سلطت وكالة "أسوشيتد برس" الضوء على ما وصفته بـ"الدور الأساسي" الذي لعبته الولايات المتحدة في استهداف "الموساد" الإسرائيلي الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أبو محمد المصري، الذي اغتيل قبل ثلاثة أشهر رمياً بالرصاص في العاصمة الإيرانية طهران.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" كشفت، الجمعة، أن عميلين إسرائيليين كانا يتصرفان بأمر من الولايات المتحدة، أطلقا النار على عبد الله أحمد عبد الله، المعروف باسم أبو محمد المصري، من على متن دراجة نارية في 7 أغسطس، في الذكرى السابعة لتفجيرات السفارات الأميركية في إفريقيا.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن "من غير الواضح طبيعة الدور الذي لعبته الولايات المتحدة، والتي كانت تتعقب تحركات المصري ونشطاء آخرين من القاعدة في إيران منذ سنوات".

لكن أربعة مسؤولين حاليين وسابقين في الإدارة الأميركية، قالوا لـ"أسوشيتد برس" إن "الولايات المتحدة قدمت معلومات استخبارية لإسرائيل، حول المكان الذي يمكنهم العثور فيه على عبد الله، والاسم المستعار الذي كان يستخدمه".

وأكد مسؤول في الاستخبارات الوطنية الأميركية، وضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية على إطلاع على هذه العملية، إن وحدة "كيدون" هي التي أشرفت على عملية الاغتيال، وهي وحدة تابعة للاستخبارات الإسرائيلية "الموساد"، وتتولى عادة استهداف الشخصيات الأكثر طلباً. وفي اللغة العبرية، تعني كلمة "كيدون" رأس الرمح.

وقال يوئيل جوزانسكي، من "معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي، والمحلل السابق للشؤون الإيرانية في مكتب رئيس الوزراء إن "من المعروف أن إيران تخفي شخصيات بارزة من تنظيم القاعدة".

وعلى الرغم من اعترافه بأنه لا يملك معلومات مباشرة عن مقتل أبو محمد المصري، إلا أن جوزانسكي قال إن "العملية المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، تعكس التعاون الاستخباراتي الوثيق بين البلدين، حيث تكون الولايات المتحدة عادة أقوى في الجوانب الفنية لجمع المعلومات الاستخباراتية، وإسرائيل بارعة في زرع عملائها خلف خطوط العدو".

أسباب استهداف أرملة حمزة بن لادن

العملية المذكورة، استهدفت أيضاً ابنة أبو محمد المصري، مريم، وهي أرملة حمزة بن لادن، نجل زعيم "القاعدة" السابق أسامة بن لادن. وقضى حمزة العام الماضي في عملية عسكرية أميركية، في منطقة حدودية بين باكستان وأفغانستان.

وأخبر مسؤول في الاستخبارات الوطنية الأميركية "أسوشيتد برس" أن مريم كانت مستهدفة أيضاً، لأن الولايات المتحدة اعتقدت أنها كانت مهيأة للقيام بدور قيادي في "القاعدة". وأشار إلى أنها شاركت في التخطيط العملياتي.

عملية اغتيال المصري، تمت في 7 أغسطس الماضي، في ذكرى استهداف سفارتي الولايات المتحدة في كل من العاصمة الكينية نيروبي، والعاصمة التنزانية دار السلام، وهي الهجمات التي شارك القيادي الثاني في "القاعدة" في التخطيط لها، وفقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي".

وامتنعت وكالة الاستخبارات المركزية، ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يشرف على الموساد، عن التعليق على هذه العملية لـ"أسوشيتد برس".

وخلال الفترة التي تم فيها تنفيذ العملية، كانت إدارة الرئيس دونالد ترمب في مراحل متقدمة من محاولة دفع مجلس الأمن الدولي لإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران التي انتهت في أكتوبر الماضي، بموجب الاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن.

ولم يوافق أي عضو في مجلس الأمن على الخطوات الأميركية، على الرغم من تعهد واشنطن بمعاقبة الدول التي لا تفرض العقوبات كجزء من حملة "الضغط الأقصى" على إيران.

قلق إسرائيلي

ووفقاً لـ"أسوشيتد برس"، يشعر المسؤولون الإسرائيليون بالقلق من احتمال عودة الإدارة المقبلة للرئيس المنتخب جو بايدن إلى الاتفاق النووي. وفي حال هذا الاحتمال، فمن المنتظر أن تضغط إسرائيل من أجل تعديل الاتفاق، بحيث يتناول برنامج إيران الصاروخي بعيد المدى، ونشاطها العسكري في المنطقة، وتحديداً في سوريا، ودعمها لجماعات مثل "حزب الله" و"حماس"، و"الجهاد الإسلامي"، وجماعة الحوثي في اليمن.

ومن شأن الكشف عن إيواء إيران لزعيم القاعدة أن يساعد إسرائيل في تعزيز قضيتها مع الإدارة الأميركية الجديدة، وفقاً للوكالة.

ونفت إيران التقارير التي تتهمها بإيواء مسؤولين في "القاعدة"، وقالت إنها "لا تؤوي أياً من قادة التنظيم"، وألقت باللوم على الولايات المتحدة وإسرائيل في ما وصفته بأنه "محاولة إثارة المشاعر المعادية" لإيران.

ويعتقد المسؤولون الأميركيون منذ فترة طويلة أن عدداً من قادة تنظيم "القاعدة"، يعيشون بهدوء في إيران منذ سنوات.