* تبني "داعش" لهجوم الأحواز يعزز اتهام الحرس بالتواطؤ
* هجمات مسلحة تطال الحرس الثوري في بلوشستان والأحواز
الأحواز - نهال محمد، دبي - (العربية نت)
تشن قوات الأمن الإيرانية حملة اعتقالات عشوائية واسعة في إقليم الأحواز العربي على خلفية الهجوم الذي وقع السبت الماضي في الإقليم العربي واستهدف عرضا عسكريا لقوات الحرس الثوري الإيراني وأسفر الهجوم عن مقتل نحو 29 شخصاً غالبيتهم من الحرس الثوري وإصابة العشرات، فيما كشفت مصادر أحوازية الجمعة عن "مقتل الشاب مصطفي نعيم الحيدري "22 عاماً" في سوق عبدالحميد بالأحواز، بنيران القوات الإيرانية"، في حين تهدد إيران بين فترة وأخرى باستهداف المعارضين في الخارج.
وذكرت مصادر أحوازية أن "السلطات الإيرانية اعتقلت نحو ألف شخص بتهمة التورط في العملية الأخيرة والنشاط السياسي المعادي للنظام الإيراني". وقالت المصادر إن "جميع المعتقلين نُقلوا إلى الزنزانات السرية التابعة للاستخبارات الإيرانية".
وبحسب وكالة ميزان التابعة للهيئة القضائية في إيران، قال وزير الاستخبارات الإيراني، محمود علوي، إن "شبكة كبيرة من المشتبه بهم قد تم اعتقالهم فيما يتصل بالهجوم"، مضيفاً أن "هؤلاء الناس سيواجهون عقاباً شديداً علي يد السلطات الإيرانية"، مشيراً إلى أن "قوات الأمن الإيرانية والشرطة يبحثون اعتقال المزيد من الأحوازيين".
وهدد مسؤولون بالسلطة القضائية في إيران "باعتقال جميع الأشخاص المشتبه بضلوعهم في هجوم المنصة بالأحواز".
وذكر ناشطون أحوازيون أن "تهديدات إيران لبعض الدول نتيجة الفشل الأمني الذي تشهده البلاد، مشيرين إلى أن "هجوم الأحواز رد فعل طبيعي على الظلم والاستبداد الذي يتعرض له مواطني الأحواز"، مطالبين "النظام الإيراني بتغيير سلوكه السياسي في المنطقة والتوقف عن دعم الإرهاب والتطرف".
وقال الناشطون الأحوازيون في تصريحات لـ "الوطن" إن "سكان الأحواز يناضلون من أجل حقوقهم منذ احتلال الأحواز في عام 1925 ويقاتلون النظام الحالي منذ عام 1979، وفي عام 1980، ساعدت الحكومة العراقية الأحوازيين على إنشاء جيش لمحاربة نظام الملالي، بعد أن أعدم النظام مئات الأحوازيين في مدينة المحمرة بحجة محاربة النظام الإيراني، إذن هذه العملية العسكرية ضد الحرس الثوري الإيراني هي عملية أحوازية كرد فعل ضد الجرائم الإيرانية".
هذا بينما تواصل قوات الأمن والشرطة والحرس الثوري حملة اعتقالات واسعة في مدن إقليم الأحواز، حيث أفادت منظمات حقوقية بأن حوالي 500 شخص تم اعتقالهم خلال الأيام القليلة الماضية، شملت ناشطين ومثقفين ومواطنين عاديين بتهم صلتهم بجماعات سياسية في الخارج.
ويقول ناشطون أحوازيون إن هذه الاعتقالات تعد أحد أسباب تواطؤ استخبارات الحرس الثوري مع "داعش"، حيث يريد النظام عسكرة الإقليم والبدء بتنفيذ إعدامات سياسية ضد السجناء السياسيين وقمع الحراك السلمي والمظاهرات التي تخرج بين الفينة والأخرى ضد النظام وسياسات الحكومة.
كما تصر جهات سياسية وشخصيات إيرانية معارضة على الربط بين هجوم الأحواز وهجوم مجلس الشورى "البرلمان" الإيراني في 7 يونيو 2017، حيث اتهم النائب الإيراني محمد دهقان، في حينه، عناصر متنفذة في أجهزة الاستخبارات الإيرانية متورطة في هجمات طهران الدامية، من خلال تسهيل مهمة عناصر تنظيم "داعش" الذين اقتحموا البرلمان الإيراني وقبر الخميني.
