هي جاسوسة كورية شمالية سابقة، ومواطنة كورية جنوبية حاليا، ولكنها ليست جاسوسة عادية، فيدها ملطخة بدماء 115 ضحية بعد أن زرعت قنبلة على طائرة مدنية لكوريا الجنوبية خلال دورة الألعاب الأولمبية السابقة في سيول، ورغم ذلك تلقت عفوا من السلطات. والآن، فيما تبدأ الألعاب الأولمبية الشتوية في كوريا الجنوبية، الجمعة، وتشارك بيونغ يانغ وسيول في حفل الافتتاح بفريق موحد، تتذكر كيم هيون هوي المأساة التي أوقعتها، ويظل السؤال الحائر يطرق رأسها: هل يمحو العفو خطايا، خاصة إذا كانت من هذا النوع؟
كانت "هوي" تبلغ من العمر 18 عاماً عندما جندتها سلطات بيونغ يانغ جاسوسة. وصدق حدس السلطات فقد استطاعت أن تزرع قنبلة على رحلة الخطوط الكورية الجنوبية رقم 858، وقتل في الحادث المأساوي 115 شخصاً منذ 30 عاماً، وأسالت الجاسوسة السابقة الكثير من الدموع في سيول.
وقالت في حديث لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إنها حاولت بعد العفو عن جرائمها بناء حياة جديدة، فقد تزوجت وأنجبت طفلين، وتداوم على حضور القداس في الكنيسة، وتذهب في رحلات إلى الجبال والمرتفعات بحثا عن السكينة المفقودة، ولكن شبح بيونغ يانغ يطاردها، فهي تتذكر في الجبال التدريبات المماثلة التي كانت تتلقاها أثناء فترات إعدادها البدني للعمل في التجسس.
استقلت "هوي" طائرة ركاب كورية جنوبية تحمل قنبلة موقوتة، واستطاعت مغادرة الطائرة تاركة القنبلة في صندوق بخزينة علوية، ما أدى إلى مصرع الركاب والطاقم، في محاولة من بيونغ يانغ لإفساد الألعاب الأولمبية الصيفية التي أقيمت في سيول عام 1988. ونجحت سلطات كوريا الجنوبية لاحقا في تعقبها واعتقالها.
وقالت الجاسوسة السابقة التي أصبحت ربة منزل، إنها تعيش في كوريا الجنوبية حياة جديدة، وستشاهد الألعاب الأولمبية الشتوية، الجمعة، على شاشات التلفزة.
ولكن أرواح الضحايا ما زالت تطارد "هوي" وتقض مضجعها، وتجعلها تفكر على نحو مستمر: هل من غفران لذنبي؟ وتجيب نفسها دائما -كما قالت لـ"واشنطن بوست"- بالنفي.
وأكدت الجاسوسة السابقة أن دورها في تفجير الطائرة المدنية يجعلها تشعر بالأسف والخجل على نحو مستمر.
الماضي يطاردها
"هوي" تبلغ من العمر الآن 58 عاماً، وتعيش في ضواحي ثالث أكبر مدينة في كوريا الجنوبية، وترتدي نظارة على نحو مستمر، وتتميز بشعر قصير. وتقول إنها لم تعد تمارس رياضة التايكوندو التي اعتادت عليها أثناء 8 سنوات من الإعداد البدني والفكري لها في كوريا الشمالية قبل أن تبدأ مهام التجسس.
ماضي "هوي" يطاردها على نحو مستمر، فهي تشاهد دائماً على شاشات التلفزة لقطات وصولها معتقلة إلى كوريا الجنوبية في ديسمبر 1987، عندما نزلت من الطائرة وهي معتقلة ومحاطة من جميع الجهات، وكانوا يضعون جهازا على فمها لمنعها من العض على لسانها.
وكشفت الجاسوسة السابقة أنها على سلم تلك الطائرة كانت تخشى عملية الاستجواب، وسط يقين أنها مقبلة على الأشهر الأخيرة من حياتها، وكانت تواسي نفسها بترديد أغنية ثورية من كوريا الشمالية.
