واشنطن - (وكالات): قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية الأربعاء إن تركيا مقبلة على كارثة في جميع الأصعدة في ظل انتشار وباء كورونا (كوفيد19) وتدهور الوضع الاقتصادي ووجود رئيس يهتم بحماية سمعته بدلاً من حماية شعبه.

ووفقاً للمجلة فإنه في حال أصر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على "الاستمرار في المراهنة على أخطائه السابقة، فسوف يجلب المزيد من الدمار الاقتصادي لتركيا، مع عواقب مالية وجيوسياسية تستمر إلى ما بعد نهاية الوباء".

جاء هذا في مقال كتبه أيكان إردمير مدير برنامج تركيا في منظمة الدفاع عن الديمقراطيات" ومقرها في العاصمة الأمريكية واشنطن.

يتناول المقال الأوضاع الاقتصادية في تركيا قبل تفشي فيروس كورونا (كوفيد19) المستجد، حيث تعاني البلاد من ديون خارجية وتراجع مخيف في قيمة العملة المحلية، واحتمالية أن ينعكس انتشار الوباء بشكل أكبر على البلاد في المستقبل في حال لم يتراجع الرئيس رجب طيب إردوغان عن سياساته القمعية.

ويشير كاتب المقال إلى أن وباء كورونا(كوفيد19) وضع الحكومات والقطاع الخاص في معظم بلدان العالم على أهبة الاستعداد، لكن إردوغان وخلال سنوات من سوء الإدارة السياسية والاقتصادية، وضع بلاده في موقف يمكن أن يكون الأكثر ضعفاً في جميع الأسواق الناشئة الرئيسية حول العالم.

وتحتل تركيا التي سجلت 34 ألفاً و209 إصابات و725 وفاة بالفيروس وفق أرقام رسمية صدرت الثلاثاء، المرتبة التاسعة بين الدول الأكثر تأثراً بالجائحة.

ولعل الأمر الأكثر إثارة للقلق في تركيا التي سجلت أول إصابة رسمياً في 11 مارس، هو سرعة انتشار المرض حيث يتضاعف عدد الإصابات كل عدة أيام. فبعدما كان عدد الإصابات 7400 في 28 مارس، بلغ 15 ألفاً في الأول من أبريل، ليتجاوز 30 ألفاً الاثنين، وفق الأرقام الرسمية.

ومع ذلك، يؤكد إردمير أن هناك قلقاً من أن هذه الأرقام هي أقل بكثير من العدد الحقيقي لحجم انتشار الوباء في تركيا، حيث يتوقع الخبراء أن عدد الوفيات قد يتجاوز خمسة آلاف بحلول منتصف هذا الشهر.

وما قد يزيد الطين بله وفقاً لكاتب المقال، هو أنه رغم امتلاك تركيا نظام رعاية صحي متطوراً قياساً بدول الجوار، إلا أن البلاد تعتبر متخلفة قياساً بدول الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بعدد الأطباء مقارنة بحجم السكان.

إيطاليا، على سبيل المثال، لديها أكثر من ضعف الأطباء وثلاثة أضعاف عدد الممرضات مقارنة بتركيا، فيما الجميع رأى كيف عانت إيطاليا لمواجهة آثار وباء كورونا(كوفيد19).

ومما قد يجعل الأمور أسوأ، قيام تركيا منذ الانقلاب الفاشل للبلاد في يوليو 2016 بطرد أكثر من 150 ألف موظف مدني، نحو 15 ألفاً منهم يعملون في قطاع الرعاية الصحية.

وأضاف لذلك يرى الكاتب أن الأزمة المالية والصحية العامة المزدوجة في تركيا قد أخرجت أسوأ ما في داخل إردوغان فيما يتعلق بمحاولات التشبث بالسلطة.

حيث اختفى الرجل من المشهد منذ الإعلان عن انتشار الوباء في البلاد، تاركاً مهمة التواصل مع الجمهور لوزير الصحة فخر الدين قوجة، الذي يتوقع أن يكون كبش فداء في المستقبل.

وفى الوقت نفسه، وجد الرئيس التركي في جائحة الفيروس فرصة أخرى لمزيد من إجراءات توطيد سلطته عن طريق إدخال تدابير قاسية، بعد أن تم اعتقال المئات لمجرد مشاركتهم معلومات عن الفيروس في وسائل التواصل الاجتماعي.

كما تم استجواب ثمانية صحافيين بعد نشرهم تقارير عن الوباء، فيما قام إردوغان نفسه بتقديم شكوى ضد صحافية تعمل في قناة "فوكس" بتهمة "نشر الأكاذيب والتلاعب بالجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي".

ونفذ إردوغان حملة مضايقات استهدفت معارضيه في أنقرة وإسطنبول وباقي المدن التركية الرئيسية، بالتزامن مع انشغال الناس بأزمة انتشار فيروس كورونا(كوفيد19) المستجد.

ويختتم كاتب المقال بالتأكيد على أن سجل إردوغان حافل بعمليات استغلال الأزمات السياسية والاقتصادية لتنفيذ حملات قمع.