وتبين فيما بعد أن عدداً من أعضاء المجموعة المنفذة كانوا أعضاء في "داعش"، ثم عادوا إلى إيران واعتقلتهم أجهزة استخبارات الحرس الثوري، ثم أطلقت سراحهم، ما عزز الشكوك حول تدبير كل العملية من قبل النظام.
كذلك تم ربط هجوم الأحواز بهجمات شنها الحرس الثوري قبل أسبوعين على مقرات الأحزاب الكردية بالصواريخ والإعدامات التي نفذت ضد نشطاء أكراد في السجون بتهمة "زعزعة الأمن القومي"، فضلا عن عمليات الاغتيال للنشطاء السياسيين التي قام بها النظام في أوروبا، ومحاولة تفجير مؤتمر المعارضة الإيراني في باريس خلال الأشهر الماضية.
وبينما أدى هجوم الأحواز في 22 سبتمبر الجاري إلى مقتل 29 شخصاً، معظمهم من عناصر الحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى 60 جريحاً، ربط عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، حسين نقوي حسيني، الحادث بـ"اختراق أمني"، وقال إن "الفيديوهات أظهرت أن المهاجمين استمروا بإطلاق النار على العرض العسكري لمدة 12 دقيقة ولم يطلق أحد النار عليهم".
عدم الشفافية
ومازالت تصريحات المسؤولين المتناقضة وعدم الشفافية في الرواية الرسمية تلقي بظلالها على حقيقة منفذي الهجوم، حيث إن الأسماء التي أعلنها نواب البرلمان وبعض وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية تختلف مع الأسماء التي نشرتها وزارة الاستخبارات.
كما أن السلطات أكدت أن الشخص الخامس حسن درويشي، غير عربي وجاء من محافظة أخرى، ومازال مصيره غير معروف، وقد يكون لا يزال محتجزاً، حيث أعلن الحرس الثوري في اليوم الأول من الهجوم اعتقال أحد المنفذين، وبث فيديو يظهر ذلك، ما يعزز الشكوك حول أن هذا الشخص قد يكون عنصراً متنفذاً لاستخبارات الحرس الثوري داخل المجموعة الداعشية، بحسب ما يرى محللون إيرانيون.
وتبنى تنظيم الدولة "داعش" مجدداً، هجوم الأحواز الأخير على العرض العسكري الإيراني، بينما نفى نائب إيراني صلة أية مجموعة أحوازية بالهجوم، مؤكداً أن التحقيقات أثبتت أن "داعش" يقف وراءه، وسط تزايد الشكوك والاتهامات لجهاز استخبارات الحرس الثوري بالتورط في الهجوم من خلال التواطؤ مع تنظيم "داعش" لتحقيق أهداف داخلية وخارجية لصالح النظام، بحسب ما يقول ناشطون وشخصيات من المعارضة الإيرانية.
ونشرت حسابات عبر موقع "تويتر" بياناً لتنظيم "داعش" منشور على صحيفة "النبأ" التابعة للتنظيم يتبنى هجوم الأحواز ويهدد بتنفيذ عمليات أخرى ضد إيران.
ولم يتسنَّ التأكد من صحة وجود هذه الصحيفة التي ادعت أن منفذي هجوم الأحواز الخمسة هم "أبو أسامة وأبو فارس وأبو مارية وأبو الصديق وهم من الأحواز، إضافة لأبي إبراهيم الفارسي" من محافظة إيرانية أخرى.
من جهتها، ذكرت وكالة "رويترز" أن المتحدث باسم "داعش"، أبي الحسن المهاجر، أعلن في تسجيل صوتي، أن "الهجوم الذي استهدف السبت الماضي عرضاً عسكرياً في مدينة الأحواز جنوب غرب إيران لن يكون الأخير".
وبحسب الوكالة، فقد أكد المهاجر في التسجيل الذي بثته حسابات مرتبطة بداعش، الأربعاء، مسؤولية التنظيم عن هجوم الأحواز، متوعدا إيران "بهجمات جديدة داخل أراضيها".
وأشار المتحدث باسم داعش إلى أن "الهجوم العسكري في الأحواز أثبت ضعف القبضة الأمنية للإيرانيين"، بحسب التسجيل الصوتي المنشور عبر مواقع التواصل.