وذكرت "هوي" -في كتاب نشرته عام 1991- أن عملية تجنيدها من قبل استخبارات بيونغ يانغ بدأت خلال السنة الثانية من دراستها في كلية لغات أجنبية في بيونغ يانغ. واستدعيت إلى مكتب مسؤول عسكري بازر، والتقت هناك عضواً من الحزب الحاكم. وبدأت في مرحلة إعداد لتكون جاسوسة في الخارج، ودرست اليابانية، وأعطيت جواز سفر مزوراً، واسماً مزيفاً، مايومي هاشيا.
وأبلغت "هوي" بمهمتها وهي تدمير طائرة ركاب كورية جنوبية من أجل "إحداث فوضى، ومنع انعقاد دورة الألعاب الأولمبية في سيول"، كما أبلغها بذلك مدير مخابرات بيونغ يانغ. وأوضحت أنها تلقت أوامر العملية مكتوبة بخط يد كيم جونغ ايل، ابن كيم ايل سونغ، والأول هو الزعيم الحالي لكوريا الشمالية.
سيناريو التفجير
وعندما سمعت "هوي" بالخطة، لم تفكر في أرواح الضحايا، بل تعاملت معها وقتذاك باعتبارها "عملية تقنية". وأعطيت وعميل آخر سجائر سيانيد، لاستخدامها في الانتحار حال اعتقالهما.
وفي الأسابيع التي سبقت التفجير، وفقاً لما ذكرت الجاسوسة السابقة وكشفه تحقيق كوريا الجنوبية، سافرت الجاسوسة السابقة برفقة عميل آخر عبر أوروبا، وكانا يتظاهران بأنهما سائحان يابانيان. وفي بلغراد، كانا على صلة مع وكلاء اثنين آخرين، وتسلمت "هوي" قنبلة موقوتة قاتلة على شكل راديو محمول من طراز باناسونيك. ثم توجهت إلى بغداد، لتصعد على متن طائرة كورية جنوبية، ونجحت في النزول من الطائرة خلال توقفها في مطار آخر، وبعد ساعات انفجرت الطائرة في أجواء بحر اندامان، وكان على متنها العشرات من مواطني سيول العاملين في مجال الطاقة بالشرق الأوسط، في طريقهم إلى الوطن لزيارة أسرهم.
وحاولت الجاسوسة السابقة العودة بأي طريقة إلى بيونغ يانغ عبر رحلات جوية ملتوية، ولكنها أوقفت في دولة شرق أوسطية بعد اشتباه سلطات المطار في خطوط رحلاتها. وحاولت هي والعميل الآخر الانتحار بسجائر السيانيد، ولكن الأخير قضى، وبقيت هي على قيد الحياة، واستيقظت لتجد نفسها مقيدة إلى سرير مستشفى، وفي النهاية سُلمت إلى سيول.
مفاجأة العفو
وخضعت "هوي" لأسابيع من الاستجواب في كوريا الجنويبة قبل الاعتراف. وقالت إن سلطات كوريا الجنوبية أخذتها في جولة بالعاصمة سيول، وشاهدت حياة مختلفة عن كوريا الشمالية. وباتت تعتقد أن مهمتها كانت مجرد "خدعة وأكاذيب". وبدأت تتعاون مع المحققين تعاوناً كاملاً.
وفي عام 1989، حكم عليها قاضٍ من كوريا الجنوبية بالإعدام. لكن الرئيس الكوري الجنوبي السابق، روه تاي-وو، منحها العفو في العام التالي، باعتبارها كانت مجرد أداة تم التلاعب بها. ونجت من الغضب الشعبي في سيول عقب مؤتمر صحافي دامع اعتذرت خلاله عن التفجير. ثم ألفت كتابا عن حياتها باسم "دموع روحي"، وتبرعت بالعائدات لعائلات ضحايا الرحلة 858.
وتعيش الجاسوسة السابقة حالياً تحت حماية الشرطة، بعيداً عن الأضواء، وتحتفظ بمعظم تفاصيل حياتها الخاصة. وهي تعتبر نفسها مواطنة عادية، وأماً تتولى تربية اثنين من المراهقين، 16 و18 عاما، وتطهو لأسرتها الطعام، وتحاول أن تتخلص من آلام الماضي في رحاب الجبال المنعزلة. وزوجها الذي اقترنت به عام 1997 كان من أوائل الأشخاص الذين التقت بهم في كوريا الجنوبية، وهو أحد الوكلاء الذين تعاملوا مع قضيتها.
