ترجمات
يواجه الاتفاق النووي الذي أبرمته القوى الدولية مع إيران مزيدا من العقبات، التي تضعها الأخيرة، بفعل خروقات المتتالية لبنود الاتفاق، بينما تعمل خطوات إيران على تقليص المسافة التي تفصلها عن امتلاك سلاح الدمار الشامل.
وكان أحدث هذه الخروق قرار طهران، الاثنين، باستئناف تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 20 في المئة في منشأة تحت الأرض.
وتمثل هذه الخروق من طرف نظام الملالي تحديا كبيرا أمام الجهود الرامية لإحياء الاتفاق المبرم عام 2015.
وتمكن خطورة الأمر في أن الوقت اللازم للوصول إلى الحد الأدنى البالغ 90 بالمئة لليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة ينخفض إلى النصف بمجرد تخصيب اليورانيوم إلى حوالى 20 بالمئة.
ويمكن استخدام اليورانيوم منخفض التخصيب، الذي يحتوي على نسبة من U235 تتراوح بين 3 و4 بالمئة، لإنتاج الوقود لمحطات الطاقة النووية، لكن يمكن تخصيبه لنسبة 90 بالمئة المطلوبة لإنتاج قنابل نووية.
وكان الاتفاق النووي كان يرمي إلى هدف واحد: إطالة الوقت اللازم أمام طهران لإنتاج المواد الانشطارية ضرورية لصنع قنبلة نووية من شهرين أو ثلاثة إلى عام على الأقل.
وبدأت طهران في خرق الاتفاق النووي تدريجيا بعدما انسحب منه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عام 2018، وأعاد فرض العقوبات الاقتصادية المشددة عليها.
وعمليا، أدت الخروق الإيرانية إلى اختصار الوقت اللازم أمام طهران لصنع سلاح الدمار الشامل.
وسعى الأوروبيون إلى إنقاذ الاتفاق، داعين الإيرانيين إلى الالتزام ببنود الاتفاق.
لكن النظام الإيراني استمر في انتهاك القيود المفروض عليه طبقا للاتفاق، على الرغم من تعاونه الشكلي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
مخزون اليورانيوم
ويحدد الاتفاق النووي مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنحو 202.8 كيلوغرام، وهو جزء صغير للغاية من أصل 8 أطنان كانت تمتلكها قبل الاتفاق. تجاوزت طهران هذا الحد عام 2019، إذ قالت الوكالة الدولية إن مخزونها ارتفع إلى كيلوغراما 2440، أي بأكثر 22 ضعفا من الحد المسموح به.
وكانت إيران قد انتهكت في يوليو 2019، الحد الأقصى لنقاء اليورانيوم المنصوص عليه في الاتفاق وهو 3.67 في المئة، لكنها رفعت التخصيب إلى 4.5 في المئة، لتعلن عن رفع إضافي، الاثنين يصل إلى 20 في المئة.
وبالنسبة إلى أجهزة الطرد المركزي، سمح الاتفاق لإيران بإنتاج اليورانيوم المخصب باستخدام 500 جهاز من الجيل الأول في منشأة نطنز، مع احتمال تشغيل عدد محدود من الأجهزة المطورة من الطرد المركزي فوق الأرض من دون مراكمة اليورانيوم المخصب، وقبل الأتفاق كان لدى إيران 19 ألف جهاز طرد مركزي.
وفي عام 2019، قالت الأمم المتحدة إن إيران بدأت في تخصيب اليورانيوم في أجهزة طرد مركزي فوق الأرض في نطنز. ومنذ ذلك الحين بدأت إيران نقل ثلاث مجموعات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة إلى مصنعها تحت الأرض.
وفي نوفمبر الماضي، قالت الوكالة الدولية إن إيران قامت بتغذية أول تلك المجموعات التي أعدتها تحت سطح الأرض بغاز سادس فلوريد اليورانيوم.
ويحظر الاتفاق تخصيب اليورانيوم في موقع فوردو الذي بنته إيران سرا في بطن جبل وكشفته أجهزة المخابرات الغربية في العام 2009. ويسمح بأجهزة الطرد المركزي في هذا الموقع لأغراض أخرى مثل إنتاج النظائر المشعة المستقرة، ولدى إيران الآن 1044 جهازا من نوع آي آر-1 للتخصيب في فوردو.
وقالت إيران الإثنين إنها تستأنف التخصيب بنسبة 20 بالمئة في فوردو، ما يعقد جهود إدارة جو بايدن للانضمام إلى الاتفاق مجددا.
ما مدى اقتراب إيران من امتلاك القنبلة؟
تتباين التقديرات الخاصة بالفترة التي تحتاجها إيران لامتلاك المواد اللازمة لصنع السلاح النووي.
ويقول كثيرون من الدبلوماسيين والخبراء النوويين إن نقطة البداية التي كانت عاما بموجب الاتفاق تقدير متحفظ، وإن إيران تحتاج وقتا أطول.
وفي نوفمبر، قدر ديفيد أولبرايت مفتش الأسلحة السابق في فرق الأمم المتحدة والذي يميل للتشدد فيما يتعلق بإيران أن الفترة اللازمة قد تكون قصيرة ربما تصل إلى ثلاثة شهور ونصف الشهر، رغم أن ذلك قائم على افتراض أن إيران ستستخدم ألفا من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي استبعدت بموجب الاتفاق.
قبنلة صغيرة في وقت قصير
إذا جمعت إيران مواد انشطارية كافية فستحتاج لتجميع قنبلة صغيرة الحجم على الأرجح بما يكفي لتركيبها على صواريخ باليستية.
والفترة التي يستغرقها ذلك على وجه الدقة ليست واضحة غير أن تخزين كمية كافية من المواد الانشطارية يعتبر على نطاق واسع أكبر عقبة في إنتاج السلاح النووي.
وتعتقد وكالات المخابرات الأمريكية والوكالة الدولية أن إيران امتلكت في فترة من الفترات برنامجا للسلاح النووي وأنها أوقفته. وثمة أدلة تشير إلى أن إيران حصلت على تصميم لقنبلة نووية ونفذت أعمالا مختلفة تتصل بتصنيعها.
ولا تزال إيران تتيح للوكالة الدولية تفتيش منشآتها النووية المعلنة وتسمح للمفتشين بزيارات مفاجئة في أماكن أخرى.
وفي 2020 سوت إيران والوكالة الدولية خلافا استمر عدة أشهر على السماح بدخول موقعين سابقين حامت حولهما الشبهات.