العربية.نت
مع الإعلان عن بدء علاقات اقتصادية وتجارية بين إسرائيل والسودان، كسر هذا البلد منذ يوم الجمعة مقاطعة وعداء استمر عقوداً، منتقلاً من مرحلة ما يعرف بـ "اللاءات الثلاث" (لا للتفاوض والسلام والاعتراف بإسرائيل) إلى محاولة التقارب وإرساء علاقات متبادلة بين البلدين.
وعلى الرغم من أن الحكومة الانتقالية دأبت منذ أكثر من شهرين على التأكيد على أن "التطبيع" مع إسرائيل يعود إلى البرلمان (الذي لم يشكل بعد) على الرغم من مضي سنة على التغيير الذي شهدته البلاد، وعزل الرئيس السابق عمر البشير، إلا أن قطار العلاقات المتبادلة انطلق على ما يبدو، ليصبح السودان ثالث بلد يعلن زوال حال العداء مع إسرائيل خلال هذه السنة.
أما من فتح باب هذا التقارب إلى جانب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فكانت سيدة سودانية، اسمها نجوى قدح الدم.
فقد شغلت تلك السفيرة السودانية سابقا منصب مستشارة الرئيس الأوغندي، يوري موسيفيني، وكانت مقربة جدا منه، ما فتح أمامها باب العلاقة مع إسرائيل، فبدأت قبل أشهر عدة اتصالات لترتيب لقاء بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ورئيس المجلس السيادي، عبد الفتاح البرهان.
كورونا وقدح الدم
وفي إطار التقدير لجهودها هذه، أرسلت إسرائيل في مايو الماضي طائرة لإجلائها إثر إصابتها بفيروس كورونا وتدهور حالتها الصحية، إلا أن الأطباء أكدوا في حينه أن حالتها لا تسمح لها بالسفر، لتتوفى لاحقاً، جراء مضاعفات إصابتها بكوفيد 19.
لكن الدرب الذي فتحته ابنة مدينة أم درمان غرب الخرطوم، ظل سالكا إلى أن توج قبل أيام بالإعلان عن الاتفاق السوداني الإسرائيلي.
يشار إلى أن نجوى ولدت في أم درمان وقضت مراحل المدرسة فيها، ثم انتقلت إلى العاصمة السودانية حيث أكملت دراستها الجامعية ملتحقة بكلية الهندسة الميكانيكية.
وتخرجت عام 1989، ثم عُيّنت ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ تدريس في جاﻣﻌﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ، لتبتعث لاحقا للدراسات العليا ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﺸﻤﺴﻴﺔ في أﻟﻤﺎﻧﻴﺎ، حيث تزوجت أستاذها أحمد نومان، ألماني الجنسية، وأقاما ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻤﺴﺎ ﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﻌﻤﻞ مع ابنتهما الوحيدة قبل أن تنفصل عنه. وهناك التقت بالرئيس الأوغندي يوري موسفني، فتوطدت العلاقة بينهما.
ملف جنوب السودان
عملت لاحقا على ملف السلام في جنوب السودان، وبرز اسمها حين منحها البشير وسام النيلين عام 2018 وحصلت على جواز سفر دبلوماسي سوداني بدرجة سفير للمهام الخاصة.
وعلى الرغم من إعفائها من مهامها عبر لجنة إزالة التمكين العام الماضي إلا أنها واصلت العمل على ملف العلاقات مع إسرائيل، بحسب ما أفادت صحيفة الإندبندنت.
استكمال المسار
إذا المسار الذي فتحته تلك السفيرة السودانية يبدو أنه سيستكمل بعد وفاتها بأشهر عدة. فقد أعلن وزير الاستخبارات الإسرائيلي، إيلي كوهين، في تصريحات صحافية أن "وفدا سودانيا سيزور تل أبيب قريبا، وإنه سيتوجه لاحقا إلى الخرطوم، على رأس وفد إسرائيلي".
كما أكد أن إسرائيل ستتعاون مع السودان في عدة مجالات، وتوقع إقامة تعاون أمني بين البلدين، وتبادل للسلع وللاستثمارات.
بدوره، كرر أوفير جندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد، تأكيده أن وفدا إسرائيليا سيصل الخرطوم خلال الأيام القادمة لاستكمال الاتفاقيات.
وكان نتنياهو وجه الشكر لرئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان ورئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك على قراراتهما التاريخية بشأن العلاقة مع إسرائيل.
وأعلن أمس أيضاً أن وفدا إسرائيليا سيتوجه إلى السودان في الأيام القادمة بعد اتفاق البلدين على اتخاذ خطوات لتطبيع العلاقات.
تباين وجدل
يذكر أن الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وأُعلن الجمعة، خلق بعض التباين بين عدد من القادة العسكريين والمدنيين في الحكومة السودانية الانتقالية بشأن وتيرة التحرك صوب إسرائيل ومداها.
ويرغب رئيس الوزراء السوداني في موافقة البرلمان الذي لم يتشكل بعد للمضي قدما في توسيع نطاق هذه العملية.
يشار إلى أن قرار الرئيس الأميركي رفع اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب كان مهد الطريق أمام الاتفاق.
وأبرم ترمب الاتفاق الإسرائيلي السوداني خلال اتصال هاتفي قبل أيام مع نتنياهو وحمدوك.