سنوات طويلة مرت على "هوي"، ومحاولات عدة بذلتها للنسيان أو التناسي، ولكنه الماضي الذي لا يزال يشعرها بالصدمة حتى الآن.
كانت "هوي" تبلغ من العمر 18 عاماً عندما جندتها سلطات بيونغ يانغ جاسوسة. وصدق حدس السلطات فقد استطاعت أن تزرع قنبلة على رحلة الخطوط الكورية الجنوبية رقم 858، وقتل في الحادث المأساوي 115 شخصاً منذ 30 عاماً، وأسالت الجاسوسة السابقة الكثير من الدموع في سيول.
وقالت في حديث لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إنها حاولت بعد العفو عن جرائمها بناء حياة جديدة، فقد تزوجت وأنجبت طفلين، وتداوم على حضور القداس في الكنيسة، وتذهب في رحلات إلى الجبال والمرتفعات بحثا عن السكينة المفقودة، ولكن شبح بيونغ يانغ يطاردها، فهي تتذكر في الجبال التدريبات المماثلة التي كانت تتلقاها أثناء فترات إعدادها البدني للعمل في التجسس.
استقلت "هوي" طائرة ركاب كورية جنوبية تحمل قنبلة موقوتة، واستطاعت مغادرة الطائرة تاركة القنبلة في صندوق بخزينة علوية، ما أدى إلى مصرع الركاب والطاقم، في محاولة من بيونغ يانغ لإفساد الألعاب الأولمبية الصيفية التي أقيمت في سيول عام 1988. ونجحت سلطات كوريا الجنوبية لاحقا في تعقبها واعتقالها.
وقالت الجاسوسة السابقة التي أصبحت ربة منزل، إنها تعيش في كوريا الجنوبية حياة جديدة، وستشاهد الألعاب الأولمبية الشتوية، الجمعة، على شاشات التلفزة.
ولكن أرواح الضحايا ما زالت تطارد "هوي" وتقض مضجعها، وتجعلها تفكر على نحو مستمر: هل من غفران لذنبي؟ وتجيب نفسها دائما -كما قالت لـ"واشنطن بوست"- بالنفي.
وأكدت الجاسوسة السابقة أن دورها في تفجير الطائرة المدنية يجعلها تشعر بالأسف والخجل على نحو مستمر.
الماضي يطاردها
"هوي" تبلغ من العمر الآن 58 عاماً، وتعيش في ضواحي ثالث أكبر مدينة في كوريا الجنوبية، وترتدي نظارة على نحو مستمر، وتتميز بشعر قصير. وتقول إنها لم تعد تمارس رياضة التايكوندو التي اعتادت عليها أثناء 8 سنوات من الإعداد البدني والفكري لها في كوريا الشمالية قبل أن تبدأ مهام التجسس.
ماضي "هوي" يطاردها على نحو مستمر، فهي تشاهد دائماً على شاشات التلفزة لقطات وصولها معتقلة إلى كوريا الجنوبية في ديسمبر 1987، عندما نزلت من الطائرة وهي معتقلة ومحاطة من جميع الجهات، وكانوا يضعون جهازا على فمها لمنعها من العض على لسانها.
وكشفت الجاسوسة السابقة أنها على سلم تلك الطائرة كانت تخشى عملية الاستجواب، وسط يقين أنها مقبلة على الأشهر الأخيرة من حياتها، وكانت تواسي نفسها بترديد أغنية ثورية من كوريا الشمالية.
وذكرت "هوي" -في كتاب نشرته عام 1991- أن عملية تجنيدها من قبل استخبارات بيونغ يانغ بدأت خلال السنة الثانية من دراستها في كلية لغات أجنبية في بيونغ يانغ. واستدعيت إلى مكتب مسؤول عسكري بازر، والتقت هناك عضواً من الحزب الحاكم. وبدأت في مرحلة إعداد لتكون جاسوسة في الخارج، ودرست اليابانية، وأعطيت جواز سفر مزوراً، واسماً مزيفاً، مايومي هاشيا.