وكان التنظيم قد نشر مقطعاً عبر وكالة "أعماق" التابعة له، يظهر 3 أشخاص في سيارة يرتدون زي ميليشيات الباسيج التابعة للحرس الثوري، حيث تحدث اثنان منهم بالعربية عن توجههم نحو "الجهاد"، بينما تحدث الثالث بالفارسية بلجهة محلية، عن "نيتهم القيام بعملية نوعية ضد الكفار والحرس الثوري"، بحسب ما صرحوا به أمام الكاميرا.
من جهته، قال النائب عن مدينة الأحواز في البرلمان الإيراني جواد كاظم نسب الباجي، لوكالة الأنباء الإيرانية "إرنا"، أن "الأدلة والوثائق التي تم ضبطها في منزل كان مقراً للمجموعة المنفذة للهجوم أن المنفذين ينتمون لداعش".
وأضاف أن "شريط الفيديو المنشور على موقع ذي صلة بداعش "أعماق"، إضافة إلى الخطاب المستخدم من قبل المهاجمين في هذا الفيديو، تشير كلها إلى أن الحادث ليس من عمل جماعات الانفصاليين الأحوازيين".
وفي إشارة إلى تحديد هوية منفذي الهجوم المسلح، قال إنهم كل من " أحمد منصوري وشقيقه محمود منصوري وجواد سواري وعلي بدوي، وهناك رجل آخر ينتمي لمحافظة أخرى لكن لم يتم تحديد هويته بشكل واضح"، حسب تعبيره.
هذا بينما أعلنت وزارة الاستخبارات الإيرانية في بيان، الإثنين، أرفقته بصور منفذي الهجوم، أن المهاجمين الخمسة هم ثلاثة إخوة من عائلة واحدة، إياد وفؤاد وأحمد منصوري، والرابع هو جواد ساري، أما الخامس فهو حسن درويشي، الذي كان يتحدث الفارسية بلهجة القومية اللورية في شريط "داعش"، ما يفند ادعاء الوزارة بأن المجموعة المنفذة هي "عربية انفصالية أحوازية"، حيث إنها تضم شخصاً غير عربي.
من جهته، أكد النائب جواد الباجي أن "أحمد ومحمود منصوري المنفذين اللذين قتلا في الهجوم كان لديهما شقيقان آخران لقيا مصرعهما بصفوف تنظيم "داعش" في سوريا من قبل".
وقال النائب إن "الأشخاص الذين يتحدثون في الفيديو المنشور لديهم خطاب أيديولوجي وديني متطرف، ويعتبرون أنفسهم جهاديين يقاتلون ضد الكفر، وهذا بعيد عن خطاب الجماعات الانفصالية الأحوازية التي تدافع عن قومية الشعب العربي وتدعو للانفصال"، حسب تعبيره.
كما قال إن "التحقيقات أظهرت أن الفيديو مرتبط بنفس الحادث، وأن صور الأشخاص تتطابق مع الإرهابيين الذين قتلوا في الحادث". وأضاف أنه "تم العثور على وثائق أخرى في منزل الجماعة الإرهابية مثل داعش".
ووسط توزيع الاتهامات الإيرانية على أمريكا وإسرائيل ودول عربية أخرى تارة، واتهام "مجموعات أحوازية" بالوقوف وراء الهجوم تارة أخرى، هدد نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، كلا من السعودية والإمارات، بعمليات انتقامية، في خطوة فسرها مراقبون بأنه تهديد يوحي بالإيعاز لميليشيات إيران وأذرعها في المنطقة بتنفيذ عمليات إرهابية جديدة.
ووفقا لوكالة "تسنيم" كان سلامي يتحدث قبيل خطبة الجمعة في طهران، حيث أشار إلى انتشار ميليشيات إيران في العراق واليمن وسوريا، قائلا إن الإسرائيليين يتنصتون في سوريا على الجهات الباكستانية والإيرانية والأفغانية والهندية واللبنانية، حسب تعبيره.
من جهة أخرى، هاجمت مجموعات مسلحة مقرات للحرس الثوري الإيراني في إقليمي بلوشستان والأحواز، حيث أعلنت وسائل إعلام إيرانية عن وقوع اشتباكات دامية في مدينة سراوان جنوب شرق إيران، وحرق مقر للحرس بمدينة الفلاحية جنوب إقليم الأحواز.
