ذكر تقرير للأمم المتحدة أن تنظيم داعش لا يزال لديه ما يصل إلى 30 ألف عضو موزعين بالتساوي تقريباً بين سوريا والعراق، ويتم رفده من قبل التنظيم الأم أي القاعدة، التي باتت أقوى بكثير في بعض الأماكن بفضل تزايد الدعم الإيراني لها.
وقال الخبراء إن قادة تنظيم القاعدة في إيران أصبحوا أكثر تمكناً، ويعملون مع زعيم القاعدة أيمن الظواهري، ويقومون بإبراز سلطته بشكل أكثر فعالية من السابق، خاصة فيما يتعلق بالأحداث في سوريا".
ويعزز تقرير خبراء الأمم المتحدة عن زيادة دعم إيران للقاعدة، عدة وثائق وتقارير أفادت بأن إيران تعمل على لملمة شتات تنظيم "داعش" وجيوبه في سوريا لإعادة تأهيل وبناء تنظيم القاعدة باستخدام علاقاتها الاستراتيجية والتاريخية بقادة التنظيم.
وذكر تقرير نشرته صحيفة " الصنداي تايمز " في يناير الماضي، وأعده الكاتبان أدريان ليفي وكاثي سكوت كلارك، أن القاعدة اليوم أعادت بناء نفسها لدرجة أنها قادرة على استدعاء عشرات الآلاف من العناصر بمساعدة إيران.
وتعمل طهران على ضم فلول داعش للقاعدة، حيث تنسق مع قادة عسكريين من القاعدة سافروا إلى دمشق من أجل تجميع صفوف مقاتلي "داعش"، وتأسيس تنظيم "قاعدة جديد" يشبه في ثقافته "فيلق القدس" بالحرس الثوري وميليشيات "حزب الله".
وتروج ماكينة إيران الإعلامية، منذ السيطرة على آخر معاقل تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، بنسب فضل هزيمة التنظيم لطهران وحلفائها وميليشياتها، وقد ألغت دور التحالف الدولي بقيادة أميركا في دحر التنظيم المتطرف، كما حاولت تزييف الحقائق من خلال مصادرة هزيمة التنظيم، حيث تجاهلت الدعاية الإيرانية دور الحرس الثوري وميليشياته في ظهور داعش نتيجة قمع ثورة الشعب السوري السلمية، وإطلاق يد الجماعات المتطرفة وتغذيتها، حيث خسرت إيران أكثر من 3500 قتيل وفق إحصائيات شبه رسمية، وعشرات المليارات من الدولارات منذ تدخلها لإنقاذ الأسد عام 2012 في معارك ضد المعارضة السورية.
وأكد خبراء، أن قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني لعب الدور الأبرز لإدارة العلاقة مع القاعدة منذ أن وفّر ملاذاً لعائلة أسامة بن لادن وقادة القاعدة، بعد فرارهم من أفغانستان عام 2001، وأنه بنى لهم مجمعاً سكنياً خاصاً في قلب معسكر تدريب تابع للحرس الثوري في طهران.
وقد لعب الدعم والتمويل الإيراني دوراً مهماً في إحياء تنظيم القاعدة الذي كان قوامه 400 شخص عندما نفذ هجمات 11 سبتمبر، وضرب البرجين التوأمين (وفقاً لأرقام مكتب التحقيقات الفيدرالي)، ثم تشتت التنظيم بسبب الغزو الأميركي لأفغانستان، لكنه انتعش مع ظهور تنظيم داعش عام 2013.
وبحسب الصنداي تايمز، يستخدم قاسم سليماني علاقاته مع القاعدة في مناوراته للعب على جميع أطراف الصراع لإبقاء إيران في الصدارة بامتلاكها كافة أوراق الجماعات المتطرفة.
ويفيد التقرير أنه من بين الأدلة على ذلك، مذكرات غير منشورة ومقابلات مع أعضاء كبار في القاعدة وعائلة بن لادن، تظهر كيف تدبر سليماني أمر العلاقة مع التنظيم الجهادي السني الذي تصفه الأوساط الإيرانية الرسمية بأنه إرهابي تكفيري".
