باريس - لوركا خيزران، وكالات

استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الإثنين، المهاجر المالي مامودو غاساما، الذي نفذ الأحد، عملية إنقاذ بطولية لطفل فرنسي من على شرفة منزل في الطابق الرابع، في باريس.

وذكرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية، على موقعها الإلكتروني، أن ماكرون منح الجنسية الفرنسية للشاب البالغ من العمر 22 عاماً، الذي ينحدر من دولة مالي ويقيم بطريقة غير شرعية في فرنسا.

ولم يكتفِ الرئيس الفرنسي بذلك، بل أمر أيضاً، وفق ما نقل المصدر نفسه عن قصر الإليزيه، بضم غاساما إلى جهاز الإطفاء، بناء على المهارات، التي كشف عنها خلال إنقاذ الطفل.

وجرى تسمية غاساما "بالرجل الوطواط"، أو "سبايدر مان" لوصوله إلى الطفل في اللحظة الحاسمة ووجهت له السلطات سريعاً دعوة إلى اجتماع في قصر الإليزيه.

وقال الرئيس الفرنسي لمامودو غاساما الذي بدا عليه التأثر البالغ "إنه تصرف استثنائي وعمل بطولي. وتمنيت أن نتخذ قراراً استثنائياً من أجلك". وأضاف ماكرون أن "الأمر يشكل استثناء لأنه مهاجر وليس طالب لجوء وبالتالي لا يمكن تصحيح أوضاعه".

وأضاف ماكرون "لا يمكننا أن نعطي "إقامات" لكل الذين يأتون من مالي وبوركينا فاسو. عندما يكونون في خطر نمنحهم اللجوء لكن ليس لأسباب اقتصادية. أما في ما يتعلق بك شخصياً لقد قمت بعمل استثنائي. حتى لو لم تتوقف لتفكر، ما قمت به تصرف شجاع نال تقدير الجميع".

وهنأ ماكرون غاساما على "عمله الاستثنائي" وقال إن "فرنسا ستمنحه وظيفة في خدمات الطوارئ".

وأضاف ماكرون "بكل وضوح سنعمل على الفور على تسوية أوراقك وإذا كانت لديك الرغبة سنبدأ عملية التجنيس لتكون فرنسيا".

وذكر وزراء أن "عملية منح غاساما الجنسية الفرنسية تستغرق وقتاً لكن سيتم الإسراع فيها".

وقال غاساما لماكرون إنه "حاول عبور البحر المتوسط في مارس 2014 للوصول إلى إيطاليا لكن الشرطة اعتقلته".

ورد عليه ماكرون بالقول "ما فعلته يماثل ما يفعله رجال الإطفاء. إذا كان ذلك يتناسب مع رغباتك يمكنك الانضمام إلى رجال الإطفاء.. وبذلك يمكنك القيام بمثل هذا العمل على أساس يومي".

وكان غاساما ظهر في شريط فيديو انتشر، على وسائل الإعلام الفرنسية والغربية ومواقع التواصل الاجتماعي، خلال عملية إنقاذ بطولية لطفل متدلي من شرفة منزل واقع في الطابق الرابع من مبنى، شمال العاصمة باريس.

وحسب الفيديو، كان الطفل قد انزلق عمليا من الشرفة وتمسك بطرفها، فيما كان يحاول رجل وامرأة من جيرانه عبثا انتشاله.

ولم يستغرق الأمر سوى ثوان معدودة، لكي يتسلق غاساما المبنى على طريقة "سبايدر مان" وينقذ الطفل من الموت، إذ أبعده عن حافة الشرفة إلى داخلها.

وفي تعليقه على الأمر، قال غاساما، إنه تصرف من دون تفكير، مضيفا "شاهدت الناس يصرخون والسيارات تطلق أبواقها، وتسلقت "المبنى" والحمد لله أنقذت الطفل".

وعقب انتشار الفيديو، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالمناشدات لتكريم الشاب، الذي هاتفته عمدة باريس، معربة عن شكرها لهذه الخطوة البطولية التي قام بها.

وأضافت المسؤولة الفرنسية، ناقلة عن المهاجر الأفريقي، "لقد شرح إلي أنه وصل من مالي قبل عدة أشهر حالما ببناء حياة جديدة"، مؤكدة "أن باريس ستكون حريصة على دعمه".

ولم يخف مامودو غاساما الذي سينضم أيضاً إلى فوج الإطفاء، تأثره العميق. وقال "أشعر بسعادة كبيرة لأنها المرة الأولى التي أفوز بجائزة كهذه". والجائزة عبارة عن شهادة وميدالية مكافأة على "عمل شجاع ومتفانً" يقدم إلى "كل شخص يجازف بحياته لمساعدة شخص أو عدة أشخاص معرضين لخطر الموت".

وكانت فرق الإسعاف تبلغت عند الساعة الثامنة من مساء السبت من بعض المارة أنهم رأوا طفلاً متدلياً من الطابق الرابع من مبنى في شمال العاصمة الفرنسية. وعند وصولها تبين لها أن شاباً هب لإنقاذ الطفل البالغ أربع سنوات.

وقد صور بعض المارة المذهولين المشهد المثير خلال تجمعهم أمام المبنى.

وفي الفيديو، يظهر غاساما يتسلق واجهة المبنى مستعيناً بيديه بأقل من 30 ثانية لينقذ الطفل الذي كان متدلياً بيد واحدة خارج شرفة الشقة.

وقد وضع الشريط على وسائل التواصل الاجتماعي حيث انتشر بكثرة.

وتفيد عناصر التحقيق الأولى أن الطفل خرج إلى الشرفة فيما والداه غائبان عن المنزل.

بعيد وقوع الحادث، وضع والد الطفل المولود عام 1981 ولا سوابق جرمية له، في الحبس على ذمة التحقيق لتركه طفله من دون مراقبة وسيمثل أمام النيابة العام الاثنين.

ووضع الطفل في مركز رعاية للأطفال فيما والدته لم تكن موجودة في باريس عند وقوع الحادث.

واستمرت ردود الفعل السياسية على ما حدث.

فحتى نائب رئيس الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة نيكولا باي أيد تصحيح أوضاع المهاجر غير القانوني "بسبب شجاعته" مطالباً في الوقت نفسه بطرد "كل المهاجرين غير الشرعيين" من فرنسا.

وأشاد سفير مالي لدى فرنسا توماني دجيمي ديالو في بيان بـ"روح الإقدام" لدى مامودو غاساما، واصفاً تسلقه المبنى "بقوة ساعديه حصراً" بأنه "عمل مقدام وشجاع".

وكان آخر شخص حصل على الجنسية الفرنسية بعد عمل بطولي، لاسانا باتيلي وهو طالب لجوء مالي أنقذ أشخاصاً عدة خلال عملية احتجاز رهائن نفذها متطرف في متجر في يناير 2015 في باريس.