ووفقاً لوكالة الأنباء الإيرانية "إرنا"، فقد وقعت اشتباكات مع مجموعة مسلحة اقتحمت المخفر الحدودي رقم 163 الواقع في مدينة سراوان، وقتلت 4 من المهاجمين.
وبحسب الوكالة، فقد أصيب اثنان آخران من المسلحين خلال تبادل كثيف للنار بينما تمكن باقي عناصر المجموعة من الهروب إلى الأراضي الباكستانية.
ويشهد إقليم بلوشستان ذو الأغلبية السنية، والأكثر فقرا وتهميشا في إيران، مواجهات مسلحة وهجمات متواصلة تشنها مجموعات بلوشية مسلحة ضد قوات الأمن والحرس الثوري الذي يتولى أمن الحدود، بسبب ما تقول إنه رداً على ممارسات النظام الإيراني القمعية والتمييز الطائفي ضد الشعب البلوشي وأهل السنة في إيران.
وفي السياق، تداول ناشطون عبر مواقع التواصل مقطعا يظهر قيام مجموعة من الشبان بإحراق مقر للحرس الثوري في مدينة الفلاحية جنوب الأحواز، وسرعان ما ابتعدوا عن المكان مستقلين دراجات نارية.
وتأتي الأحداث عقب أيام من هجوم الأحواز في 22 سبتمبر الجاري، الذي استهدف عرضا عسكريا للقوات المسلحة الإيرانية وأوقع 25 قتيلاً معظمهم من عناصر الحرس الثوري والجيش الإيراني، إضافة إلى 60 جريحاً، دون معرفة الجهة التي تقف وراء الهجوم.
هذا بينما تستمر قوات الأمن والشرطة والحرس الثوري في حملة اعتقالات واسعة في مدن الإقليم، حيث أفادت منظمات حقوقية بأن حوالي 500 شخص تم اعتقالهم خلال الأيام القليلة الماضية شملت ناشطين ومثقفين ومواطنين عاديين بتهم صلتهم بجماعات سياسية في الخارج.
ويقول ناشطون أحوازيون إن هذه الاعتقالات تأتي بهدف عسكرة الإقليم والبدء بتنفيذ إعدامات سياسية ضد السجناء السياسيين، وقمع الحراك السلمي والمظاهرات التي تخرج بين الفينة والأخرى ضد النظام وسياسات الحكومة.
{{ article.visit_count }}
* هجمات مسلحة تطال الحرس الثوري في بلوشستان والأحواز
الأحواز - نهال محمد، دبي - (العربية نت)
تشن قوات الأمن الإيرانية حملة اعتقالات عشوائية واسعة في إقليم الأحواز العربي على خلفية الهجوم الذي وقع السبت الماضي في الإقليم العربي واستهدف عرضا عسكريا لقوات الحرس الثوري الإيراني وأسفر الهجوم عن مقتل نحو 29 شخصاً غالبيتهم من الحرس الثوري وإصابة العشرات، فيما كشفت مصادر أحوازية الجمعة عن "مقتل الشاب مصطفي نعيم الحيدري "22 عاماً" في سوق عبدالحميد بالأحواز، بنيران القوات الإيرانية"، في حين تهدد إيران بين فترة وأخرى باستهداف المعارضين في الخارج.
وذكرت مصادر أحوازية أن "السلطات الإيرانية اعتقلت نحو ألف شخص بتهمة التورط في العملية الأخيرة والنشاط السياسي المعادي للنظام الإيراني". وقالت المصادر إن "جميع المعتقلين نُقلوا إلى الزنزانات السرية التابعة للاستخبارات الإيرانية".
وبحسب وكالة ميزان التابعة للهيئة القضائية في إيران، قال وزير الاستخبارات الإيراني، محمود علوي، إن "شبكة كبيرة من المشتبه بهم قد تم اعتقالهم فيما يتصل بالهجوم"، مضيفاً أن "هؤلاء الناس سيواجهون عقاباً شديداً علي يد السلطات الإيرانية"، مشيراً إلى أن "قوات الأمن الإيرانية والشرطة يبحثون اعتقال المزيد من الأحوازيين".
وهدد مسؤولون بالسلطة القضائية في إيران "باعتقال جميع الأشخاص المشتبه بضلوعهم في هجوم المنصة بالأحواز".
وذكر ناشطون أحوازيون أن "تهديدات إيران لبعض الدول نتيجة الفشل الأمني الذي تشهده البلاد، مشيرين إلى أن "هجوم الأحواز رد فعل طبيعي على الظلم والاستبداد الذي يتعرض له مواطني الأحواز"، مطالبين "النظام الإيراني بتغيير سلوكه السياسي في المنطقة والتوقف عن دعم الإرهاب والتطرف".
