شهدت المناظرة الرئاسية بين المرشحين الرئاسيين الأميركيين، صباح الأربعاء (مساء الثلاثاء بالتوقيت المحلي الأميركي)، عدة مواقف شملت هجوم ودفاع من الطرفين. فقد وضعت نائبة الرئيس الأميركي الديمقراطية كاملا هاريس منافسها الجمهوري دونالد ترامب في موقف دفاعي في عدة مواقف، والعكس صحيح حين وجه الأخير اتهامات لمنافسته الديمقراطية وإدارة الرئيس جو بايدن.
فخلال مناظرة رئاسية محتدمة بسلسلة من الهجمات فيما يتعلق بالإجهاض ومدى ملاءمته للمنصب ومشاكله القانونية العديدة بينما سعى الاثنان إلى اقتناص لحظة لإقناع الناخبين بالتصويت لهما في انتخابات متقاربة.
ولا تؤدي المناظرات الرئاسية بالضرورة إلى تغيير آراء الناخبين، لكن قد يكون لها عواقب وخيمة، فقد دفع الأداء الكارثي لبايدن أمام ترامب في يونيو إلى الانسحاب من الحملة في 21 يوليو.
وخلال المناظرة، بدت هاريس هجومية حين تطرقت إلى التجمعات الانتخابية لترامب واستفزته بقولها إن الناس غالبا ما يغادرون مبكرا "بسبب الإرهاق والملل"، ليرد ترامب، قائلا: "حشودنا هي الأكبر والأكثر روعة في تاريخ السياسة".
ثم تحول إلى ادعاء غير مؤكد بأن المهاجرين من هايتي في سبرينغفيلد بولاية أوهايو "يأكلون الحيوانات الأليفة" للسكان.
وتجادل المرشحان حول قضايا مثل الهجرة والسياسة الخارجية والرعاية الصحية، لكن المناظرة لم تتضمن الكثير من التفاصيل السياسية المحددة.
وانتقدت هاريس ترامب بسبب إدانته جنائيا بالتستر على مدفوعات مالية لإسكات ممثلة أفلام إباحية، فضلا عن اتهامات أخرى له وحكم مدني وجده مسؤولا عن اعتداء جنسي. ونفى ترامب ارتكاب أي مخالفات واتهم هاريس والديمقراطيين مرة أخرى بتدبير جميع القضايا دون أدلة.
كما كرر ترامب أيضا ادعاءه بأن هزيمته في انتخابات عام 2020 كانت بسبب التزوير، ووصف هاريس بأنها "ماركسية"، مؤكداً أن المهاجرين تسببوا في موجة جرائم عنيفة.
وشنت هاريس هجوما مطولا على حدود الإجهاض، وتحدثت بحماس عن النساء المحرومات من الرعاية الطارئة وضحايا سفاح القربى غير القادرات على إنهاء حملهن بسبب الحظر على مستوى الولاية والذي انتشر منذ ألغت المحكمة العليا الأميركية حقا للنساء على مستوى البلاد في عام 2022.
في المقابل، زعم ترامب أن هاريس والديمقراطيين يؤيدون قتل الأطفال.
وبدأ المرشحان المناظرة بالتركيز على الاقتصاد وهي القضية التي أظهرت استطلاعات الرأي أنها تصب في صالح ترامب.
وهاجمت هاريس نية ترامب فرض رسوم جمركية عالية على السلع الأجنبية - وهو الاقتراح الذي شبهته بضريبة المبيعات على الطبقة المتوسطة - في حين روجت لخطتها لتقديم مزايا ضريبية للأسر والشركات الصغيرة.
وانتقد ترامب هاريس بسبب التضخم المستمر خلال فترة إدارة بايدن، رغم أنه بالغ في تقدير مستوى ارتفاع الأسعار. وقال إن التضخم "كارثة على الناس وعلى الطبقة المتوسطة وعلى كل الطبقات".
وتبادل المرشحان أيضا الانتقادات اللاذعة بشأن حرب إسرائيل في غزة والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، لكن لم يقدم أي منهما تفاصيل محددة حول الكيفية التي سيسعيان بها إلى إنهاء الصراعين.
واتهمت هاريس ترامب بالاستعداد للتخلي عن الدعم الأميركي لأوكرانيا من أجل كسب ود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووصفت ترامب بأنه "عار"، في حين زعم ترامب أن هاريس "تكره" إسرائيل، وهو ما نفته.
وفي إشارة إلى الثقة في نتيجة المناظرة، تحدت حملة هاريس ترامب على الفور لتنظيم مناظرة ثانية.
ومن جهته، اعتبر ترامب أن المناظرة التي خاضها ضد منافسته الديمقراطية كامالا هاريس عبر "إيه بي سي" ABC كانت أفضل مناظرة له على الإطلاق، متّهما مذيعي الشبكة التلفزيونية اللذين أدارا الحوار بالتحيّز ضده.
وكتب ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي "أعتقد أن هذه كانت أفضل مناظرة لي على الإطلاق، خاصة أنها كانت مواجهة بين ثلاثة ضد واحد!".
ومع بقاء ثمانية أسابيع على الانتخابات وأيام قليلة حتى بدء التصويت المبكر في بعض الولايات، شكلت المناظرة فرصا وكذلك مخاطر لكل مرشح إذ تابع الحوار عشرات الملايين من الناخبين عبر شاشات التلفزيون.
وانطلقت المناظرة بمصافحة مفاجئة بين الخصمين اللذين لم يلتقيا من قبل. واقتربت هاريس من ترامب عند منصته وقدمت نفسها بالاسم، وهي أول مصافحة في مناظرة رئاسية منذ عام 2016.
وبنهاية المناظرة الرئاسية لم يتصافح ترامب وهاريس، فعند انتهاء المناظرة، شكر كل منهما المذيعين، واستدارا نحو مساعديهما دون النظر إلى بعضهما بعضا.
وكان اللقاء مهما بشكل خاص لهاريس إذ أظهرت استطلاعات الرأي أن أكثر من ربع الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد يشعرون أنهم لا يعرفون ما يكفي عنها. ودخلت هاريس السباق قبل سبعة أسابيع فقط بعد انسحاب الرئيس جو بايدن.