وفي ندوة عقدها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني، قالت المسؤولة السابقة في وزارة الخزانة الأميركية، كاثرين باور، إن هناك اقتراحات يمكن أن تساعد في تطبيق ناجح للعقوبات الأميركية على إيران من خلال استثمار نقاط الضعف في الاقتصاد الإيراني.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات أميركية طالت كيانات اقتصادية وأمنية في إيران، من بينها البنك المركزي، وذلك عقب انسحاب واشنطن مايو الماضي من الاتفاق النووي الذي علق العقوبات على طهران، لكنها استخدمته أداة لتمويل حروبها بالوكالة في الشرق الأوسط.
وقف عوائد النفط
وأولى هذه الخطوات، هي احتجاز عائدات صادرات النفط الإيرانية، مما يحرم طهران من مصدر رئيسي للعملة الصعبة، وفي ذات الوقت يجب أن تضمن الإداراة الأميركية إمدادات بديلة للعملاء في السوق لمنع ارتفاع أسعار النفط.
وتترافق هذه الخطوة مع إيجاد غطاء قانوني لحجب الإيرادات الإيرانية في البنوك المحلية لبعض الدول التي كانت تتعامل مع إيران.
ويسير هذه الاقتراح جنبا إلى جنب مع الجهود الأميركية الحالية للوصول بالصادرات الإيرانية النفطية إلى المستوى صفر، ليزيد من الضغط المالي على النظام، الذي يستخدم عائداته في تسليح المليشيات الإرهابية بعدد من الدول.
وفي هذا السياق، اقترحت باور أن "تعمل إدارة الرئيس دونالد ترامب مع الشركاء الدوليين لمواجهة السلوك الإيراني الخبيث خارج المجال النووي".
وتشعر كثير من الحكومات الأوروبية بقلق بالغ من استمرار أنشطة إيران في تطوير الصواريخ الباليستية ونشرها، خاصة إمداداتها من الصواريخ إلى حزب الله في لبنان وسوريا، والحوثيين في اليمن.
وتعتقد باور أن قيام واشنطن بتطوير خطط لتنفيذ العقوبات على مستوى محلي في عدد من الدول خاصة في النقاط الساخنة إقليميا، مثل سورريا، التي تنشط فيها إيران ووكلاؤها؛ سيعمل على ارتفاع كلفة مشاركة إيران في هذه الأنشطة.
وتدعم إيران نظام الرئيس بشار الأسد وقد نشرت قوات من الحرس الثوري في سوريا وعملت من خلال مليشيات حزب الله اللبناني ومليشيات أخرى موالية من العراق وباكستان على نشر الفوضى وتدمير البلاد.
وترى باور أن العقوبات المركزة ستلفت الانتباه إلى التدخل الإيراني في الدول المجاورة وتقيد حركته.
مواجهة التهرب من العقوبات
وكما حدث في السابق، ستحاول إيران إيجاد طرق بديلة للالتفاف على العقوبات الأميركية خاصة على النظام المصرفي الإيراني، ليصبح أمام واشنطن مهمة التعاون مع الشركاء في القطاعين الرسمي والخاص على المستوى الدولي لتنفيذ آلية لمواجهة أي عمل غير شرعي لتجاوز العقوبات.
تجريم تمويل الإرهاب
وينبغي على الولايات المتحدة أن تعيد فرض تدابير مواجهة التمويل الإيراني للإرهاب، بموجب فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية في إيران.
وكان من المفترض أن تنضم الحكومة الإيرانية إلى اتفاق دولي بهذا الشأن بعد التوصل للاتفاق النووي عام 2015، لكنها لم تتخذ إجراءات تشريعية للمضي قدما في ذلك.
ويعارض المتشددون في إيران، الانضمام إلى مثل هذه المعاهدات التي تجرم تمويل الجماعات الإرهابية، كون إيران أكبر داعم لهذه الجماعات، وتعتبر ما تقوم به جزءا من سياسة مواجهة الاستعمار الأجنبي.
حافة الانهيار
من جانبها، اعتبرت المستشارة السابقة للسياسات في الخارجية الأميركية، سوزان مالوني، أنه في الوقت الذي أصبحت فيه إيران على حافة الانهيار الاقتصادي، فإن الكثير من الشركات الدولية لا تريد المغامرة بخسارة السوق الأميركي في مقابل استمرار أنشطتها في إيران.
وحتى بالنسبة للشركات الصغيرة، التي لا تتعامل مع السوق الأميركية أو خارج ضغط العقوبات، فإن تعاملها مع إيران لن يؤثر كثيرا على المستوى الاقتصادي ولن يضيف شيئا للنظام المحاصر اقتصاديا، بحسب مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون تمويل الإرهاب، دانيال غليزر.
وقال إنه "عندما تضطر الشركات الأجنبية إلى الاختيار بين العمل التجاري مع إيران والوصول إلى النظام المالي في الولايات المتحدة، فإنها ستختار الأخير".
تحديد الهدف النهائي
ودعا غليزر إدارة ترامب إلى تحديد هدفها النهائي بحسب الأدوات المتاحة حاليا، إما أن ترغم إيران على الإذعان للمجتمع الدولي والمطالب الأميركية المتعلقة بالأنشطة النووية والإرهاب الدولي، أو العمل على دفع النظام الإيراني للانهيار.
وتواجه إيران غليانا شعبيا بسبب ارتفاع الأسعار وانهيار العملة المحلية، إضافة إلى تردي الخدمات والقمع الأمني لاحتجاجات العمال والتجار، الذين انضموا إلى قاطرة الغضب من سياسات النظام الداخلية والخارجية.