، قال الجيش الإسرائيلي إن أي تلميحات بأنه تلاعب بوسائل الإعلام "غير صحيحة"، مؤكدا أنه يتخذ جميع الاحتياطات اللازمة للإبلاغ عن أكبر قدر ممكن من المعلومات، وفق بيانه.
مع ذلك، سرعان ما تبعت السخرية هذا البيان، وانتشرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي مستهزئة من الأشياء السخيفة التي تم اعتبارها من قبل الجيش الإسرائيلي "أدلة".
فيديوهات من أفلام!
أيضاً اتُهمت إسرائيل بنشر معلومات مضللة من قبل. فالأسبوع الماضي، نشر المتحدث باسم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للإعلام العربي، أوفير جندلمان، على موقع X مقطع فيديو ادعى أنه يظهر سكان غزة وهم يقومون بتزييف إصاباتهم بالمكياج.
وعلى الرغم من أن عددا لا يحصى من الأشخاص صححوه بأن اللقطات كانت في الواقع من فيلم لبناني، إلا أنه لم يتم حذفها حتى يوم الجمعة.
وبينما تعرف إسرائيل أن الانتقاد الدولي مهم، خصوصا في وقت يدعم فيه البيت الأبيض هدف إسرائيل المعلن بتدمير حركة حماس رداً على هجومها في 7 أكتوبر/تشرين الأول الذي أودى بحياة حوالي 1200 شخص، أعرب مسؤولو إدارة بايدن سراً عن مخاوفهم من أن قوات الدفاع الإسرائيلية لا تفعل ما يكفي لتجنب مقتل المدنيين، وهو ما لم يحدث حتى الآن، حيث بلغ عددهم أكثر من 12,000 شخص، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، وفقا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين.
كما أن هذا الضغط لا يأتي فقط من الولايات المتحدة، حيث صوت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المؤلف من 15 دولة، هذا الأسبوع، لصالح وقف القتال.
وامتلئت الشوارع في جميع أنحاء العالم بمئات الآلاف من المتظاهرين الذين يطالبون بوقف إطلاق النار.
كذلك تشير استطلاعات الرأي إلى أن قدراً كبيراً من حسن النية الذي تلقته إسرائيل بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول قد انحسر الآن في مواجهة الصور التي تظهر الخسائر البشرية والدمار الشامل في غزة.
وقال نمرود جورين، وهو زميل كبير في الشؤون الإسرائيلية في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن، وهو أقدم مركز أبحاث يركز على المنطقة، إن هذه التحولات لا تمر مرور الكرام، مضيفاً أن على إسرائيل أن تأخذ في الاعتبار المخاوف الأميركية وغيرها من المخاوف الغربية عند قيامها بعمليتها العسكرية لضمان استمرار الدعم وعدم تجاوز الانتقادات لحدود معينة.
"جريمة حرب"
يذكر أن مهاجمة المستشفيات عادة يعتبر "جريمة حرب" ما لم تستخدمها جماعة عسكرية أو مسلحة في العمليات، وفقًا للجنة الدولية للصليب الأحمر. وحتى في هذه الحالة، يجب تحذير الأطباء والمرضى، مع اتخاذ المزيد من الحذر لعدم إيذاء أولئك الذين يبقون.
وتقول إسرائيل إنها حذرت الأطباء والمرضى في المستشفيات التي تقول إن حماس تستخدمها. لكن العديد من الأطباء يقولون إنهم غير قادرين على نقل المرضى ذوي الحالات الحرجة وغير مستعدين لتركهم وراءهم.
ونفى الأطباء في مستشفى الشفاء بشدة استخدام المستشفى كقاعدة لحركة حماس.