طهران - ثامر أحمدي

باتت ظاهرة النساء العتالات منتشرة في أنحاء إيران ما يشير إلى أزمة البطالة الخانقة والحياة الكارثية التي يعيشها الشعب الإيراني، حيث يضطر عدد كبير من الشعب في المناطق الحدودية إلى هذا العمل بسبب الفقر والبطالة، وهم يقومون بنقل الأحمال الثقيلة بين جانبي الحدود مقابل مبلغ زهيد من المال.

ووفق التقارير الرسمية، فإن 25 مليار دولار سنوياً "3 أضعاف ميزانية الإعمار في إيران" يجري تهريبها في إيران، ورأس الخيط في يد الأجهزة التابعة للولي الفقيه والحرس الثوري الإيراني، بينما يتعرض عشرات الآلاف من العتالين المحرومين الذين ليست لهم أية حقوق في العمل للاضطهاد والملاحقة من قبل القوات الحكومية بذريعة مكافحة التهريب.

ويتعرض العتالون بمن فيهم أطفال بعمر 10 أعوام، وحتى النساء والرجال البالغين من العمر 80 عاماً، وطلاب الجامعات وخريجي الجامعات، بشكل مستمر لأخطار مثل إطلاق النار المباشر من قبل قوات النظام، والانهيار الثلجي، والغرق في النهر، وشدة الصقيع أو السقوط في الوادي.

وأعلن رسول خضري، عضو اللجنة الاجتماعية للبرلمان الإيراني، أن عدد العتالين في مناطق الحدود في البلاد يبلغ 70 ألفا. ولكن دون شك، يحاول النظام الإيراني التستر على أبعاد هذه الظاهرة الكارثية، والإحصاءات الفعلية للعتالين، حيث إن الفقر والبؤس الشائع بين المواطنين بسبب عدم توفر فرص العمل يجبر النساء على الانخراط في عمل العتالة في المناطق الحدودية.

ووصل انتشار الكارثة لدرجة، أن الصحف الحكومية تنشر أخبارها، حيث نشرت صحيفة "انتخاب" الحكومية في 7 نوفمبر 2017 تقريراً عن حياة مؤلمة لعدد من النساء العتالات حيث تؤلم ضمير كل إنسان، قراءة بعض هموم هذه الفتاة.

ونشرت الصحيفة قصة إنسانية لفتاة تدعى كويستان، وتبلغ من العمر 28 عاماً، حيث تقول إن شقيقتي الكبرى تزوجت مبكرا وانفصلت عنا. كما ذهبت الشقيقة الثانية للدراسة، وتوفيت الشقيقة الثالثة نتيجة مرض عضال بسبب عجز الأب عن دفع ثمن علاجها.

وتضيف كويستان "كانت والدتي حزينة جداً من هذا الألم الكبير، ولم تتمكن من فعل أي شيء، لذلك كنت أعرف أنني كنت مسؤولة عن رعاية الأسرة ووالدي. وكنت أرافقه في كل مرة عند ذهابه إلى الأرض الزراعية، ولم أكن أحاول أن أطالبه بشراء الحقائب والكتب واللوازم المدرسية، إلا أن الزراعة والثروة الحيوانية في قريتنا قل إنتاجها، ووالدي، الذي لم يعد قادراً على دفع نفقات أسرته، قرر أن يذهب إلى الحدود مع باقي رجال القرية وتحول إلى إعالتنا عن طريق العتالة".

وتقول الصحيفة "مضت 7 سنوات من اليوم الذي ذهب والد كويستان إلى الجبل ولم يعُد بعد، فقد قتل، في الجبال الحدودية وكان ذلك الضربة القاتلة التي قصمت ظهر أم العائلة".

كويستان التي كانت ترى نفسها مسؤولة عن لم شمل أفراد العائلة وتسيير حياتهم المنهارة ارتدت ملابس الرجال الكرد وشدت أزرها ووضعت القناع على وجهها ومنذ 7 سنوات، تتدفق إلى الجبال مع الرجال العتالين لتؤمن لقمة العيش لأسرتها الثكلى.