وقال الناشطون الأحوازيون في تصريحات لـ "الوطن" إن "سكان الأحواز يناضلون من أجل حقوقهم منذ احتلال الأحواز في عام 1925 ويقاتلون النظام الحالي منذ عام 1979، وفي عام 1980، ساعدت الحكومة العراقية الأحوازيين على إنشاء جيش لمحاربة نظام الملالي، بعد أن أعدم النظام مئات الأحوازيين في مدينة المحمرة بحجة محاربة النظام الإيراني، إذن هذه العملية العسكرية ضد الحرس الثوري الإيراني هي عملية أحوازية كرد فعل ضد الجرائم الإيرانية".
هذا بينما تواصل قوات الأمن والشرطة والحرس الثوري حملة اعتقالات واسعة في مدن إقليم الأحواز، حيث أفادت منظمات حقوقية بأن حوالي 500 شخص تم اعتقالهم خلال الأيام القليلة الماضية، شملت ناشطين ومثقفين ومواطنين عاديين بتهم صلتهم بجماعات سياسية في الخارج.
ويقول ناشطون أحوازيون إن هذه الاعتقالات تعد أحد أسباب تواطؤ استخبارات الحرس الثوري مع "داعش"، حيث يريد النظام عسكرة الإقليم والبدء بتنفيذ إعدامات سياسية ضد السجناء السياسيين وقمع الحراك السلمي والمظاهرات التي تخرج بين الفينة والأخرى ضد النظام وسياسات الحكومة.
كما تصر جهات سياسية وشخصيات إيرانية معارضة على الربط بين هجوم الأحواز وهجوم مجلس الشورى "البرلمان" الإيراني في 7 يونيو 2017، حيث اتهم النائب الإيراني محمد دهقان، في حينه، عناصر متنفذة في أجهزة الاستخبارات الإيرانية متورطة في هجمات طهران الدامية، من خلال تسهيل مهمة عناصر تنظيم "داعش" الذين اقتحموا البرلمان الإيراني وقبر الخميني.
وتبين فيما بعد أن عدداً من أعضاء المجموعة المنفذة كانوا أعضاء في "داعش"، ثم عادوا إلى إيران واعتقلتهم أجهزة استخبارات الحرس الثوري، ثم أطلقت سراحهم، ما عزز الشكوك حول تدبير كل العملية من قبل النظام.
كذلك تم ربط هجوم الأحواز بهجمات شنها الحرس الثوري قبل أسبوعين على مقرات الأحزاب الكردية بالصواريخ والإعدامات التي نفذت ضد نشطاء أكراد في السجون بتهمة "زعزعة الأمن القومي"، فضلا عن عمليات الاغتيال للنشطاء السياسيين التي قام بها النظام في أوروبا، ومحاولة تفجير مؤتمر المعارضة الإيراني في باريس خلال الأشهر الماضية.
وبينما أدى هجوم الأحواز في 22 سبتمبر الجاري إلى مقتل 29 شخصاً، معظمهم من عناصر الحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى 60 جريحاً، ربط عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، حسين نقوي حسيني، الحادث بـ"اختراق أمني"، وقال إن "الفيديوهات أظهرت أن المهاجمين استمروا بإطلاق النار على العرض العسكري لمدة 12 دقيقة ولم يطلق أحد النار عليهم".
عدم الشفافية
ومازالت تصريحات المسؤولين المتناقضة وعدم الشفافية في الرواية الرسمية تلقي بظلالها على حقيقة منفذي الهجوم، حيث إن الأسماء التي أعلنها نواب البرلمان وبعض وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية تختلف مع الأسماء التي نشرتها وزارة الاستخبارات.
كما أن السلطات أكدت أن الشخص الخامس حسن درويشي، غير عربي وجاء من محافظة أخرى، ومازال مصيره غير معروف، وقد يكون لا يزال محتجزاً، حيث أعلن الحرس الثوري في اليوم الأول من الهجوم اعتقال أحد المنفذين، وبث فيديو يظهر ذلك، ما يعزز الشكوك حول أن هذا الشخص قد يكون عنصراً متنفذاً لاستخبارات الحرس الثوري داخل المجموعة الداعشية، بحسب ما يرى محللون إيرانيون.
