حميدتي مستعد لمحادثات سلام تجاوباً مع نداء بايدن
قطع أحد أبرز قادة الجيش السوداني مجدداً، برفض القوات المسلحة التفاوض مع قوات الدعم السريع، وأعلن عن توافق القيادة المدنية والعسكرية على حسم المعركة عسكرياً، وذلك بعد يوم واحد من إعلان قائد الجيش رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، انفتاح حكومته على جهود إنهاء الحرب والعمل مع الشركاء الدوليين للتوصل إلى حل سلمي، وتأكيد قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، التزامه بمفاوضات وقف إطلاق النار والانخراط في عمليات السلام.
وقال مساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق أول ياسر العطا، في خطاب تعبوي لـ«مجموعات الإسناد»، أمس «إن الجيش السوداني سيواصل القتال حتى دحر التمرد، والقيادة السياسية والعسكرية متفقة على رفض أي أحاديث عن تفاوض».
وكشف العطا عن تطور قدرات الجيش التي ستمكنه من تحقيق شعار «بل بس» وهو هتاف يستخدمه مؤيدو الجيش السوداني للتعبير عن الإصرار على مواصلة القتال ضد قوات الدعم السريع، بقوله: «الآن أصبحنا بقدرات متعاظمة تستطيع تحقيق هذا الشعار المجيد (بل بس)»، وتابع: «القوات المسلحة بحكم واجبها الدستوري والقانوني والوطني والعرفي والتاريخي، هي الرقيب حتى لا يتلاعب المفسدون بالوطن الحبيب وبشعبه الكريم».
وسبق لقائد الجيش، عبدالفتاح البرهان، أن أكد، في رد على بيان من الرئيس الأمريكي جو بايدن، انفتاح حكومته على الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب «المدمرة» مع «قوات الدعم السريع»، واستعداده للعمل مع جميع الشركاء الدوليين للوصول إلى حل سلمي يخفف ما سماه «معاناة شعبنا»، ويفتح الطريق نحو الأمن والاستقرار وسيادة القانون والتداول السلمي الديمقراطي للسلطة.
وكان الرئيس بايدن دعا، في بيان، الطرفين إلى استئناف المفاوضات الرامية إلى إنهاء الحرب، بقوله: «أدعو الطرفين المتحاربين المسؤولين عن معاناة السودانيين إلى سحب قواتهما وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق وإعادة الانخراط في المفاوضات لإنهاء هذه الحرب».
وتفسر التصريحات السابقة للجنرالين؛ القائد العام ومساعده، ما يبدو «تناقضاً» في موقفيهما؛ فالعطا الذي يعدّ القائد الميداني الفعلي درج على إطلاق التصريحات المتشددة الرافضة للتفاوض، والإعلان مراراً وتكراراً عن «قرب حسم الحرب» لمصلحة قواته، بينما درج قائد الجيش على إطلاق تصريحات تبدو «مهادنة» بما يمكن تفسيره بأن ثمة «تبادل أدوار متفقاً عليه بين الرجلين».
وأبدى قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو، ترحيبه ببيان بايدن، وتعهد بمواصلة جهود الانخراط في السلام وحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية، وأبدى استعداده التام لوقف إطلاق النار والالتزام باستعادة الحكم المدني الديمقراطي.
وقال دقلو، الشهير بـ«حميدتي»، في نشرة عبر حسابه بمنصة «إكس»، تعليقاً على خطاب الرئيس بايدن إن الحرب لم تكن خياره، وإن موقفه من السلام والحكم المدني الديمقراطي بقيادة القوى الديمقراطية الحقيقية، سيظل ثابتاً.
ونفى حميدتي مسؤوليته عن إشعال الحرب، وحمل «الحركة الإسلامية» المسؤولية عنها، وقال: «الحرب كانت صناعة الذين عطلوا إجراءات التسوية السياسية المتمثلة في (الاتفاق الإطاري)، الذي كان سيضع بلادنا مجدداً في مسار انتقالي مدني يجنبها سيناريو الجحيم، الذي أوقعنا فيه دعاة الحرب من فلول ما تسمى «الحركة الإسلامية» وعناصرها المتحكمة في القوات المسلحة».
وأشار إلى مشاركة قواته في مباحثات وقف إطلاق النار في جدة والمنامة، وبرعاية «الهيئة الحكومية للتنمية في أفريقيا (إيغاد)»، وقال إنه خرج من السودان، رغم ظروف الحرب للمشاركة بقمة «إيغاد» في أوغندا، بيد أن قائد القوات المسلحة «غاب» عن الحضور، وإن نائبه وشقيقه عبدالرحيم خرج هو الآخر من السودان إلى مفاوضات المنامة التي فشلت لغياب ممثل الجيش، رغم توقيعه وثيقة «إعلان مبادئ» وأسس الحل الشامل، إلى جانب حضور وفده بصلاحيات كاملة مفاوضات جنيف في ظل غياب وفد الجيش.
وعن العمليات العسكرية الجارية في الفاشر، حاضرة ولاية شمال دارفور، التي طالب الرئيس بايدن بإيقافها، قال حميدتي إنه قدم مقترحاً سابقاً بانسحاب الجيش و«الدعم السريع» من المدينة، وترك إدارتها لقوات الحركات المسلحة المحايدة، بيد أن الجيش فرض مقترحه.
ودعا حميدتي المجتمع الدولي والهيئات المعنية إلى «التحقيق في استمرار قصف القوات المسلحة المناطق المدنية، لضمان تقديم المسؤولين إلى العدالة»، مبدياً استعداده للتعاون في أي تحقيقات مشابهة.