عبرت الولايات المتحدة عن خيبة أملها إزاء الموقف الروسي من الضربة الاميركية على قاعدة عسكرية في سوريا، بعد تمسك موسكو بالدفاع عن النظام السوري الذي تتهمه واشنطن بشن هجوم كيميائي في شمال غرب البلاد أوقع 87 قتيلا. وتوترت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة بعد تغير موقف الرئيس الاميركي دونالد ترامب من الرئيس السوري بشار الاسد اثر "الهجوم الكيميائي" على خان شيخون، كما ألغى وزير خارجية بريطانيا زيارة كانت مقررة لموسكو بسبب هذه التطورات. واعتبر وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الجمعة أن الرد الروسي على الضربة الأميركية ضد نظام الأسد "مخيب جدا للامل"، بعد ساعات من اعتبار روسيا الضربة بمثابة "عدوان" على سوريا ومسارعتها الى تعليق اتفاق مع واشنطن يرمي إلى منع وقوع حوادث بين طائرات البلدين في الاجواء السورية. وقتل 87 مدنيا بينهم 31 طفلا، وفق حصيلة جديدة للمرصد السوري لحقوق الانسان السبت، نتيجة إصابتهم بغازات سامة في مدينة خان شيخون السورية في محافظة ادلب. واتهمت واشنطن والمعارضة السورية قوات النظام بتنفيذ الهجوم من خلال قصف جوي، الامر الذي نفته دمشق بالمطلق مع حليفتها موسكو. وتقول موسكو ودمشق ان الطيران السوري قصف مستودع اسلحة لمقاتلي المعارضة كان يحتوي مواد كيميائية. وردا على هجوم خان شيخون، نفذ الجيش الاميركي فجر الجمعة بأمر من الرئيس دونالد ترامب هجوما على قاعدة الشعيرات الجوية العسكرية في محافظة حمص في وسط سوريا، عبر إطلاق 59 صاروخا عابرا من طراز "توماهوك" من البحر. وهي الضربة الاميركية العسكرية الاولى المباشرة ضد النظام السوري منذ بدء النزاع العام 2011. واستهدفت الضربة التي جاءت بعد فشل مجلس الامن في الاتفاق على قرار يدين هجوم خان شيخون بسبب ممانعة موسكو، "حظائر الطيران" بشكل اساسي ومخازن الوقود والذخائر وقواعد دفاع جوي، ورادارات، بحسب واشنطن. في لندن، أعلن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون السبت الغاء زيارته لروسيا التي كانت مقررة الاثنين، بسبب "التطورات في سوريا التي غيرت الوضع جذريا". وقال "أولويتي الان هي ان أتابع الاتصال مع الولايات المتحدة ودول أخرى قبل اجتماع مجموعة السبع في 10 و11 نيسان/ابريل بهدف تنظيم الدعم الدولي المنسق لوقف ميداني لاطلاق النار وتكثيف العملية السياسية". وردت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا معتبرة إلغاء الزيارة قرارا "عبثيا" ومعربة عن الأسف لقلة "الثبات والتناغم في السياسة الخارجية" للدول الغربية. - انتهاء عملية "التنظيف"- ولليوم الثاني على التوالي، اكد المرصد السوري اقلاع طائرتين حربيتين من مطار الشعيرات السبت وعودتهما اليه. واكد مصدر عسكري سوري لفرانس برس السبت "عودة المطار للعمل منذ بعد ظهر الجمعة". وقال "انتهينا من عملية تنظيف المدرجات وتاكدنا من جاهزية مدرج الهبوط". واشار الى ان "احدى طائراتنا من طراز سوخوي ?? نفذت بعد ظهر الجمعة مهمة قتالية وعادت وهبطت في المطار بسلام". واثارت الضربة الاميركية غضب دمشق وحليفتها موسكو، في وقت سارع حلفاء واشنطن والمعارضة السورية وداعموها الى الترحيب بالضربة الصاروخية. ووصفت الرئاسة السورية الضربة بانها تصرف "ارعن غير مسؤول"، في وقت حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أنها تلحق "ضررا هائلا" بالعلاقات بين واشنطن وموسكو. على الرغم من ذلك، حذرت واشنطن من انها مستعدة لشن ضربات جديدة ضد النظام السوري اذا استدعى الامر. وقالت السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة نيكلي هايلي خلال اجتماع طارىء عقده مجلس الامن الجمعة في نيويورك "نحن مستعدون للقيام بالمزيد لكننا نأمل بالا يكون ذلك ضروريا". واعتبر ممثل موسكو في الامم المتحدة فلاديمير سافرونكوف خلال الاجتماع ان "الولايات المتحدة هاجمت اراضي سوريا ذات السيادة. نعتبر هذا الهجوم انتهاكا صارخا للقانون الدولي وعملا عدوانيا". وتواصلت ردود الفعل على الضربة الاميركية وحذر الامين العام للجامعة العربية احمد ابو الغيط السبت من "التصعيد الخطير" الذي تشهده سوريا. واتهم الرئيس الايراني حسن روحاني نظيره الاميركي بمساعدة المجموعات "الارهابية" في سوريا. ودعا الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر الرئيس السوري إلى التنحي لتجنيب بلاده ويلات الحرب، مطالبا واشنطن وموسكو بوقف التدخل في هذا البلد. - العشرات يتظاهرون - ونظم عشرات من مؤيدي النظام السوري السبت اعتصاما امام مقر الامم المتحدة في دمشق، رافعين صور الاسد وشعارات "الموت لاميركا" و"سيناريو العراق لن يتكرر"، في اشارة الى الغزو الاميركي للعراق العام 2003. وكان ترامب وجه خطابا الى الأمة من منزله في فلوريدا بعد بدء الضربة، وصف فيه الأسد بـ"الديكتاتور". وقال "باستخدام غاز الأعصاب القاتل، انتزع الأسد ارواح رجال ونساء وأطفال لا حول لهم ولا قوة". ودعا "كل الدول المتحضرة الى الانضمام إلينا في السعي الى انهاء المجزرة وسفك الدماء في سوريا والقضاء على الارهاب بكل أنواعه وأشكاله". وأطلع ترامب العديد من العواصم على قراره بتنفيذ الضربة قبل حصولها. ونقلت وكالة الانباء السعودية الرسمية السبت انه اتصل بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وأن الاخير "هنأ" ترامب ب"هذا القرار الشجاع الذي يصب في مصلحة المنطقة والعالم". كما كان ابلغ روسيا واسرائيل ودولا اوروبية. وفي خان شيخون، المدينة التي لا تزال تعاني هول صدمة "الهجوم الكيميائي"، قال سكان لفرانس برس الجمعة ان شيئا لن يعيد لهم موتاهم، وعبروا عن املهم في أن تستمر الضربات العسكرية الاميركية "لردع" النظام السوري. في الوقت نفسه، لم يتوقف قصف قوات النظام على المدينة الواقعة في محافظة إدلب، أحد ابرز معاقل مقاتلي المعارضة في سوريا. ونفذت طائرات سورية السبت غارات على المدينة، تسببت، وفق المرصد السوري، بمقتل امراة واصابة شخص بجروح. من جانب اخر، قتل 15 مدنياً على الاقل السبت بينهم اربعة اطفال في غارات يرجح ان طائرات تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن نفذتها على قرية تحت سيطرة الجهاديين في محافظة الرقة، معقلهم في سوريا، وفق ما اورد المرصد السوري لحقوق الانسان.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}