وتبنى تنظيم الدولة "داعش" مجدداً، هجوم الأحواز الأخير على العرض العسكري الإيراني، بينما نفى نائب إيراني صلة أية مجموعة أحوازية بالهجوم، مؤكداً أن التحقيقات أثبتت أن "داعش" يقف وراءه، وسط تزايد الشكوك والاتهامات لجهاز استخبارات الحرس الثوري بالتورط في الهجوم من خلال التواطؤ مع تنظيم "داعش" لتحقيق أهداف داخلية وخارجية لصالح النظام، بحسب ما يقول ناشطون وشخصيات من المعارضة الإيرانية.
ونشرت حسابات عبر موقع "تويتر" بياناً لتنظيم "داعش" منشور على صحيفة "النبأ" التابعة للتنظيم يتبنى هجوم الأحواز ويهدد بتنفيذ عمليات أخرى ضد إيران.
ولم يتسنَّ التأكد من صحة وجود هذه الصحيفة التي ادعت أن منفذي هجوم الأحواز الخمسة هم "أبو أسامة وأبو فارس وأبو مارية وأبو الصديق وهم من الأحواز، إضافة لأبي إبراهيم الفارسي" من محافظة إيرانية أخرى.
من جهتها، ذكرت وكالة "رويترز" أن المتحدث باسم "داعش"، أبي الحسن المهاجر، أعلن في تسجيل صوتي، أن "الهجوم الذي استهدف السبت الماضي عرضاً عسكرياً في مدينة الأحواز جنوب غرب إيران لن يكون الأخير".
وبحسب الوكالة، فقد أكد المهاجر في التسجيل الذي بثته حسابات مرتبطة بداعش، الأربعاء، مسؤولية التنظيم عن هجوم الأحواز، متوعدا إيران "بهجمات جديدة داخل أراضيها".
وأشار المتحدث باسم داعش إلى أن "الهجوم العسكري في الأحواز أثبت ضعف القبضة الأمنية للإيرانيين"، بحسب التسجيل الصوتي المنشور عبر مواقع التواصل.
وكان التنظيم قد نشر مقطعاً عبر وكالة "أعماق" التابعة له، يظهر 3 أشخاص في سيارة يرتدون زي ميليشيات الباسيج التابعة للحرس الثوري، حيث تحدث اثنان منهم بالعربية عن توجههم نحو "الجهاد"، بينما تحدث الثالث بالفارسية بلجهة محلية، عن "نيتهم القيام بعملية نوعية ضد الكفار والحرس الثوري"، بحسب ما صرحوا به أمام الكاميرا.
من جهته، قال النائب عن مدينة الأحواز في البرلمان الإيراني جواد كاظم نسب الباجي، لوكالة الأنباء الإيرانية "إرنا"، أن "الأدلة والوثائق التي تم ضبطها في منزل كان مقراً للمجموعة المنفذة للهجوم أن المنفذين ينتمون لداعش".
وأضاف أن "شريط الفيديو المنشور على موقع ذي صلة بداعش "أعماق"، إضافة إلى الخطاب المستخدم من قبل المهاجمين في هذا الفيديو، تشير كلها إلى أن الحادث ليس من عمل جماعات الانفصاليين الأحوازيين".
وفي إشارة إلى تحديد هوية منفذي الهجوم المسلح، قال إنهم كل من " أحمد منصوري وشقيقه محمود منصوري وجواد سواري وعلي بدوي، وهناك رجل آخر ينتمي لمحافظة أخرى لكن لم يتم تحديد هويته بشكل واضح"، حسب تعبيره.
هذا بينما أعلنت وزارة الاستخبارات الإيرانية في بيان، الإثنين، أرفقته بصور منفذي الهجوم، أن المهاجمين الخمسة هم ثلاثة إخوة من عائلة واحدة، إياد وفؤاد وأحمد منصوري، والرابع هو جواد ساري، أما الخامس فهو حسن درويشي، الذي كان يتحدث الفارسية بلهجة القومية اللورية في شريط "داعش"، ما يفند ادعاء الوزارة بأن المجموعة المنفذة هي "عربية انفصالية أحوازية"، حيث إنها تضم شخصاً غير عربي.
من جهته، أكد النائب جواد الباجي أن "أحمد ومحمود منصوري المنفذين اللذين قتلا في الهجوم كان لديهما شقيقان آخران لقيا مصرعهما بصفوف تنظيم "داعش" في سوريا من قبل".