وأبلغت "هوي" بمهمتها وهي تدمير طائرة ركاب كورية جنوبية من أجل "إحداث فوضى، ومنع انعقاد دورة الألعاب الأولمبية في سيول"، كما أبلغها بذلك مدير مخابرات بيونغ يانغ. وأوضحت أنها تلقت أوامر العملية مكتوبة بخط يد كيم جونغ ايل، ابن كيم ايل سونغ، والأول هو الزعيم الحالي لكوريا الشمالية.
سيناريو التفجير
وعندما سمعت "هوي" بالخطة، لم تفكر في أرواح الضحايا، بل تعاملت معها وقتذاك باعتبارها "عملية تقنية". وأعطيت وعميل آخر سجائر سيانيد، لاستخدامها في الانتحار حال اعتقالهما.
وفي الأسابيع التي سبقت التفجير، وفقاً لما ذكرت الجاسوسة السابقة وكشفه تحقيق كوريا الجنوبية، سافرت الجاسوسة السابقة برفقة عميل آخر عبر أوروبا، وكانا يتظاهران بأنهما سائحان يابانيان. وفي بلغراد، كانا على صلة مع وكلاء اثنين آخرين، وتسلمت "هوي" قنبلة موقوتة قاتلة على شكل راديو محمول من طراز باناسونيك. ثم توجهت إلى بغداد، لتصعد على متن طائرة كورية جنوبية، ونجحت في النزول من الطائرة خلال توقفها في مطار آخر، وبعد ساعات انفجرت الطائرة في أجواء بحر اندامان، وكان على متنها العشرات من مواطني سيول العاملين في مجال الطاقة بالشرق الأوسط، في طريقهم إلى الوطن لزيارة أسرهم.
وحاولت الجاسوسة السابقة العودة بأي طريقة إلى بيونغ يانغ عبر رحلات جوية ملتوية، ولكنها أوقفت في دولة شرق أوسطية بعد اشتباه سلطات المطار في خطوط رحلاتها. وحاولت هي والعميل الآخر الانتحار بسجائر السيانيد، ولكن الأخير قضى، وبقيت هي على قيد الحياة، واستيقظت لتجد نفسها مقيدة إلى سرير مستشفى، وفي النهاية سُلمت إلى سيول.
مفاجأة العفو
وخضعت "هوي" لأسابيع من الاستجواب في كوريا الجنويبة قبل الاعتراف. وقالت إن سلطات كوريا الجنوبية أخذتها في جولة بالعاصمة سيول، وشاهدت حياة مختلفة عن كوريا الشمالية. وباتت تعتقد أن مهمتها كانت مجرد "خدعة وأكاذيب". وبدأت تتعاون مع المحققين تعاوناً كاملاً.
وفي عام 1989، حكم عليها قاضٍ من كوريا الجنوبية بالإعدام. لكن الرئيس الكوري الجنوبي السابق، روه تاي-وو، منحها العفو في العام التالي، باعتبارها كانت مجرد أداة تم التلاعب بها. ونجت من الغضب الشعبي في سيول عقب مؤتمر صحافي دامع اعتذرت خلاله عن التفجير. ثم ألفت كتابا عن حياتها باسم "دموع روحي"، وتبرعت بالعائدات لعائلات ضحايا الرحلة 858.
وتعيش الجاسوسة السابقة حالياً تحت حماية الشرطة، بعيداً عن الأضواء، وتحتفظ بمعظم تفاصيل حياتها الخاصة. وهي تعتبر نفسها مواطنة عادية، وأماً تتولى تربية اثنين من المراهقين، 16 و18 عاما، وتطهو لأسرتها الطعام، وتحاول أن تتخلص من آلام الماضي في رحاب الجبال المنعزلة. وزوجها الذي اقترنت به عام 1997 كان من أوائل الأشخاص الذين التقت بهم في كوريا الجنوبية، وهو أحد الوكلاء الذين تعاملوا مع قضيتها.
سنوات طويلة مرت على "هوي"، ومحاولات عدة بذلتها للنسيان أو التناسي، ولكنه الماضي الذي لا يزال يشعرها بالصدمة حتى الآن.