ويضيف أن قادة القاعدة العسكريين أقاموا في طهران حتى عام 2015، عندما أرسل سليماني خمسة منهم إلى دمشق، من بينهم محمد المصري، محملين بمهمة الاتصال بمقاتلين وقادة من داعش، من أجل تشجيعهم على الانشقاق وتوحيد القاعدة وفلول داعش، بحسب تقارير استخباراتية أميركية.
وأكدت التقارير أن المصري هو "المخطط العملياتي الأكثر خبرة وقدرة من بين غير المعتقلين في الولايات المتحدة أو في أي دولة حليفة".
وتضيف المعلومات أن التنسيق بين قادة القاعدة وداعش يتم من خلال القائد العسكري لداعش سيف العدل، وهو عقيد سابق في الجيش المصري دخل في خلاف كبير مع زعيم التنظيم أيمن الظواهري، الذي أراد توحيد القاعدة وداعش في القتال في سوريا، لكن سيف العدل أصدر أوامر لمقاتليه بالانتظار إلى حين أن ينتهي تنظيم داعش"
ويرى خبراء أن علاقة إيران كنظام ولاية فقيه شيعي متطرف بالتنظيمات السنية المتطرفة كالقاعدة وحتى علاقة طهران السياسية والعسكرية مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي، كما مع جماعة الإخوان المسلمين، ليست موسمية كما يتخيل البعض، بل إن أيديولوجيا نظام الخميني متأثرة بمدرسة سيد قطب الإخوانية، حيث أخذت تنظيمات شيعية موالية لطهران مثل حزب الله في لبنان وبقية الميليشيات في العراق وسوريا وأفغانستان واليمن مفهوم "الجهاد" من هذه المدرسة، ولذا فهي علاقة أيديولوجية وتاريخية، فضلاً عن التقاء المصالح السياسية ما يجعل العلاقة بين نظام طهران الشيعي والمنظمات السنية المتطرفة علاقة دائمة.
وكانت وثائق " أبوت آباد" التي حصلت عليها القوات الأميركية من مخبأ زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن لدى مقتله عام 2011 في باكستان، ونشرتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية" (CIA) في نوفمبر الماضي، كشفت تفاصيل جزء من علاقة إيران بتنظيم القاعدة.
ومن بين 470 ألفاً من الوثائق التي تم الحصول عليها من مخبأ بن لادن، خصصت 19 صفحة من هذا الأرشيف الكبير لعلاقات القاعدة البارزة مع الحكومة الإيرانية.
وأظهرت إحدى الوثائق أن عضواً بارزاً في تنظيم القاعدة أكد في رسالة أن إيران مستعدة لتوفير كل ما يحتاجه تنظيم القاعدة، بما في ذلك الأموال والأسلحة، ومعسكرات تدريب لحزب الله في لبنان مقابل أن تقوم الجماعة الإرهابية، بالهجوم على مصالح أمريكا في المملكة العربية السعودية والخليج"، وذلك بحسب تحقيق قام به كل من "توماس جوسلين" و "بيل راجيف" الباحثان في "معهد الدفاع عن الديمقراطيات" حول تفاصيل الـ19 صفحة المرتبطة بعلاقات تنظيم القاعدة وإيران، من وثائق أبوت آباد.
ووفقاً للوثيقة، فإن أجهزة المخابرات الإيرانية، في بعض الحالات، سهلت إصدار تأشيرات لعناصر القاعدة المكلفين بتنفيذ عمليات، وفي الوقت نفسه قامت بإيواء مجاميع أخرى".
وجاء في وثيقة أخرى، أن "أجهزة الاستخبارات الإيرانية وافقت على تزويد عملاء القاعدة بتأشيرات سفر وتسهيلات، وإيواء أعضاء آخرين في تنظيم القاعدة، وقد تم التفاوض على الاتفاق مع إيران من قبل أبو حفص الموريتانى، أحد أعضاء القاعدة المؤثرين، قبل هجمات 11 سبتمبر الإرهابية.
وكانت محكمة أميركية في نيويورك، قد حكمت العام الماضي، بتغريم إيران لتورطها في التعاون مع القاعدة بهجمات 11 سبتمبر بـ10.7 مليار دولار، وغرامات أخرى تصل إلى 21 مليار دولار لعوائل ضحايا أميركيين سقطوا في تفجيرات في السعودية ولبنان والكويت نفذتها خلايا الحرس الثوري الإيراني.