وقال النائب إن "الأشخاص الذين يتحدثون في الفيديو المنشور لديهم خطاب أيديولوجي وديني متطرف، ويعتبرون أنفسهم جهاديين يقاتلون ضد الكفر، وهذا بعيد عن خطاب الجماعات الانفصالية الأحوازية التي تدافع عن قومية الشعب العربي وتدعو للانفصال"، حسب تعبيره.
كما قال إن "التحقيقات أظهرت أن الفيديو مرتبط بنفس الحادث، وأن صور الأشخاص تتطابق مع الإرهابيين الذين قتلوا في الحادث". وأضاف أنه "تم العثور على وثائق أخرى في منزل الجماعة الإرهابية مثل داعش".
ووسط توزيع الاتهامات الإيرانية على أمريكا وإسرائيل ودول عربية أخرى تارة، واتهام "مجموعات أحوازية" بالوقوف وراء الهجوم تارة أخرى، هدد نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، كلا من السعودية والإمارات، بعمليات انتقامية، في خطوة فسرها مراقبون بأنه تهديد يوحي بالإيعاز لميليشيات إيران وأذرعها في المنطقة بتنفيذ عمليات إرهابية جديدة.
ووفقا لوكالة "تسنيم" كان سلامي يتحدث قبيل خطبة الجمعة في طهران، حيث أشار إلى انتشار ميليشيات إيران في العراق واليمن وسوريا، قائلا إن الإسرائيليين يتنصتون في سوريا على الجهات الباكستانية والإيرانية والأفغانية والهندية واللبنانية، حسب تعبيره.
من جهة أخرى، هاجمت مجموعات مسلحة مقرات للحرس الثوري الإيراني في إقليمي بلوشستان والأحواز، حيث أعلنت وسائل إعلام إيرانية عن وقوع اشتباكات دامية في مدينة سراوان جنوب شرق إيران، وحرق مقر للحرس بمدينة الفلاحية جنوب إقليم الأحواز.
ووفقاً لوكالة الأنباء الإيرانية "إرنا"، فقد وقعت اشتباكات مع مجموعة مسلحة اقتحمت المخفر الحدودي رقم 163 الواقع في مدينة سراوان، وقتلت 4 من المهاجمين.
وبحسب الوكالة، فقد أصيب اثنان آخران من المسلحين خلال تبادل كثيف للنار بينما تمكن باقي عناصر المجموعة من الهروب إلى الأراضي الباكستانية.
ويشهد إقليم بلوشستان ذو الأغلبية السنية، والأكثر فقرا وتهميشا في إيران، مواجهات مسلحة وهجمات متواصلة تشنها مجموعات بلوشية مسلحة ضد قوات الأمن والحرس الثوري الذي يتولى أمن الحدود، بسبب ما تقول إنه رداً على ممارسات النظام الإيراني القمعية والتمييز الطائفي ضد الشعب البلوشي وأهل السنة في إيران.
وفي السياق، تداول ناشطون عبر مواقع التواصل مقطعا يظهر قيام مجموعة من الشبان بإحراق مقر للحرس الثوري في مدينة الفلاحية جنوب الأحواز، وسرعان ما ابتعدوا عن المكان مستقلين دراجات نارية.
وتأتي الأحداث عقب أيام من هجوم الأحواز في 22 سبتمبر الجاري، الذي استهدف عرضا عسكريا للقوات المسلحة الإيرانية وأوقع 25 قتيلاً معظمهم من عناصر الحرس الثوري والجيش الإيراني، إضافة إلى 60 جريحاً، دون معرفة الجهة التي تقف وراء الهجوم.
هذا بينما تستمر قوات الأمن والشرطة والحرس الثوري في حملة اعتقالات واسعة في مدن الإقليم، حيث أفادت منظمات حقوقية بأن حوالي 500 شخص تم اعتقالهم خلال الأيام القليلة الماضية شملت ناشطين ومثقفين ومواطنين عاديين بتهم صلتهم بجماعات سياسية في الخارج.
ويقول ناشطون أحوازيون إن هذه الاعتقالات تأتي بهدف عسكرة الإقليم والبدء بتنفيذ إعدامات سياسية ضد السجناء السياسيين، وقمع الحراك السلمي والمظاهرات التي تخرج بين الفينة والأخرى ضد النظام وسياسات الحكومة.